الأحد, 16 نوفمبر 2025 02:33 PM

الفساد في أفريقيا: مليارات مهدورة تعيق التنمية وجهود مكافحته

الفساد في أفريقيا: مليارات مهدورة تعيق التنمية وجهود مكافحته

على مدى العقدين الماضيين على الأقل، فشلت الحكومات الأفريقية في مكافحة الفساد الذي يستنزف مليارات الدولارات سنوياً من مواردها، وهي الموارد التي كان من المفترض أن تخصص لإنعاش الاقتصادات والحد من الفقر والبطالة والهجرة غير الشرعية.

على الرغم من أن بعض الرؤساء الأفريقيين أطلقوا خططاً أو رؤى طموحة لنقل بلدانهم إلى مصاف الدول المتقدمة بحلول عام 2030، إلا أن الواقع يكشف أن الفساد كان لهم بالمرصاد لإجهاض هذه الخطط قبل تنفيذها. والسؤال الذي حاول الإجابة عليه العديد من الباحثين هو: ما أسباب انتشار الفساد على نطاق واسع في معظم الدول الأفريقية؟

قد يكون السبب غياب الآليات الفعالة لاجتثاث الفساد، أو وجود مافيات للفساد قادرة على زرع رجالاتها في مواقع صنع القرار، أو الأهم من ذلك، هشاشة القوانين النافذة التي تساعد على نشر الفساد والمفسدين، وعدم الجدية في استبدالها بقوانين رادعة كما هو الحال في الدول المتقدمة التي تسمح بوضع الرؤساء الفاسدين خلف القضبان.

السؤال الأكثر أهمية هو: هل وصلت الدول الأفريقية إلى طريق مسدود، ولم تعد قادرة على إطلاق خطط قابلة للتنفيذ تتيح لها اجتثاث الفساد والتحرر من المديونية وتحقيق التنمية المستدامة؟

تكتسب مكافحة الفساد أهمية كبيرة في القارة الأفريقية، فهي تأتي في المرتبة الثانية بعد قارة آسيا بمساحة 30.37 مليون كيلومتر مربع، وعدد سكان لا يقل عن 1.2 مليار نسمة، بنسبة 14.8% من سكان العالم. كما تمتلك أفريقيا 65% من إنتاج الذهب في العالم، و95% من الماس، و90% من إنتاج البلاتينيوم، و20-25% من إنتاج اليورانيوم، مما يجعلها تحتل مقدمة الدول على مستوى قارات العالم، بالإضافة إلى عدد مهم ومتنوع من الثروات الزراعية والمعدنية الأخرى.

المشكلة المزمنة هي أن هذه الثروات غير مستثمرة إلا في الحدود الدنيا، مع انتشار كبير للفساد، مما أدى إلى اعتماد معظم الدول الأفريقية على الهبات والقروض وإلى موجات هجرة غير شرعية خطرة لشرائح كبيرة من الشباب هرباً من الفقر والفساد.

ما زاد من تفاقم الأوضاع ليس التهاون في مكافحة الفساد فقط، وإنما أيضاً تقصير الحكومات في استثمار ثروات بلادها بما يحقق نهضة اقتصادية واجتماعية مستدامة.

لقد رفعت القمة الـ 30 للاتحاد الأفريقي بأديس بابا في يناير 2018 شعار (الانتصار في مكافحة الفساد – مسار مستدام لتحول أفريقيا)، لكن بقي الشعار حبراً على ورق، فلم تكن المحاولات الخجولة كافية لوضعه موضع التنفيذ، فالفساد ازداد خلال السنوات التالية أكثر فأكثر، والديون ازدادت أيضاً أكثر فأكثر، كما ازدادت موجات الهجرة الشرعية واللاشرعية أكثر فأكثر!

الخلاصة: مع أن بعض القادة الأفريقيين حاولوا إطلاق رؤى لنقل بلادهم من التخلف إلى التقدم، ووعدوا بمكافحة الفساد وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة من خلال استثمار الإمكانات المتاحة لتزج الشباب في عملية إعمار بلادهم، فإن هذه الرؤى بقيت حبراً على ورق!

(أخبار سوريا الوطن-1)

مشاركة المقال: