الثلاثاء, 18 نوفمبر 2025 12:17 PM

هل تعرقل إدارة ترامب الطموحات الأوروبية في شرق آسيا؟

هل تعرقل إدارة ترامب الطموحات الأوروبية في شرق آسيا؟

ربما كانت أولى إشارات القلق التي تلقتها أوروبا من الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولايته الثانية هي "المحاضرة" التي ألقاها نائبه جي دي فانس في "مؤتمر ميونيخ للأمن" بعد فترة وجيزة من تولي الإدارة الجمهورية السلطة. في ذلك الوقت، صرح فانس بأن "الخطر الحقيقي" على أوروبا يتمثل في الهجرة غير المنظمة، وإقصاء اليمين المتشدد من الحكم، والقيود المفروضة على حرية التعبير.

كان هذا أسوأ من مجرد انعزالية أمريكية. على الأقل، كان من المفترض في الحالة الأخيرة أن تترك أمريكا الأوروبيين وشأنهم، سواء في مسائل الدفاع أو في شؤون الحكم الداخلي. ولكن في تلك اللحظة، بدا أن أوروبا تحصل على أسوأ السيناريوهات الممكنة: تدخل أمريكي في حكم القانون الأوروبي مقابل تخلي أمريكي عن أمنها.

مع مرور الأشهر، تحسنت العلاقات بين الطرفين، وذلك بفضل جهد أوروبي كبير لفهم ترامب وتلبية مطالبه. ومع ذلك، ظلت هناك فجوة واضحة.

تكشف تطورات عديدة عن نية أوروبية للعب دور أمني واقتصادي في شرق آسيا، انطلاقاً من إدراكها بأن ما يحدث هناك يؤثر على أمنها وازدهارها. ولكن من هو غير الراض عن هذا الدور الجديد؟ إنه نائب وزير الدفاع الأميركي لشؤون السياسة، إلبريدج كولبي، الذي منع في مايو/أيار الماضي بريطانيا من إرسال حاملة طائرات إلى منطقة "الإندو-باسيفيك"، مطالباً إياها بالتركيز على التهديدات القريبة. ونقلت "بوليتيكو" عن كولبي قوله: "لا نريدكم هناك".

وخلال حوار منتدى شانغري-لا الماضي، وهو أكبر مؤتمر دفاعي سنوي في آسيا، طلب وزير الدفاع بيت هيغسيث من الأوروبيين التركيز على قارتهم، مشيراً إلى أن حرف "النون" في الناتو يشير إلى "شمال الأطلسي".

إذا كانت الإدارة الأميركية ترى في الصين التحدي الأكبر لها، فمن البديهي أن ترحب بأي دور أوروبي في شرق آسيا، لأنه يمثل إضافة، ولو متواضعة، للإمكانات الأميركية هناك، تماماً كما ترحب روسيا بإمكانات كوريا الشمالية والصين (المتباينة) في جهودها الحربية الأوروبية.

تعتبر الرؤية الأوروبية هذه ابتعاداً ليناً عن دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لأوروبا إلى عدم الانجرار نحو صراع حول تايوان. وقد جاء ذلك خلال زيارته للصين في ربيع عام 2023. وحينها، برز من بين الأصوات الأميركية الغاضبة صوت السيناتور (ووزير الخارجية الحالي) ماركو روبيو، الذي قال: إذا لم تكن أوروبا تريد "تأييد طرف بين الولايات المتحدة والصين حول تايوان، فعندها ربما يجب ألا نؤيد طرفاً" في الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

بمعنى آخر، كان من المفترض أن يمثل الدور النشط الجديد لأوروبا في شرق آسيا انتصاراً لرؤية ترامب، لا إزعاجاً لها. ومرة أخرى، تبدو "الانعزالية" الانتقائية أو العشوائية لأمريكا أكثر ضرراً أو تقييداً لأوروبا، بالمقارنة مع الانعزالية الأميركية التامة. ومع ذلك، قد يعبر تصريحا هيغسيث وكولبي عن نظرة شخصية لا عن نظرة عامة للإدارة، بالنظر إلى أنهما اختلفا أحياناً مع ترامب في قضية مد أوكرانيا بالسلاح.

كذلك، فإن التأرجح الأميركي في النظرة إلى أوروبا سيدفع الأخيرة، بما فيها فرنسا ولو لأسبابها الخاصة، إلى عدم خفض حضورها في المنطقة، بحسب دراسة صادرة في يونيو/حزيران لـ"المعهد الدولي للدراسات الأمنية". وربما بدأت الإدارة تدرك أنه ليس بوسعها الضغط على أوروبا كثيراً لخفض حضورها في المنطقة، بعد الخسارة الأميركية النسبية في الحرب التجارية.

في الخلاصة، إن أسوأ مخاوف بروكسل من ترامب لم تتحقق بعد. نهاية سنة 2025 أفضل لأوروبا من بدايتها.

ما إذا كان ذلك سينطبق على السنوات المقبلة يحتمل وجهات نظر مختلفة.

مشاركة المقال: