يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب معارضة متزايدة من داخل الحزب الجمهوري، وسط مخاوف حلفائه من أن تخفيف العقوبات على إيران سيمول "جماعات إرهابية"، حسبما صرح نائب جمهوري لصحيفة "تلغراف" البريطانية.
حذر نواب جمهوريون من أن أي اتفاق نووي محتمل بين الولايات المتحدة وإيران قد يؤدي إلى تدفق أموال تستخدم لدعم الإرهاب، مما يشكل تهديداً للأمن القومي الأميركي.
وتوقعت صحيفة "تلغراف" أن يتضمن الاتفاق المرتقب تخفيفاً للعقوبات الأميركية مقابل التزامات إيرانية بتقليص برنامج تخصيب اليورانيوم.
وقال نائب جمهوري للصحيفة إن "أي تخفيف للعقوبات قد يمنح إيران قدرة الوصول إلى احتياطاتها النقدية، مما يتيح لها تمويل الإرهاب وبناء ترسانة عسكرية تقليدية".
انتهت جولة رابعة من المحادثات الإيرانية – الأميركية في سلطنة عمان، مطلع الأسبوع الماضي، دون تحديد موعد لجولة جديدة.
وخلال زيارته للمنطقة، الأسبوع الماضي، شدد ترمب في كل مناسبة تقريباً على أنه لا يمكن السماح لإيران بامتلاك قنبلة نووية، وهو الأمر الذي تقدر وكالات الاستخبارات الأميركية أن طهران لا تسعى بنشاط إلى تحقيقه، رغم أن برنامجها على وشك أن يصبح قادراً على استغلال المواد النووية لإنتاج أسلحة.
وذكر ترمب للصحافيين، على متن طائرة الرئاسة الأميركية، بعد مغادرته الإمارات، أمس (الجمعة)، أن على إيران أن تتحرك سريعاً بشأن اقتراح أميركي للاتفاق نووي، وإلا "فسيحدث ما لا يُحمد عقباه".
غير أنّ صورة الاتفاق ازدادت غموضاً، بعدما نفى وزير الخارجية الإيراني، يوم الجمعة، تلقّي أي مقترحات مكتوبة "مباشرة أو غير مباشرة".
ومع ذلك، ذكر عباس عراقجي، في منشور على موقع "إكس"، أن طهران لم تتلقَّ أي اقتراح أميركي. وأضاف: "لا يوجد تصوُّر تتخلى فيه إيران عن حقها الذي اكتسبته بشق الأنفس في تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية".
ونقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن عراقجي، تحذيره، السبت، من أن تغيير واشنطن المستمر لموقفها يطيل أمد المحادثات النووية. وذكر التلفزيون أن عراقجي قال: "من غير المقبول على الإطلاق أن تحدد أميركا مراراً إطاراً جديداً للمفاوضات، مما يطيل أمد العملية".
ورغم حديث إيران والولايات المتحدة عن تفضيلهما للدبلوماسية لحل النزاع النووي المستمر منذ عقود، فهما لا تزالان منقسمتين بشدة بشأن "الخطوط الحمراء" سيتعين على المفاوضين تجاوزها للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، وتجنّب أي عمل عسكري في المستقبل.
وقال علي شمخاني، مستشار المرشد علي خامنئي، في مقابلة مع شبكة "إن بي سي نيوز"، بُثت، الأربعاء، إن إيران مستعدة لقبول اتفاق مع الولايات المتحدة مقابل رفع العقوبات الاقتصادية. ونقلت الشبكة عن شمخاني قوله إن إيران ستلتزم بعدم صنع أسلحة نووية أبداً، والتخلص من مخزوناتها من اليورانيوم عالي التخصيب، وتوافق على تخصيب اليورانيوم فقط إلى المستويات الأدنى اللازمة للاستخدام المدني، والسماح للمفتشين الدوليين بالإشراف على العملية.
إلا أن هذا الطرح أصبح محور اعتراض شديد من قِبل الجمهوريين في مجلسي الشيوخ والنواب، إذ وجّه عدد منهم رسالة إلى الرئيس، مطالبين بضمان "الإزالة الدائمة لقدرة إيران على تخصيب اليورانيوم".
وفي رسائل متطابقة وقَّعها أكثر من 300 عضو جمهوري في الكونغرس، حذر المشرعون من أن أي اتفاق لا يحقق هذا الهدف سيمنح إيران "فرصة لشراء الوقت"، مشيرين إلى أن حجم البرنامج النووي الإيراني بات "ضخماً إلى درجة تجعل من المستحيل التحقُّق بأن أي نشاط تخصيب مستقبلي سيقتصر على الاستخدامات السلمية فقط".
جاء في الرسالة: "يجب أن يدرك النظام الإيراني أن الإدارة تتمتع بدعم الكونغرس الكامل، في مساعيها لضمان إزالة قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم بشكل دائم".
من جانبه، صرّح مساعد جمهوري في الكونغرس قائلاً: "هناك قلق عميق من أن أي اتفاق لا يتضمن تفكيكاً كاملاً للبرنامج النووي سيمنح إيران مكاسب استراتيجية، مع استمرارها في انتهاك حقوق الإنسان، وتمويل وكلائها الإقليميين، والفشل في الحد من طموحاتها النووية".
وتفيد "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" بأن إيران هي الدولة الوحيدة غير الحائزة سلاحاً نووياً التي تخصّب اليورانيوم عند نسبة 60 في المائة، وهو مستوى عالٍ، أي أنها باتت قريبة من نسبة 90 في المائة الضرورية لصنع سلاح نووي، مشيرة إلى أنها تواصل تخزين المواد الانشطارية بكميات كبيرة. وكان الاتفاق المبرم عام 2015 يحدّ نسبة تخصيب اليورانيوم من جانب إيران عند مستوى 3.76 في المائة.