السبت, 22 نوفمبر 2025 01:40 PM

خطة أمريكية روسية تلوح في الأفق: هل تتخلى أوكرانيا عن أراضيها مقابل السلام برعاية ترامب؟

خطة أمريكية روسية تلوح في الأفق: هل تتخلى أوكرانيا عن أراضيها مقابل السلام برعاية ترامب؟

في خريف عام 2025، ومع اقتراب الذكرى الرابعة للحرب الأوكرانية، يواجه الرئيس فولوديمير زيلينسكي تحديات حاسمة منذ شباط 2022، خاصة مع إعلانه الاستعداد للعمل مع الولايات المتحدة وفق "رؤيتها" لإنهاء الحرب. هذا الإعلان جاء استجابة لما يعرف في الأوساط الدبلوماسية بـ"خطة ويتكوف – ديميترييف"، وهي وثيقة مسربة تكشف عن ثمن باهظ ستدفعه كييف مقابل "السلام"، في ظل أزمات داخلية وتراجع الدعم الخارجي.

الخطة، التي تحمل اسم المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف ونظيره الروسي كيريل ديميترييف، تتجاوز كونها مجرد اقتراح لوقف إطلاق النار، بل تبدو كإعادة هيكلة جيوسياسية للمنطقة، ترجح كفة موسكو وواشنطن، وفقًا للتسريبات.

تشير صحف لندن إلى أن الخطة تضفي شرعية على السيطرة الروسية على الأرض، حيث تتنازل كييف عن مناطق واسعة من إقليم دونباس، ما يتعارض مع مبدأ استعادة كامل الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك شبه جزيرة القرم. كما تحدد الخطة عدد القوات المسلحة الأوكرانية بـ 600,000 جندي، وتطالب بالتخلي عن أسلحة ثقيلة، مقابل نشر طائرات مقاتلة أوروبية في بولندا، ما يعني حماية الأجواء الأوكرانية "عن بعد". أما الضربة الأقسى، فهي التعهد بعدم الانضمام إلى "حلف شمال الأطلسي" (الناتو)، مقابل "ضمانات أمنية" غامضة.

ستحصل موسكو على مكافآت كبيرة، بما في ذلك الاعتراف بسيادتها على دونيتسك ولوغانسك والقرم، وإعادة دمجها في الاقتصاد العالمي، ورفع العقوبات عنها، وقبولها ضمن مجموعة السبع (لتصبح مجموعة الثماني G8 مجددًا)، مما يعكس أولويات رأس المال العالمي لإنهاء الاضطرابات في أسواق الطاقة والتجارة.

على الرغم من أن الخطة تبدو مجحفة لأوكرانيا، فإن قبول زيلينسكي الضمني بها يعكس وضعه السياسي الصعب، حيث تواجه إدارته فضيحة فساد بقيمة 100 مليون دولار، أضعفت ثقة الشارع الأوكراني ودفعت المشككين في الغرب إلى تقليص المساعدات.

عسكريًا، يحقق الجيش الروسي مكاسب إقليمية في شرق أوكرانيا. وفي ظل هذه التسوية، قصفت الصواريخ الروسية مباني سكنية في تيرنوبيل وزابوروجيا، مخلفة قتلى وجرحى. ومع بدء ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية، تحول عبء تمويل الحرب إلى الحلفاء الأوروبيين، مما جعل التوصل إلى "صفقة تسوية" أولوية قصوى. وفي ظل تجميد التمويل الأميركي المباشر، لم يعد لزيلينسكي ظهر يستند إليه لمقاومة الإملاءات الأميركية. ووصف زيلينسكي الخطة بأنها "رؤية" يمكن أن "تنعش الدبلوماسية"، مشددًا على ضرورة التوصل إلى "سلام حقيقي".

أوروبا، التي تتحمل العبء الأكبر من التمويل العسكري والاقتصادي لأوكرانيا، كانت خارج صياغة خطة التسوية. وقد عبر كل من وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول، ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، عن انزعاجهما من هذا التهميش. وأكد القادة الأوروبيون على أن الخط الأمامي الحالي يجب أن يكون "نقطة انطلاق لأي تفاهم"، وأن القوات المسلحة الأوكرانية "يجب أن تبقى قادرة على الدفاع بفعالية عن سيادة أوكرانيا".

على الجانب الروسي، قلل الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، من شأن الخطة، واصفًا إياها بأنها ليست "مداولات رسمية". ويرى خبراء أن الهدف من ذلك هو رفع سقف التفاوض. ويمارس ترامب ضغوطًا مزدوجة على موسكو، حيث فرض عقوبات جديدة على منتجي النفط الروس. أما بالنسبة لأوكرانيا، فقد نفت الناطقة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، استبعاد كييف من صياغة الخطة، مشيرة إلى موافقة وزير الدفاع الأوكراني، رستم عمروف، على "غالبية النقاط".

ستكشف الأيام المقبلة ما إذا كانت خطة ويتكوف – ديميترييف ستفرض كأمر واقع، لتنهي الحرب بسلام بارد، أم أنها ستكون مجرد استراحة محارب قبل جولة جديدة من الصراع. وعلى الأرجح، سيجد زيلينسكي نفسه مضطرًا إلى القبول بالخطة، التي تعني التنازل عن الأرض والسيادة العسكرية مقابل وعود بـ"الازدهار"، أو المغامرة بوجود الدولة الأوكرانية نفسها.

مشاركة المقال: