يشهد ريف درعا الغربي هدوءاً حذراً منذ اشتباك «حرش تسيل»، في الثاني من نيسان الجاري، حين باغتت الفصائل المحلية في مدينة نوى دوريةً إسرائيلية كانت تتحرّك في محيط شريط «فضّ الاشتباك». وفعّلت قوات الاحتلال، أمس، دورياتها في محيط النقاط التي أنشأتها داخل الأراضي السورية، ولا سيما في محيط «تل أحمر غربي» قرب قرية كودنا، وعلى تخوم بلدة جباتا الخشب، من دون اقتحامهما، وهو ما ترافق مع تحليق للطيران الحربي الإسرائيلي على علو منخفض.
أما قرية طرنجة، فشهدت اقتحاماً إسرائيلياً جديداً، تخلّله تفتيش عشرات المنازل، وجرى خلال العملية إجبار عدد من السكان على تسليم هواتفهم المحمولة للتفتيش. وفي اليوم ذاته، دخلت قافلة تابعة لقوات «مراقبة فضّ الاشتباك التابعة للأمم المتحدة» (أندوف) قرية معرية، وبقيت فيها لنحو نصف ساعة، قبل أن تحاول الاقتراب من النقطة العسكرية الإسرائيلية في «ثكنة الجزيرة». إلا أن القافلة توقّفت على بعد مئات الأمتار، ثم عادت أدراجها نحو موقعها في قرية جملة، وسط معلومات عن رفض إسرائيلي صريح لمرور القوات الأممية نحو النقطة المشرفة على وادي اليرموك.
وفي خطوة أثارت علامات استفهام، شوهدت سيارات تابعة لـ«أندوف» تدخل مبنى وزارة الدفاع السورية، قادمة من القنيطرة، الأمر الذي وضعه المراقبون في سياق «إعادة رسم مؤقّت لخارطة الانتشار الأممي في الجنوب السوري، مع تسريبات عن نية الأمم المتحدة ترسيم خط جديد، ولو شكلياً، لفضّ الاشتباك، ما يشرّع واقعاً جديداً في المنطقة التي باتت تُعرف إسرائيلياً بالمنطقة العازلة، والتي وسّعها الاحتلال منذ سقوط النظام، بما قد يُكرّس احتلالاً دائماً على شاكلة الجولان المحتل».
تبدي مصادر محلية من سفوح جبل الشيخ، مخاوف جدّية من السيطرة الإسرائيلية. فالوجود الإسرائيلي لم يَعُد يقتصر على المرصد السوري أو القاعدة التي أُنشئت للطيران المروحي، بل يتوسّع مع حركة لافتة للآليات الثقيلة التابعة لجيش الاحتلال في قمة الجبل، في مؤشّر واضح إلى نية الاستقرار الدائم. ويشير ضابط سابق إلى أن «تل أبيب قد تتّجه لتحويل مقر الفرقة 24 السابق إلى نقطة ارتكاز عسكرية دائمة، ما يمنحها إشرافاً نارياً واستطلاعياً عميقاً نحو الجنوب السوري وشمال لبنان، ويقوّض أيّ محاولة مستقبلية لاستعادة السيطرة على الجبل من قِبَل الدولة السورية».
وإلى جانب ذلك، تبدي مصادر محلية من سفوح جبل الشيخ، مخاوف جدّية من السيطرة الإسرائيلية على قرى هذه المنطقة وتقييد الحراك الاقتصادي فيها، في ظل «غيابٍ شبه تام للدولة السورية، وافتقار المنطقة إلى أي وجود فعلي لفصائل رافضة للتعاون مع الاحتلال الإسرائيلي»، لافتة إلى أن «بعض الفصائل في منطقة بيت جن ومزرعة بيت جن، سبق لها أنْ تعاونت مع العدو خلال صراعها مع النظام السابق، وذلك قبل عام 2018 الذي شهد دخول المنطقة ضمن خارطة التسويات التي رعتها روسيا آنذاك».
وفي مشهد أكثر قتامة، يفيد سكان من قرية معرية بأنهم «باتوا يتجنّبون دخول أراضيهم الزراعية خوفاً من الاعتقال أو التصفية، في واقع يكرّس الاحتلال الدائم، في ظلّ غياب تام لأي رد فعل من حكومة دمشق، التي تكتفي بتقديم مساعدات إنسانية عبر “الهلال الأحمر”».