الأحد, 18 مايو 2025 07:16 AM

الرقة بعد سقوط الأسد: غياب الخدمات الرسمية يعمق معاناة السكان وتطلعات معلقة

الرقة بعد سقوط الأسد: غياب الخدمات الرسمية يعمق معاناة السكان وتطلعات معلقة

رغم مرور أكثر من خمسة أشهر على سقوط نظام بشار الأسد وانتهاء حكمه في معظم أنحاء البلاد، وعودة الحياة إلى طبيعتها تدريجياً في العديد من المدن عبر استعادة المؤسسات والدوائر الحكومية لأنشطتها، لا تزال مدينة الرقة تعيش في عزلة إدارية وخدمية. ورغم التفاؤل الشعبي الكبير الذي رافق مرحلة ما بعد سقوط النظام، بقيت الرقة خارج منظومة الحكومة السورية الجديدة، مما أبقى سكانها في دوامة من المعاناة اليومية المرتبطة بالحصول على أبسط الحقوق والخدمات الأساسية.

مدينة الرقة، التي شهدت فصولاً معقدة من الصراع منذ عام 2013، ما تزال تفتقر إلى التمثيل الإداري الكامل من قبل الحكومة السورية الجديدة. فبعد سنوات من التهميش، بدءا من خروجها عن سيطرة النظام، ومرورا بسيطرة تنظيم داعش، ثم إدارة قوات قسد، لم تستعد المدينة حتى الآن مؤسسات الدولة الرئيسية، ما تسبب في تعطيل واسع في شؤون الحياة اليومية للسكان.

غياب المؤسسات الرسمية يعمق معاناة الأهالي

منذ أن خرجت الرقة من قبضة النظام السابق في مارس 2013، نُقلت معظم مؤسسات الدولة إلى مدن أخرى مثل حماة، حيث تم تحويل المحكمة ومديريات التربية والمواصلات والسجل العقاري إليها. وحتى بعد دحر داعش عام 2017، لم يُعد حتى الآن تفعيل هذه المؤسسات داخل المدينة، واقتصر وجود بعض الدوائر على بلدات في ريف الرقة مثل السبخة ودبسي عفنان، دون أن تكون كافية لتلبية احتياجات السكان.

هذا الغياب المؤسسي أدى إلى شلل كبير في الخدمات، واضطر الأهالي إلى السفر لمسافات بعيدة وتحمل مشاق كبيرة لإتمام أبسط المعاملات. تعطلت مئات الملفات العقارية والتجارية، وانقطع آلاف الطلاب عن الدراسة، كما ترك عدد كبير من الموظفين أعمالهم في ظل ضبابية مستقبل الدولة ومؤسساتها.

شهادات من الداخل: “فرحتنا ناقصة”

عبدالله الدرويش (27 عامًا)، من أبناء مدينة الرقة، عبّر عن خيبة أمله في حديثه لمنصة سوريا 24: “ظننا أن مع سقوط النظام ستحل مشكلاتنا، لكنني ما زلت عاجزا عن إتمام معاملاتي الجامعية، وواجهت الاعتقال سابقا فقط بسبب تنقلاتي بين المناطق. دفعنا ثمنا باهظا من أجل الحرية، لكن لم نرَ تحسنا في الخدمات”.

أما مصطفى العباس (66 عامًا)، فقال: “كنت مضطرا لمرافقة أقاربي إلى حماة ودمشق لإتمام معاملاتهم، لأنني أملك سجلا أمنيا نظيفا. حتى الآن، ما زلت أقوم بهذه المهمة لأن المؤسسات لم تعد إلى الرقة، والوصول إلى مناطق أخرى ما زال محفوفا بالمخاطر والشكوك”.

في حين أشار حسن الحسن (25 عامًا) إلى أنه لا يملك بطاقة شخصية صالحة: “لم أتمكن من استخراجها من أي جهة رسمية. البطاقات التي تصدرها الإدارة الذاتية لا يُعترف بها خارج مناطق سيطرتها، وهذا يسبب لي متاعب مستمرة عند التنقل”.

الرقة بين الهامش والانتظار

رغم التحول السياسي الكبير في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، لا تزال الرقة تعاني من فراغ إداري خانق يعرقل حياة السكان اليومية، ويؤخر اندماج المدينة في جهود إعادة البناء الوطني. ويأمل سكان المدينة أن تتحرك الحكومة السورية بسرعة نحو إعادة مؤسسات الدولة بشكل فعّال، أو خلق بدائل رسمية تضع حدا لعقد من التهميش والمعاناة.

مشاركة المقال: