الأربعاء, 30 أبريل 2025 05:01 PM

غياب وتمثيل محدود: صور المحافظات السورية على فيسبوك تعكس تهميشًا لدور المرأة

غياب وتمثيل محدود: صور المحافظات السورية على فيسبوك تعكس تهميشًا لدور المرأة

يبدو أن الخطاب البصري لصفحات المحافظات السورية على فيسبوك يكرس صورة ذكورية للمؤسسات والفعاليات العامة، حيث تغيب النساء أو يظهرن في أدوار تقليدية محدودة، مثل الاحتفالات أو المبادرات الخيرية، بينما يغبن بشكل شبه كامل عن مواقع صنع القرار أو المشاركة السياسية الفاعلة.

سناك سوري-داليا عبد الكريم

على مدى 5 أيام (من 2 إلى 6 شباط)، رصد فريق سناك سوري صفحات المحافظات السورية لشهر كانون الثاني 2025، وتبين أن صور النساء في حدودها الدنيا، كما أن معظم الصور ملتقطة من الخلف. في الفعاليات الكبيرة، يتصدر الرجال المشهد في الصفوف الأمامية، ويتبقى عدد محدود من المقاعد للنساء في الصفوف الأخيرة.

كما أن النساء غبن بشكل كامل عن كل فعاليات لقاء وجهاء وأعيان القرى والبلدات، ما يعكس طبيعة المجتمع الذكوري، حيث لا يسمح للنساء عادة أن يكن بين الوجهاء!

دمشق: نساء متطوعات ومعلمات

عبر صفحة محافظة دمشق، التي تضمنت العديد من الفعاليات الخدمية واللقاءات، غابت صور النساء بشكل كبير، واقتصر تواجدهن في الفرق التطوعية، كذلك في حملة "رجعنا يا شام"، بينما كان التصوير من الخلف. كذلك الحال كان تصوير النساء اللواتي تواجدن في لقاء المحافظ مع الجالية السورية في أميركا.

أما المفاجأة فكانت غياب التمثيل النسائي في جلسة وزارة الإعلام الحوارية، والتي قالت صفحة المحافظة إن نخبة من الإعلاميين حضروها، حيث حضرت عدة نساء قلائل مقابل عدد كبير من الذكور، وكالعادة كان التصوير إما من الخلف أو عن مسافة بعيدة بخلاف صور الإعلاميين الذكور الذين بدوا واضحين في الصور.

ولا يختلف الحال في لقاء محافظ دمشق مع مجموعة من المؤثرين والناشطين في المحافظة، حيث برزت صورة واحدة فقط فيها نساء.

ريف دمشق: النساء في الخلف!

شهدت صفحة محافظة ريف دمشق زخم أخبار كبير، من زيارات لوفود ووجهاء وأعيان، ولقاءات مع مجالس البلديات، والتي غابت صور النساء عن معظمها، ما يعكس غيابهن عن المناصب القيادية في الإدارات المحلية.

عدد محدود من النساء في الخلف! ففي لقاء محافظ ريف دمشق مع رؤساء بلديات في الغوطة الشرقية لمناقشة الواقع الخدمي، لم تتضمن الصور أي امرأة، بينما ظهرت صورة لامرأة بشكل هامشي خلف لقاء الرجال خلال فعالية لمساعدات استهلاكية طبية مقدمة من كنيسة إلياس الغيور في منطقة قطنا.

ومن الملاحظ أن النساء غالباً ما يكن في الصفوف الأخيرة خلف الرجال بأي فعالية، كحال الاجتماع الذي عقده "عامر الشيخ" مع ممثلي أهالي الغوطة الشرقية، والذي ضم وفق الصور نحو 10 نساء في مدرج يعج بالرجال، وامرأة واحدة في الصف الأمامي بينما تحاول التحدث.

وخلت الزيارات الميدانية الكثيرة التي أجراها المحافظ لرصد الواقع الخدمي والصحي والتعليمي من صور النساء، على الرغم من ضرورة وجودهن لمناقشة مشاكلهن واحتياجاتهن وتمثيل باقي النساء في مجتمعاتهن.

الفصل بين الرجال والنساء كان واضحاً في بعض الصور، كحال الصور التي نشرت من فعالية مشتركة بين الدفاع المدني ومنظمة عطاء في مدينة يبرود، بحضور وفد من مدن النبك وديرعطية وقارة والقصير، حيث يظهر صفان أحدهما تتواجد فيه 4 نساء كما تظهر الصورة، والصف الآخر خاص بالرجال وعددهم أكبر.

وظهرت صورة نساء بشكل محدود في فعاليات لتكريم الضحايا، كذلك لعمليات منح الرواتب، إضافة إلى اجتماع المحافظ مع مهندسي ومهندسات قطنا، بينما خلا الاجتماع المشابه مع مهندسي التل من النساء بشكل كامل كما تظهر الصور.

ووثق سناك سوري الكثير من الصور التي تظهر تواجد النساء القليل في بعض الفعاليات، بالصفوف الأخيرة بعد الرجال، كحال اجتماع مسؤول منطقة الغوطة الشرقية مع بعض أهالي ناحية الغزلانية لمناقشة الواقع الخدمي والزراعي والأمني.

وتكرر ظهور النساء في الصفوف الخلفية بعدة فعاليات، مثل اجتماع إدارة منطقة قطنا مع إدارات الوحدات الخدمية، كذلك خلال زيارة لحملة تعليمية نظمها متطوعون من الأساتذة والمدرسات، لدعم الحملة ومناقشة التحديات التعليمية.

اللاذقية: النساء بالخلف أيضاً!

تكرر ظهور النساء بالصفوف الخلفية وفي لقطات عن بعد، في كثير من الصور التي ظهرن بها على قلتها عددياً بصفحة محافظة اللاذقية خلال كانون الثاني، كما في اجتماع وزير الزراعة "محمد طه الأحمد" مع مدراء الأقسام للحديث عن الواقع الزراعي والصعوبات وحلها، وللمفارقة فإن كثير من نساء اللاذقية الريفيات يعملن بالزراعة، فما الذي يمنع من ظهورهن، أو حتى استلامهن مناصب في مديرية الزراعة؟.

وفيما خلت معظم صور جولات المحافظ على الأرياف (جبل الأكراد والتركمان) من النساء، كذلك غابت عن الاجتماع الرسمي مع رؤساء البلديات في الحفة، تواجدت صور لنساء قليلات في عدة فعاليات مثل لقاء رؤساء الأقسام في مديرية الصحة ومدراء المشافي العامة، ولقاء المحافظ مع مسؤولين تربويين في اللاذقية.

وبطبيعة الحال تواجدت النساء في صور الحملات التطوعية كما في حملة "الياسمين"، التي استهدفت تنظيف الطرقات والشوارع، كذلك في صور احتفالات تنصيب الرئيس المؤقت "أحمد الشرع".

طرطوس: النساء نسق ثاني!

في طرطوس برزت صور النساء في الوفود التي تزور المحافظة كما في وفد الهلال الأحمر السوري لتتبع تنفيذ المشاريع المائية، بينما غابت صورهن في الجولات كما الجولة على مشتى الحلو والشيخ بدر، وحضرن في النسق الثاني بعد الرجال في اجتماع مسؤولي الزراعة مع وزير الزراعة "محمد الأحمد".

ولم تخل صور فعاليات "مهرجان حلوة يا بلدي" من النساء، وتكرر الرجال عن النساء في التجمع السلمي أمام مبنى المحافظة للمطالبة برفع العقوبات عن سوريا.

الأمر الأكثر غرابة كان غياب التوازن الجندري في لقاء المحافظ مع أكاديميين شباب في مدينة طرطوس، لمناقشة دورهم المحوري في بناء سوريا المستقبل، ومن بين صور اللقاء واحدة فقط ضمت نساء بعدد قليل جداً مقارنة بعدد الشباب الذكور.

كما تواجدت صور النساء في عدد من الحملات التطوعية، والمظاهرات الاحتجاجية على الإجازة القسرية في وزارة الصحة، أما المثير للجدل فكان العام الجديد الذي نشرته المحافظة وخلا تماماً من أي تواجد نسائي، مع أن أمنيات النساء للبلد طيبة أيضاً!

حمص: صور النساء شبه غائبة!

لا يختلف الحال في محافظة حمص، التي قلما تظهر صورة سيدة في صفحة المحافظة، التي يفترض بها أن تكون أنموذجاً لتكريس أهمية تحقيق توازن في التغطيات الإعلامية الرسمية، لضمان تمثيل أكثر إنصافاً وشمولية للنساء في الفضاء العام.

في لقاء ضم مسؤولين من المحافظة مع قادة كشافي سوريا، غابت صور النساء، كذلك في لقاء جمع المحافظ مع المدراء المعنيين بقطاع الزراعة، وخلال جولته على مديرية تربية حمص، التي بدت وكأنها خالية من الموظفات النساء!

بينما ظهرت صورة لامرأة واحدة خلال اجتماع المحافظ الذي وجه فيه لتشكيل لجان مؤقتة، وصورة أخرى ظهرت امرأة تعانق ابنها بعد خروج دفعة موقوفين من السجن، وصورة لامرأة أخرى في حملة إنسانية "يداً بيد نبني سوريا الجديدة".

حلب: لا آراء للنساء!

بينما خلت صور افتتاح قرية "الثقلة" بأعزاز من النساء، تواجدت صورة لامرأة واحدة خلال استقبال المحافظ لعدد من التجار والصناعيين، مقابل غياب كامل لصور النساء من لقاء رئيس مجلس محافظة حلب مع الفعاليات الإدارية والاجتماعية بمنطقة الأتارب.

لكن صور وحضور النساء برز بشكل قوي في ندوة علمية نظمتها جامعة حلب مع الجمعية الألمانية السورية للبحث العلمي.

الأمر ذاته برز في جلسة حوارية بعنوان "المواطنة الفاعلة" نقلتها صفحة المحافظة، لكن للأسف لم تتكرر صور النساء بالزخم ذاته في باقي أخبار المحافظة، مثل استقبال الوفود الأجنبية المختلفة حيث اقتصرت الصور على واحدة أو اثنتان تضمان نساء مقابل عشرات الصور التي يطغى عليها الذكور.

وبعيداً عن الصور، غابت آراء النساء عن فيديو آراء مواطني حلب حول ضبط أسعار وسائط النقل "السرافيس" ومشكلة الازدحام، ومثله رأي الناس بالأسعار، كذلك الحال في عن المشاركة بحملة نظافة تطوعية، وحتى في الجامعة حين استطلاع آراء الطلاب بالعملية الامتحانية، لم يضم سوى آراء طلاب ذكور، بينما ظهرت في أحياء حلب الشرقية وهي تتحدث في فيديو عن الدمار بالحي.

وغابت صور النساء عن اللقاء الحواري الذي جمع المحافظ مع الإعلاميين السوريين، وعن اللقاء مع مدراء المجالس المحلية بريف حلب الشمالي، وتواجدت في اللقاء مع عدد من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي والحملات التطوعية كما في مبادرة "منغيرها".

حماة: النساء يتصدرن الوقفات الاحتجاجية ويغبن عن الوفود

كالعادة غابت النساء عن كل اجتماعات محافظ حماه مع وفود الأهالي، سواء من السقيلبية، أو من خطاب والسلمية ومصياف وكافة القرى الأخرى، حتى لم تتضمن أي صور نساء، مقابل صور لنساء في الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها نقابة المحامين للمطالبة برفع العقوبات على سوريا.

وتواجدت صور النساء في عدة فعاليات أخرى، مثل جولة على الامتحانات، وعلى ريف حماة الشمالي ومشفى حماة الوطني، بينما غابت النساء وصورهن عن لقاء الإعلاميين الثوريين، مقابل صورة واحدة لنساء في اجتماع وزير الزراعة مع المزارعين.

وبخلاف عدد كبير من المحافظات السورية الأخرى، برزت صور لنساء عددهن قليل في اجتماع المحافظ مع رؤساء الوحدات الإدارية.

درعا: منشورات قليلة وصور نساء أقل

بخلاف بقية صفحات المحافظات الأخرى بالفيسبوك، لم تنشر صفحة محافظة "درعا" الكثير من الأخبار خلال كانون الثاني 2025، ومن بين منشوراتها وقفة احتجاجية لأهالي مفقودين في بحر إيجة قرب اليونان يريدون معرفة مصير أبنائهم وضمت صور نساء.

كذلك تغيبت النساء عن الصور التي نشرتها المحافظة من مشفى الحراك على الرغم من كونه مشفى يضم العديد من الممرضات والطبيبات كما يفترض، وظهرت صورة لامرأة من ضمن عدة صور نشرتها المحافظة عن تسليم الرواتب لموظفي الخدمات الفنية في درعا.

السويداء

قياساً بباقي المحافظات، تصدرت صور النساء صفحة محافظة السويداء، لكنها ماتزال أقل بكثير من صور الرجال في الصفحة ذاتها، وفي حين غابت صور النساء عن اجتماعات الوجهاء والأعيان ورجال الدين، حضرت بعدة فعاليات أخرى في الصفوف الأولى، مثل الاجتماع بين موفد الدولة لشؤون السويداء وبين ممثلين عن المنظمات الدولية.

وخلال اللقاء مع مجلس إدارة الهيئة الاجتماعية للعمل الوطني، ظهرت سيدة في صورة بينما تناقش وتتحدث، ويمكن القول إنها الصورة الوحيدة التي أظهرت النساء وهن يتحدثن، بينما في بقية المحافظات كن جالسات بمعظم الأحيان في الصفوف الخلفية كمستمعات.

لكن الحال لم يبدو كذلك دائماً، ففي لقاء موفد الدولة لشؤون المحافظة "مصطفى بكور"، مع لجنة معقبي المعاملات، ظهرت صورة لامرأة واحدة في الصفوف الخلفية، في حين غابت صور النساء عن لقائه مع هيئة تحرير مجلة الإبداع.

وحضرت صور النساء التي تعكس تواجدهن في عدة أنشطة، مثل مؤتمر الطلاب والاجتماع مع الفعاليات الاقتصادية، واللقاء مع الهيئة التدريسية في الجامعة، وغابت عن اللقاء مع مدراء المشافي الحكومية.

دير الزور

كما زميلتها "درعا" لم تتضمن صفحة محافظة دير الزور الكثير من المنشورات خلال كانون الثاني، وذهب معظمها ليكون عبارة عن أخبار إلقاء القبض على متهمين، لم يكن بينهم أي نساء.

وظهرت النساء في وقفة تضامنية مع عائلات المغيبين قسراً في المحافظة، وغابت صورهن عن إعلان انطلاق الامتحانات والصور من المدارس، كذلك عن الاجتماع الموسع الذي ضم منظمات دولية ومديريات خدمية لاستكمال المشاريع العالقة، وعن اجتماع مسؤول إدارة الشؤون السياسية في دير الزور مع ممثلي نقابات المحافظة، بهدف إعادة هيكلة وتشكيل النقابات.

إدلب: النساء في الخلف

ظهرت صور النساء في احتفالية النصر، وغابت عن اجتماع المعلقين الصوتيين في المحافظة لبحث سبل تطوير العمل الإعلامي، كذلك عن الاجتماع بين المحافظ مدراء المنظمات الإنسانية.

وظهرت النساء في صور تغطية زيارة الجالية السورية في أميركا لمحافظ إدلب، كذلك في فعالية تكريم مدير مشفى إدلب الجامعي، لكن كن في الصفوف الخلفية، وغبن عن الاجتماع مع الناشطين في المحافظة.

وقلت منشورات صفحة محافظة القنيطرة بشكل كبير مقارنة بباقي المحافظات، وبطبيعة الحال كانت صور النساء أقل وتواجدت في منشورات الإعلان عن مقابلات العاملين والعاملات، في حين لم تتضمن صفحات محافظات الحسكة والرقة أي منشورات.

لا يعد غياب النساء عن صور الاجتماعات والجولات واللقاءات عبر الصفحات الرسمية للمحافظات أمراً ثانوياً وشكلياً، حيث أنه يعكس واقع تهميش المرأة عن الفعاليات الرسمية واعتبار دورها خارج دائرة العمل العام، مع إضفاء استثناءات قليلة بين حين وآخر، ما يظهر عقلية لا ترى في المرأة أساساً لبناء المجتمع والنهوض به وتعتبر حضورها استثنائياً في قاعدة تصدر الذكور للمشهد العام، الأمر الذي لا يتسبب بتهميش النساء فحسب بل بتجاهل قضاياهن وهمومهن أيضاً.

مشاركة المقال: