الأربعاء, 14 مايو 2025 07:10 PM

مخيم اليرموك: عودة بطيئة وسط غياب الخدمات وتحديات إعادة الإعمار

مخيم اليرموك: عودة بطيئة وسط غياب الخدمات وتحديات إعادة الإعمار

بعد سنوات من الحصار والدمار، عاد حوالي 2200 عائلة إلى مخيم اليرموك بعد التحرير، مقابل نحو 1800 عائلة كانت تقطنه خلال فترة سقوط النظام، وفق ما يؤكده عبد الناصر تميم من المكتب الإغاثي في المخيم. وأشار إلى أن الحواجز التي كانت سابقًا تبتز العائدين قد اختفت، مما شجع على عودة جزئية للسكان، رغم أن الخدمات ما تزال ضعيفة جدًا وغير منظمة.

خدمات غير منتظمة ومياه غير كافية

رغم عودة بعض السكان، لا توجد تغذية مائية مباشرة من الدولة. يشير عبد الناصر إلى أن النظام قام بتحويل مجرى المياه المغذية للمخيم، وأصبحت تعتمد حاليًا على المياه “الراجعة” من شبكة دمشق، والتي لا تغطي سوى 6% من الحاجة. ونتيجة لذلك، يلجأ السكان إلى الاعتداء على الشبكة أو شراء المياه عبر الصهاريج، بأسعار مرتفعة تتجاوز 50 ألف ليرة سورية للخزان الواحد.

نفايات، أنقاض، وتهديدات صحية

ينتشر الركام وبقايا الدمار في أنحاء المخيم، وهو العائق الأكبر أمام عودة أوسع للسكان. ورغم جهود تطوعية من سكان وتجار لترحيل القمامة، ما تزال الأحياء تعاني من انتشار النفايات، القوارض، والكلاب الشاردة. محمد حسن حمزات يوضح لمنصة “” أن المخيم بلا كهرباء أو مياه، ولا توجد أفران للخبز، ما يجبر السكان على التوجه لأحياء مجاورة مثل الزاهرة. ويؤكد أن سعر صهريج المياه وصل إلى 100 ألف ليرة، ما يزيد من حالة انعدام الأمن الغذائي التي تطال نحو 95% من السكان.

بنية تحتية منهكة ومخاوف بيئية

أشار تميم إلى أن محطة الصرف الصحي التي أُنشئت بدعم ياباني عام 2003 ما تزال قائمة، لكنها تحتاج إلى صيانة عاجلة. وفي حال تشغيلها مجددًا، يمكن حل نحو 60% من مشاكل الصرف الصحي. وحذر من كارثة بيئية محتملة في حال استمرار الإهمال، نتيجة احتمال تلوث المياه الجوفية.

جهود تطوعية وغياب للمنظمات

في ظل غياب دعم فعّال من المنظمات، يتعاون السكان عبر مبادرات مجتمعية لتأمين الحد الأدنى من النظافة والخدمات. وقال فهمي موعد، أحد سكان المخيم، إن الانعدام الكامل للخدمات يشكل العائق الأساسي أمام عودة الأهالي، داعيًا لتوفير المياه، الكهرباء، إزالة الأنقاض، وتفعيل الأفران.

واقع سياسي معقد

أوضح تميم أن وضع المخيم مرتبط بالحالة السياسية الفلسطينية، وقد تم تدميره بشكل ممنهج لمنع السكان من العودة. أما اليوم، فالوضع الإداري يبدو أفضل بعد “انسلاخ الحالة السياسية عن الحكومة الجديدة”، بحسب تعبيره، مؤكدًا أن المجتمع المحلي هو من يرفد الخدمات، مع بعض المساعدات المتقطعة من محافظات أخرى أو منظمات في الشمال السوري وتركيا. يُعدّ مخيم اليرموك جنوب العاصمة دمشق من أكبر المخيمات الفلسطينية في سوريا، أُنشئ عام 1957 كمأوى مؤقت للاجئين الفلسطينيين، وتحول لاحقًا إلى حي حضري مكتظ بالسكان، تجاوز عدد قاطنيه 160 ألف نسمة قبل 2011، معظمهم من الفلسطينيين إلى جانب سوريين. مع اندلاع الثورة السورية، بقي المخيم محايدًا نسبيًا في بدايته، لكن في أواخر 2012، دخلته فصائل المعارضة المسلحة، أبرزها “الجيش الحر”، بدعم من مجموعات فلسطينية كـ”أكناف بيت المقدس”، ما أدى إلى انسحاب جزئي لقوات النظام، وتحوّل المخيم إلى منطقة شبه خارجة عن سيطرة الحكومة. ردًا على ذلك، فرض النظام حصارًا خانقًا على المخيم منذ أواخر 2013، رافقته عمليات قصف وقنص، ما تسبب بكارثة إنسانية واسعة، خاصة مع منع إدخال المواد الغذائية والدوائية. في عام 2015، اجتاح تنظيم “داعش” أجزاء من المخيم، بعد معارك مع “أكناف بيت المقدس”، وسيطر على أجزاء واسعة منه، بينما انتشرت “جبهة النصرة” في مناطق أخرى. استمر الوضع الميداني معقدًا حتى عام 2018، حين شنت قوات النظام وميليشيات فلسطينية موالية عملية عسكرية واسعة، انتهت بسيطرة كاملة على المخيم، بعد اتفاقات ترحيل قسري لمقاتلي “داعش” ومجموعات أخرى نحو البادية السورية، لتبدأ مرحلة جديدة من التدمير والإخلاء، حتى الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، يوم سقوط نظام الأسد، حيث رحلت الميليشيات والحواجز، وبدأ أبناء المخيم بالعودة جزئيًا إليه.

مشاركة المقال: