الأربعاء, 30 أبريل 2025 04:39 PM

فضيحة تهز تركيا: اتهامات خطيرة تطال مسؤولين كبار بشبكة فساد ومافيا في قبرص

فضيحة تهز تركيا: اتهامات خطيرة تطال مسؤولين كبار بشبكة فساد ومافيا في قبرص

فجَّر رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزل قنبلة سياسية، مسلّطاً الضوء على شبكة علاقات مشبوهة بين شخصيات نافذة في الدولة التركية ورجل المافيا الراحل خليل فاليالي، الذي اغتيل في قبرص عام 2022. وتطال المزاعم أبناء وزراء ومسؤولين أمنيين بارزين، وتكشف عن منظومة مافيوية عابرة للحدود تديرها أطراف رسمية تركية في الظل.

وركّز أوزل في اتهاماته على أكرم سيريم، السفير السابق في قبرص ونجل مقصود سيريم، أحد المقربين من الرئيس رجب طيب أردوغان منذ فترة رئاسته لبلدية إسطنبول. يروي الصحافي الاستقصائي التركي جوهري غوفان آلية عمل شبكة الفساد بين تركيا وقبرص التركية، قائلاً إن فاليالي أنشأ ميناء خاصاً في الجزيرة، حيث يتوافد السياسيون والبيروقراطيون ورجال الأعمال إلى الكازينوهات والفنادق التي كان يديرها دون تسجيل قيود دخول، ويغادرون الجزيرة بعد ممارسة نشاطات مشبوهة.

ويضيف غوفان أن هذا الميناء لا يزال فعالاً وتديره عائلة فاليالي بعد اغتيال خليل، ويحظى بحماية القوات العسكرية التركية، حيث يتم السماح لسفن محددة عائدة لعائلة فاليالي بالرسو فيه ومغادرته دون قيود. قدّم جميل أونال، المدير المالي السابق لفاليالي، شهادات مهمة كشف فيها آلية تنفيذ عمليات غسيل الأموال، مسمّياً شخصيات سياسية وحزبية وعسكرية بارزة تلقّت رشاوى لضمان استمرارية الشبكة المعقّدة من الفساد والرشوة والجريمة المنظمة.

إرث خليل فاليالي لم يتضمن فقط ثروة طائلة، بل أيضاً شبكة معقدة من الأنشطة الإجرامية التي لا تزال تؤثر في الحكم والهياكل الاجتماعية في المنطقة. ووفّرت اعترافات أونال نظرة من الداخل على إمبراطورية فاليالي والعلاقة المتشابكة بين الجريمة المنظمة والسياسة الرسمية في تركيا.

يؤكد غوفان أن فاليالي "كان يقوم بتصوير ضيوفه من المسؤولين خلال ممارستهم نشاط القمار في الكازينو، ومن ثم أثناء انفرادهم مع الفتيات في غرف نوم الفندق، كآلية فعالة لحماية نفسه". وبحسب ادّعاءات أوزل، فقد قام أردوغان بتعيين أكرم سيريم سفيراً لدى جمهورية قبرص التركية، لكن مهمّته الأساسية كانت استعادة 45 شريطاً مصوراً لمسؤولين ورجال أعمال أتراك بارزين.

ويشير إلى أن سيريم قام بتسليم 40 شريطاً إلى وكالة المخابرات الوطنية التركية (MIT) واحتفظ بـ 5 منها، تحتوي على مقاطع تعود لنجل وزير الخارجية هاكان فيدان، خالد، ونجل رئيس الوزراء التركي الأسبق بن علي يلدريم. ووفق أوزل فإن "حجب الأشرطة الخمسة كان السبب وراء إقالة سيريم من مهامه"، فيما يؤكد غوفان أن "والده توسّط لدى الرئيس التركي من أجل إبقائه خارج السجن".

وساعدت علاقات عائلة سيريم السياسية القوية في صعودها داخل قبرص، حيث استخدم الأب والابن نفوذهما للحصول على امتيازات في قطاع العقارات ومشاريع أخرى. ويعتقد بأن الاحتفاظ بالأشرطة الخمسة المفقودة يهدف إلى الحفاظ على الثروة التي كوّنتها العائلة.

في كلمته أمام كتلته البرلمانية، قال أوزل إن "هناك تحويلات مالية ضخمة تمّت إلى حسابات في بريطانيا حينما كان السفير (سيريم) نائباً لوزير الخارجية، حجم الفضيحة لا يُصدق". وطالب أوزل بـ"مدعٍ عام واحد فقط يملك الشجاعة الكافية ليحقق مع هؤلاء".

وتعمل الاستخبارات التركية (MIT) على تتبع هذه الأشرطة، وتقول الصحافية اكين أن تورّط نجل فيدان نفسه، بالإضافة إلى أبناء مسؤولين آخرين على علاقة بفاليالي، أضعف قدرة الجهاز على حصر الأضرار. ووثّقت اكين كيف تحوّلت قبرص إلى ساحة لتصفية الحسابات بين الأجنحة داخل الدولة التركية، من خلال الأشرطة التي توثق لقاءات وصفقات مشبوهة.

ويقول غوفان "أتحدّث عن القضية منذ سنوات، لكن لم يتواصل معي أحد، لا من السياسيين ولا القضاة ولا حتى الصحافيين الموجودين داخل تركيا. واليوم عندما وصل البلل إلى ذقن المعارضة باعتقال أكرم إمام أوغلو، فطنوا لوجود مثل هذه الصفقات المشبوهة".

ويضيف: "ما أخشاه أن يكون الموضوع عبارة عن تلويح المعارضة بالعصا لأردوغان بهدف إغلاق ملفات الفضائح بشكل متبادل". وفيما يعتبر البعض في تركيا أن المعارضة تحاول استغلال الصراع الداخلي بين مؤسسات الدولة وعناصر إجرامية متغلغلة فيها، يشير غوفان إلى أن هذه التسريبات "ليست مجرد فضيحة فساد مالي، بل مؤشر على معركة داخلية حادة بين مراكز القوى في تركيا".

مشاركة المقال: