دمشق-سانا يُعدُّ ضمان حقوق الملكية التجارية والصناعية، من خلال توفير الحماية القانونية لها، حافزاً مهماً لتشجيع الإبداع والابتكار، ويسهم بشكلٍ كبير، في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما يعتبر الحماية الرسمية للاستثمار الأجنبي، وخاصة أن حماية الملكية تعطي مؤشراً مهماً عن البيئة الاستثمارية في سوريا.
اطلع مراسل سانا على دوائر وأقسام مديرية حماية الملكية التجارية والصناعية، في الإدارة العامة للتجارة الداخلية وحماية للمستهلك، وآلية العمل فيها، لجهة تسجيل ومنح وحماية العلامات التجارية الفارقة، والرسوم والنماذج الصناعية، وبراءات الاختراع، والتسجيل الدولي.
العلامات التجارية الفارقة..
وعن عمل دائرة العلامات التجارية الفارقة في المديرية، بينت رئيسة الدائرة المهندسة رشا المقداد، أن الحجم الأكبر من عمل المديرية هو العمل الخاص بالعلامات التجارية الفارقة، والتي وصلت بعدد تراكمي لأكثر من 183 ألف علامة منذ إحداث المديرية عام 1946، مبينة أن مدة الحماية 10 سنوات للعلامة المسجلة في سوريا.
وأوضحت المقداد أن قاعدة بيانات المديرية الخاصة بالعلامات التجارية الفارقة، تُعد من أضخم قواعد البيانات في المكاتب العربية، حيث تضم تسجيلات لمئات العلامات التجارية للشركات العملاقة حول العالم عربياً ودولياً، ويعتبر نظام الفحص الموضوعي لدراسة الطلبات المقدمة، من الأنظمة المتقدمة المعمول بها عالمياً، ومتوائماً مع معايير المنظمة العالمية للملكية الفكرية الـ (وايبو).
وحسب المقداد، فإن سوريا مُنضمة إلى خمس اتفاقيات دولية معنية بحقوق الملكية التجارية والصناعية، وأهمها بروتكول مدريد، الذي يتيح لأصحاب العلامات تسجيلها دولياً، وحمايتها في الدول المسجلة بها.
عدم وجود تضارب في العلامات
بين رئيس قسم الفحص الفني في المديرية المهندس مراد عيسى، أنه وبعد إدخال العلامة الفارقة على البرنامج الخاص بالمديرية، تتم مقارنتها مع بيانات العلامات المسجلة سابقاً محلياً ودولياً، ليقوم على أساسها القسم الفني بإصدار بطاقة لتبيان وضعها، ففي حال تبين وجود تكرار للعلامة، أو أنها مأخوذة سابقاً من أي شخص آخر، سواء كان سوري أو غير ذلك، يتم رفضها، بما يضمن عدم وجود تضارب في العلامات في السوق، لافتاً إلى أن ذلك يتم في إطار 45 فئة، ضمن التصنيف الدولي للسلع والخدمات (نيس).
كما يصدر عن قسم الفحص الفني وفق المهندس عيسى، طلب كشف مسبق عن علامة تجارية يُقدم من قبل الراغبين بتسجيلها، أي قبل تقديم طلب التسجيل، كي لا يتحمل أعباء ورسوماً في حال كانت مسجله سابقاً، أو مقدمة بطلب حديثاً.
التسجيل الدولي للعلامات الفارقة وأهميته
بدورها بينت رئيسة دائرة التسجيل الدولي والمعاهدات المهندسة رولا مارديني، أن صاحب العلامة التجارية يستطيع من خلال تقديم طلب واحد في الدائرة، أن يسجل في 130 دولة، تمثل 80 بالمئة من منظومة التجارة العالمية، وبإجراءات مبسّطة، وذلك وفق بروتوكول مدريد، وهو معاهدة تتبع المنظمة العالمية للملكية الفكرية (وايبو)، والتي بدورها تقوم بتحويل الطلب إلى المكاتب الموجودة في الدول، ليتم الموافقة عليها من عدمها، بالتالي عندما يقوم مالك العلامة التجارية بتسجيلها دولياً، يكون قد قام بحمايتها في تلك الدول.
2680 طلباً منذ بداية عام 2025
ووفق المهندسة مارديني، فقد بلغ عدد الطلبات الدولية المقدمة للتسجيل في سوريا، 2680 طلباً، منذ بداية العام 2025 وحتى الآن، مقارنة بـ 2270 طلباً للمدة نفسها من العام الماضي، بزيادة بلغت أكثر من 400 طلب، في حين بلغ عدد العلامات التجارية السورية المسجلة دولياً عبر بروتكول مدريد في الـ (وايبو) 73 علامة مفعلة، من أصل 96 علامة.
ودعت المهندسة مارديني جميع أصحاب الفعاليات الاقتصادية، والصناعية، والأفراد والشركات وأصحاب المشروعات الصغيرة، والمتوسطة، لتسجيل علاماتهم دولياً، قبل أن يقوموا بتصدير منتجاتهم إلى الأسواق الخارجية، ليتمكنوا من حمايتها من القرصنة، ومقاضاة كل من يحاول تقليد علامتهم، وتقديم منتجات بجودة متدنية وبالعلامة التجارية نفسها، وخاصة أن العلامة التجارية بشكل عام تعبر عن أصالة المنتج، وعن خصائصه.
براءات الاختراع.. كيفية فحصها ومنحها ونشرها
بدورها بينت رئيسة دائرة براءات الاختراع في المديرية المهندسة نسرين عقل، أن الدائرة تقوم بتسجيل براءات الاختراع، ومنحها، ونشرها، وبعد تقديم الطلب بشكل كامل، يتم إجراء فحص شكلي للطلب، ثم فحص موضوعي، وهو ما يميزنا في سوريا، حيث يُحوّل الطلب الى الفاحصين الفنيين في الدائرة، ليقوموا بالبحث عن الطلب المقدم في قواعد البيانات المحلية والعالمية، ثم يقوم الفاحص الفني بتقديم تقرير مرفق بالوثائق المشابهة إن وجدت، وتتم كتابة الادعاء الذي يتضارب مع الطلب المقدم، بحيث يكون التقرير كاملاً ووافياً ومرفقاً بوثائق تنفي صفة الجدة على مستوى سوريا والعالم، أو وثائق مشابهة تنفي صفة الابتكارية.
وحسب المهندسة عقل، فإن الطلب يجب أن يحقق ثلاثة شروط مجتمعة في كل جزء من الأجزاء المطلوب حمايتها على حدة، وبكل طلب من مطالب الحماية، وهذه الشروط هي الجدة، أي أن يكون جديداً بالمطلق على مستوى سوريا والعالم، وشرط الخطوة الابتكارية، أي ألا يكون بديهياً لرجل المهنة العادي، والشرط الثالث أن يكون قابلاً للتطبيق الصناعي، مشيرة إلى أن الاختراع هو طريقة جديدة ومبتكرة لحل مشكلة تقنية سابقة.
وأوضحت المهندسة عقل، أنه وبعد حصول الطلب على الموافقة، يتم نشره مدة 6 أشهر، في جريدة حماية الملكية التجارية والصناعية، مدوّناً عليه اسم المخترع، وعنوان الاختراع، وملخص تفصيلي عن الاختراع، وأنه حصل على الموافقة، وفي حال لم تتلق الدائرة أي اعتراض، يتم نشره مرة أخرى لمدة 6 أشهر، واستصدار شهادة البراءة، وتبلغ مدة حمايتها عشرين عاماً من تاريخ إيداع الطلب في دائرة براءات الاختراع، مبينة أن عدد البراءات الممنوحة بلغ بعدد تراكمي أكثر من 6400 براءة.
الرسم والنموذج الصناعي.. ماهيته وطرق التسجيل به
أوضح رئيس دائرة الرسوم والنماذج الصناعية المهندس أحمد عيروطه، أن الرسم والنموذج الصناعي هو العامل الأساسي في جذب المستهلك من خلال الانطباع البصري، وحمايته تنعكس على حياة المؤسسات والشركات في حال استهدافها للأسواق العالمية، وتعطي لصاحبها حقاً استئثارياً لا يجوز لأحد استخدامه، وهي قابلة للترخيص والتأجير والبيع والشراء، مثل الأزياء، والرسومات الموجودة على الأقمشة، ونماذج السيارات.
وأوضح المهندس عيروطة أن هناك نوعين من التسجيل في الدائرة، الأول يأتي الوكيل أو صاحب العلاقة بإضبارة متكاملة، ويتم تدقيقها شكلياً، وفي حال طابقت الشروط تأخذ رقماً وطنيً، ويتم إدخالها إلى قاعدة البيانات، وإخضاعها لفحص من الناحية التقنية، وفي حال حقق الجدّة والتميز، يتم منحه الموافقة.
أما النوع الثاني بحسب المهندس عيروطة، فيتم عن طريق اتفاقية لاهاي من خلال المنظمة العالمية للحماية الفكرية الـ (وايبو)، حيث يتم إرسالها أون لاين، وتأخذ رقماً وطنياً، ويتم إدخال البيانات وفحصها، والتأكد من تحقيقها الشروط المطلوبة، وتعامل معاملة الطلب الوطني، مشيراً إلى أن عدد النماذج المسجلة في الدائرة بلغ 19684شهادة جديدة، و 3364 شهادة تجديد.
آراء المراجعين حول الإجراءات
واستطلع مراسل سانا آراء المراجعين حول عمل المديرية، حيث بين أحمد شويكي أحد المراجعين للمديرية، أن الإجراءات بسيطة جداً، وهناك تعاون ملحوظ من قبل العاملين فيها، لتسهيل الأمور على المراجعين، مشيراً إلى أنه في حين استكمال جميع الطلبات والأوراق المطلوبة من قبل المراجع، سيلقى تعاوناً، وسرعة في الإنجاز، والمراجع هو من يحدد ذلك، وخاصه أن الأوراق المطلوبة، واضحة، وممكنة التنفيذ، ولا سيما أنه يتم اتباع نظام النافذة الواحدة في المديرية.
ورأى المراجع المحامي محمد حسين المحمد، أن الإجراءات في المديرية مبسطة، وغير معقدة، عازياً وجود ضغط كبير في عمل المديرية لتحرير البلاد من النظام البائد، وبدء تعافيها واستعادتها لنشاطها الاقتصادي، حيث بدأت الشركات إرسال مندوبيها لحماية علاماتها التجارية، قبل أن تأتي إلى سوريا للعمل فيها.