أكد الرئيس رجب طيب أردوغان أن تركيا تواصل جهودها الدؤوبة لضمان الاستقرار والازدهار والأمن الدائم في سوريا، مشيراً إلى أن بلاده ستقدم الدعم اللازم لإعادة إعمار هذا البلد العربي. جاء ذلك في كلمته التي ألقاها أمام الكتلة النيابية لحزب "العدالة والتنمية" في البرلمان يوم الأربعاء.
وأشار أردوغان إلى أن تركيا استقبلت ملايين السوريين الفارين من ويلات المجازر، مؤكداً أن الشعب التركي وقف إلى جانب ضيوفه بصبر رغم الاستفزازات التي ارتكبها من لا يملكون الرحمة أو الضمير أو القلب أو الإنسانية. وأضاف: "أشقاؤنا السوريون يقيمون الآن في أرضنا كضيوف، وقبل عام قام هؤلاء المظلومون في سوريا بثورة، فهم من قاموا بالثورة، وهذا الشعب النبيل أضاف شرفاً جديداً إلى شرفه بفضل تلك الثورة".
وتابع: "تشرفنا لأننا اعتنينا بهؤلاء المهاجرين بروح الأنصار، والآن يعود ضيوفنا إلى وطنهم، ويدعون لنا ولشعبنا عند عودتهم". ولفت أردوغان إلى أن اللغة التركية أصبحت لغة ثانية متداولة في شوارع دمشق وحلب وحماة وحمص واللاذقية، مؤكداً أن "جهودنا مستمرة لتنعم سوريا بالاستقرار والازدهار والأمن الدائمين".
وأكمل: "إن شاء الله سنقف مجدداً مع أشقائنا في إعادة إعمار وبناء سوريا، وسننمو معاً في سوريا وتركيا، وتذكروا أن أمن سوريا من أمننا". وأشار الرئيس التركي إلى أن أنقرة جعلت وجهتها هي الجغرافيا التي تربطها أواصر قلبية مع تركيا، وذلك كواجب تاريخي. وأردف: "قلنا إننا سنبقى داخل حدود بلدنا، وسنحافظ عليها بدمائنا وأرواحنا، ولكن لا يمكن لأحد أن يضع حدوداً للجغرافية التي تربطنا بها أواصر قلبية".
ولفت أردوغان إلى أن بعض الجهات اختلقت رواية مضللة منذ عشرات السنين تزعم أن العرب طعنوا الأتراك في ظهرهم، وأنها تعيد اختلاقها وتقديمها مجدداً. وقال: "رووا لنا نفس الحكاية سنين طويلة، واليوم يعيدون تحضير نفس الحكاية وتقديمها لنا من جديد، ما الأمر؟ العرب طعنونا في الظهر!". ورداً على ذلك قال: "دعكم من هذا، فعلى مدى عشرات السنين، أداروا ظهورهم للعجم والعرب والمسلمين ولجغرافيتنا التاريخية، وللمناطق التي ترابطنا بها الأواصر القلبية ولأصدقائنا وإخوتنا، بل وحتى رأس المال شتتوه إلى ألوان".
ولفت إلى أنه بينما كانت الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والصين تستثمر في جغرافيا ترتبط وجدانياً بتركيا وتسحب استثمارات منها، كان هناك داخل تركيا عصابة تطعن الأتراك في الظهر بحجة ما يسمّونه رأس المال العربي ورأس المال الأخضر والرجعية. وشدد الرئيس على أن هؤلاء وجهوا - من خلال هذه الأكذوبة - أكبر إساءة لتركيا وسبّبوا لها أكبر ضرر.
وبيّن أن تركيا تقف إلى جانب المظلومين في فلسطين وتبذل جهودًا من أجل السلام في أوكرانيا، وتسعى لحقن الدماء في السودان. وأكد أردوغان أن أمن فلسطين والسودان وأذربيجان وجمهورية شمال قبرص التركية والعراق وإيران وأوكرانيا مرتبط بشكل مباشر بأمن تركيا، وأن أصحاب الأفق المحدود لن يفهموا هذه الرؤية أبدًا.
وشدد على أن تركيا حاضرة في جميع أنحاء العالم اليوم، عبر الوكالة التركية للتعاون والتنسيق "تيكا"، ورئاسة أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى، والهلال الأحمر، ورئاسة الشؤون الدينية، ومؤسسة المعارف، والخطوط الجوية، ومنظمات الإغاثة، ورجال الأعمال، والمقاولين. وقال: "نمد يدنا للمساعدة (..) نحن لسنا مثل الآخرين، لسنا ساعين للاستعمار، لسنا من يأخذ دائمًا دون أن يعطي شيئًا، نحن لا ننخرط في حسابات غير إنسانية أو غير أخلاقية. نحن أحفاد السلاجقة والعثمانيين".
وأردف: "نحن هنا ليس لنهدم بل لنعمر القلوب، تذكروا نحن أمة آمنت بالرحمة والبركة من قلبها، وهكذا حزبنا، بينما نسعى للوصول إلى إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وإلى الأراضي المظلومة القريبة منا، فإننا لا نذهب لنسرق أو ننهب أو نستعمر، بل لنلتقي بمحبة". وتابع: "بينما لا يرى البعض أبعد من أنوفهم، فإننا عندما ننظر من نوافذ البرلمان، نرى ألطن داغ وسنجان (في أنقرة) بجوارنا مباشرة، ونرى غزة والخرطوم وباكو وبخارى ودمشق والقدس وأبعد من ذلك بكثير".
الأناضول