في تحليل معمق للاقتصاد العالمي والإقليمي، استعرض الدكتور جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، في حوار مع "النهار"، أبرز التحولات الاقتصادية التي يشهدها العالم، والتي تتأثر بسلسلة الأزمات والحروب المستمرة، مسلطاً الضوء على ثلاثة تحولات رئيسية.
يرى أزعور أن عام 2025 سيكون عام التحولات الكبرى، والتي تتجلى في ثلاثة مسارات أساسية: التحول في الاقتصاد العالمي، والتحول في الاقتصاد الرقمي، والتحول في التنمية الاقتصادية في المنطقة. هذه التغيرات الاستراتيجية تظهر تدريجياً، لكنها ستشكل ملامح المنطقة في السنوات القادمة.
كما أشار إلى التطورات الجيوسياسية المستمرة وتأثيرها على المشهد الاقتصادي، مع تباين التأثيرات بين دول الخليج، التي استفادت من إصلاحات سابقة، ودول أخرى تواجه أزمات حادة مثل مصر ولبنان، أو تمر بمرحلة انتقالية كما في سوريا واليمن.
فيما يتعلق بلبنان، أكد أزعور على أن تحقيق تقدم ملموس في مسار اتفاق مع صندوق النقد الدولي يتطلب رؤية وطنية شاملة تنطلق من الداخل، بدلاً من الاعتماد على العوامل الخارجية. وشدد على أن استعادة الثقة، سواء لدى المواطنين أو المجتمع الدولي، هي المدخل الأساسي لأي تعاف اقتصادي. وأكد أن الصندوق يظل شريكاً داعماً، يقدم الخبرات والتمويل، لكنه ليس بديلاً عن القرار السياسي المحلي.
وفيما يخص سوريا، أوضح أزعور أن الصندوق لا يعمل فيها حالياً بسبب العقوبات الدولية، لكنه يتابع التطورات عن كثب، مشيراً إلى أن أي انخراط مستقبلي سيتطلب خطوات عملية واضحة.
وفي سياق حديثه عن الرسوم الجمركية الأميركية، أوضح أزعور أن تأثيرها المباشر على اقتصادات الشرق الأوسط قد يبدو محدوداً ظاهرياً، نظراً لضعف الارتباط التجاري المباشر بين معظم دول المنطقة والولايات المتحدة، باستثناء قطاع النفط. إلا أنه حذر من تأثير أوسع وأعمق عبر ثلاثة محاور رئيسية: التأثير غير المباشر على قطاع النفط، وحالة عدم اليقين التي تخلقها التوترات التجارية، والتحولات الجارية في سلاسل التوريد العالمية.
أكد أزعور على أهمية تبني دول المنطقة لمقاربة استراتيجية تقوم على رفع الإنتاجية وتعزيز التعاون الإقليمي، وبناء شراكات وتكتلات اقتصادية مع آسيا الوسطى ودول "آسيان" وأفريقيا، لخلق شبكات تجارية بديلة تساعد على امتصاص الصدمات والتقلبات العالمية.
وفيما يتعلق بالاقتصاد الرقمي، شدد أزعور على أن دول الخليج تشكل نموذجاً لافتاً في تبني التحول الرقمي ضمن رؤية أوسع لتنويع مصادر الاقتصاد، مشيراً إلى أن هذه الخطوات الإصلاحية تعزز التنافسية الاقتصادية وتشكل مثالاً يحتذى به في كيفية المضي في إصلاحات جذرية تقود إلى تحولات مستدامة.
أما عن الوضع في مصر، فقد أوضح أزعور أن القاهرة اتخذت إجراءات أسهمت في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، رغم الضغوط الاجتماعية وارتفاع معدلات التضخم، مشيراً إلى أهمية مواصلة تقليص الدين العام وتسريع التحول الاقتصادي.