الإثنين, 19 مايو 2025 10:09 PM

القنيطرة تختنق عطشاً: الاحتلال الإسرائيلي يُفاقم أزمة المياه بتدمير الآبار ومنع الوصول إلى السدود

القنيطرة تختنق عطشاً: الاحتلال الإسرائيلي يُفاقم أزمة المياه بتدمير الآبار ومنع الوصول إلى السدود

تشهد مناطق عدة في محافظة القنيطرة جنوب سوريا أزمة مائية متفاقمة، في ظل مزيج معقّد من التغيرات المناخية، والتدخلات العسكرية، والإهمال الخدمي. ومع بداية موسم الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تزداد معاناة سكان القرى والبلدات المحاذية للجولان المحتل، خاصة في المناطق المنزوعة السلاح، التي باتت تشهد ضغوطًا مزدوجة بفعل العوامل البيئية من جهة، والتوغلات الإسرائيلية من جهة أخرى.

تشير المعلومات الميدانية إلى أن الجيش الإسرائيلي أنشأ ما يقارب تسع قواعد عسكرية داخل المنطقة العازلة في القنيطرة، بعد سنوات من التمدد غير المعلن منذ تراجع نفوذ النظام السوري في تلك المناطق. تمتد هذه القواعد من جبل الشيخ شمالًا وصولًا إلى جنوب المحافظة، ومن أبرزها: قاعدة جبل الشيخ، وتل الأحمر في بلدة كودنة، وقرص النحل، والحميدية، والعدنانية، بينما بقي مبنى المحافظة في محطة القنيطرة موقعًا استثنائيًا، إذ انسحب الاحتلال منه بعد دخوله لفترة محدودة.

وفي حديث خاص، قال الإعلامي نور الحسن ابن محافظة القنيطرة، إن قاعدة العدنانية على وجه التحديد تقع مقابل سد المنطرة، أحد أهم الموارد المائية في الجنوب السوري، وقد سعت قوات الاحتلال إلى منع الأهالي من الوصول إلى السد، خاصة في فترات الصيف، رغم كونه المصدر الوحيد المتبقي لتغذية المناطق المحرومة من المياه.

ويُذكر أن القيود على الوصول إلى مناطق القنيطرة ليست جديدة، إذ فرض النظام السوري سابقًا إجراءات ترخيص معقّدة حالت دون دخول أبناء المحافظات الأخرى وحتى بعض سكان الجولان إليها.

وفي سياق متصل، أكد الحسن أن قوات الاحتلال الإسرائيلي دمرت البئر الوحيد في بلدة كودنة عقب رفض الأهالي استلام مساعدات غذائية عُرضت عليهم مقابل السماح لهم بإصلاحه، واعتُبر العرض محاولة لابتزاز السكان الذين أصروا على موقفهم، ما أدى إلى حرمان القرية والمزارع المحيطة بها من المياه لأكثر من أربعة أشهر.

الأزمة تفاقمت قبل أيام قليلة، عندما تعرض بئر آخر قريب من تل الأحمر، ويغذي قرى مثل العشة، لإطلاق نار كثيف أدى إلى تعطيل وحدات الطاقة الخاصة به، ما تسبب بانقطاع المياه عن سبع قرى مجاورة كانت تعتمد عليه بشكل رئيسي.

من جهة أخرى، ساهمت قلة الأمطار لهذا الموسم في تعميق الأزمة، خاصة أن الينابيع الطبيعية في القنيطرة أصبحت شبه جافة. ويرى سكان محليون أن السبب لا يقتصر على العوامل المناخية، بل يمتد إلى الإجراءات التي اتخذها الاحتلال الإسرائيلي، مثل حفر خنادق وسواتر ترابية قرب السياج الفاصل مع الجولان المحتل، ما أدى إلى “قطع عروق المياه” المغذية لتلك الينابيع، بحسب تعبير الأهالي.

وتزيد هذه العوامل من الأعباء على السكان الذين يعانون أيضًا من ضعف الاستجابة الحكومية. في هذا السياق، أشار محمد الحسين، مدير مؤسسة مياه القنيطرة، في تصريح خاص، إلى أن “بئر كودنة الشمالي” تعرض لتدمير متعمد شمل تخريب خطوط التزويد الرئيسية، وسرقة مركز التحويل الكهربائي، وتدمير منظومة الطاقة الشمسية. وأكد أن المؤسسة عملت على إعادة تأهيل المحطة، وعاد الضخ إلى القرى المستفيدة، وهي: كودنة، الأصبح، العشة، منشية الفتيان، الحيادرة، ورسم سند، ويتم تزويد هذه التجمعات بالمياه مرة كل يومين أو ثلاثة.

ورغم هذه المحاولات لإعادة المياه إلى الأهالي، إلا أن سكان مناطق مثل العشة وكودنة يواصلون إطلاق مناشدات للجهات المعنية، في ظل تفاقم العطش، وارتفاع درجات الحرارة، وندرة الأمطار. ومع استمرار فتح سد المنطرة باتجاه وادي الرقاد لتغذية مناطق حوران، تتضاءل فرص محافظة القنيطرة بالحصول على حصة كافية من مياه السد، ما يضعها في مواجهة أزمة إنسانية حقيقية مع بداية موسم الصيف.

مشاركة المقال: