الخميس, 4 ديسمبر 2025 12:20 AM

القمة المصرفية الأردنية السورية: شراكة واعدة لإعادة الإعمار وتنمية التعاون الاقتصادي

القمة المصرفية الأردنية السورية: شراكة واعدة لإعادة الإعمار وتنمية التعاون الاقتصادي

أكد عبد القادر الحصرية، خلال القمة المصرفية الأردنية السورية التي نظمتها جمعية البنوك الأردنية في عمّان، على دخول سوريا مرحلة جديدة من إعادة تأهيل البنية التحتية وتوسيع الإنتاج، مشيراً إلى فرص استثمارية كبيرة في قطاعات متنوعة كالصناعات الغذائية والتحويلية، والزراعة الحديثة، والطاقة، والبناء، والنقل، والتكنولوجيا.

وذكرت وكالة “بترا” الأردنية نقلاً عن الحصرية في كلمته أن هذه القمة تأتي في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تحولات هامة مرتبطة بالتقلبات السياسية، وموجات التضخم، واضطرابات سلاسل الإمداد، والتطورات المتسارعة في التكنولوجيا المالية. وأوضح أن البنوك في كل من سوريا والأردن لعبت دوراً محورياً في الحفاظ على الاستقرار المالي، وتوفير التمويل اللازم للقطاعات الإنتاجية، ودعم التبادل التجاري، وتطوير البنية الرقمية.

تعاون سوري أردني فعّال

شدد الحصرية على أهمية التعاون العملي بين البنوك الأردنية والسورية من خلال تطوير آليات التسوية والتحويل المالي، وإطلاق برامج تمويل مشتركة لقطاعات الصناعة والزراعة والطاقة والنقل، وتبادل الخبرات في إدارة المخاطر، وتعزيز الشمول المالي والتحول الرقمي، وتنظيم لقاءات مشتركة لتحديد الاحتياجات التمويلية، معتبراً القمة الحالية أساساً لمرحلة جديدة من التكامل بين الأردن وسوريا.

خلق بيئة استثمارية

أشار الحصرية إلى أن استقرار سعر الصرف والسياسة النقدية الفعالة في سوريا يشكلان قاعدة أساسية لأي بيئة استثمارية جاذبة، وأن المصرف المركزي السوري يعمل على تعزيز أدواته النقدية، وتحسين إدارة الاحتياطيات، وتطوير أنظمة مراقبة التدفقات النقدية بالتعاون مع مؤسسات دولية، بالإضافة إلى تحديث التشريعات المصرفية لتتوافق مع المعايير العالمية في الحوكمة وتنظيم الائتمان، وتطوير البنية التحتية المالية من خلال تحديث نظام التسويات اللحظية، وإطلاق مركز وطني للشبكات المصرفية وتطبيق نظام وطني للتصنيف الائتماني وتعزيز الأمن السيبراني.

قدرات لآليات التمويل

وفيما يتعلق بآليات التمويل المشترك لتحويل الفرص الاستثمارية في سوريا إلى مشاريع ملموسة، أوضح الحصرية أن البنوك في سوريا والأردن قادرة على تأسيس آليات تمويل فعالة، مثل برامج التمويل الثنائية للمشاريع الإنتاجية، وصندوق استثماري مشترك للقطاعات الزراعية والصناعية والطاقة، وخطوط ائتمان للتجارة البينية وتسهيل الاعتمادات المستندية، وضمانات ائتمانية مشتركة بالشراكة مع مؤسسات عربية.

وأكد الحصرية أن هذه الشراكات ستمكن الأردن وسوريا من زيادة الإنتاج، وتوسيع الأسواق، وخلق فرص عمل، وتعزيز القدرة التنافسية للقطاعات الحيوية، لافتاً إلى أن الفرص المتاحة أمام البلدين كبيرة وواعدة، وأن التعاون المصرفي السوري الأردني يمكن أن يكون محركاً حقيقياً لتحقيق الاستقرار والنمو.

دعم جهود إعادة الإعمار

من جانبه، أكد محافظ المصرف المركزي الأردني عادل شركس أن البنوك الأردنية في وضع جيد يؤهلها لدعم جهود إعادة الإعمار والتنمية في الاقتصاد السوري، خاصة في ظل وجود ثلاثة بنوك أردنية تعمل حالياً في السوق السورية.

وأشار شركس إلى أن مسار التعافي الاقتصادي الجاري في سوريا، والخطوات المتخذة لإعادة دمجها في الأسواق الإقليمية والعالمية وفي النظام المالي الدولي، مع إزالة القيود، وعودة المؤسسات السورية وفي مقدمتها مصرف سورية المركزي، للعمل في إطار المنظومة المالية الإقليمية والدولية، يخلق فرصاً لفتح آفاق جديدة للتجارة والاستثمار، وتعزيز مسارات التنمية الاقتصادية، ودعم مستويات أعلى من الاستقرار والازدهار.

آفاق واسعة للتعاون

أشار شركس إلى وجود فرص واعدة للتعاون لنقل تجربة الأردن في القطاع المصرفي والخدمات المالية الرقمية والتكنولوجيا المالية إلى الجانب السوري، بما يعزز تحديث القطاع المصرفي السوري ويسهم في زيادة اندماجه في الأسواق المالية الإقليمية والدولية، ودعم الجهود الهادفة إلى إعادة الإعمار وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة في سوريا.

علاقات اقتصادية ذات ثقل

أوضح شركس أن حجم التبادل التجاري بين الأردن وسوريا شهد انتعاشاً ملحوظاً خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2025، ليبلغ نحو 400 مليون دولار أمريكي، وهو ما يعكس اتجاهاً إيجابياً يمهد لمزيد من التوسع والتنوع في مجالات التعاون خلال الفترة المقبلة.

وبين شركس أن العلاقات الاقتصادية بين الأردن وسوريا تحظى بأهمية خاصة، استناداً إلى الروابط التاريخية والجغرافية والاجتماعية العميقة التي تجمع البلدين، وهو ما يجعل من التعاون الاقتصادي بينهما رافعة مشتركة للنمو والتنمية المستدامة، وبما ينسجم مع رؤى وتوجيهات قيادتي البلدين الشقيقين الرامية إلى تعميق التعاون والعمل المشترك على مختلف المستويات.

إرادة سياسية واقتصادية

من جهته، أكد رئيس مجلس إدارة جمعية البنوك الأردنية باسم خليل السالم أن اجتماع القيادات المصرفية والاقتصادية الأردنية والسورية تحت سقف واحد يمثل ترجمة واضحة لإرادة سياسية واقتصادية تتجه نحو بناء مرحلة تعاون أعمق وأكثر منهجية بين البلدين.

وشدد السالم على أن الرؤية الأردنية تجاه سوريا تنسجم مع ما يؤكد عليه الملك عبد الله الثاني في أكثر من مناسبة حول ضرورة دعم الشعب السوري وجهوده لاستعادة الاستقرار والازدهار، معتبراً أنه رغم التحديات التي تواجهها سوريا إلا أن الفرص التي تحملها المرحلة المقبلة أوسع وأكثر تنوعاً.

وخلال أعمال القمة، قدم مدير عام جمعية البنوك في الأردن ماهر المحروق عرضاً شاملاً حول واقع القطاع المصرفي الأردني، مؤكداً أنه يشكل أحد أهم أعمدة الاقتصاد الوطني وأكثر القطاعات تنظيماً بفضل الإطار الرقابي المتطور الذي يقوده البنك المركزي الأردني.

واختتمت القمة المصرفية بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة ستشهد خطوات عملية لتعزيز التعاون المصرفي الأردني السوري، من خلال تشكيل لجان مشتركة، وإطلاق برامج تمويل، وتبادل الخبرات، وتطوير الأنظمة التقنية، وتهيئة بيئة مالية آمنة وشفافة، وبما يسهم في دعم إعادة الإعمار في سوريا وتعزيز التكامل الاقتصادي بين البلدين.

مشاركة المقال: