السبت, 8 نوفمبر 2025 04:15 PM

الدبلوماسية السورية تنطلق من بوابة البيئة: مشاركة الرئيس الشرع في قمة المناخ العالمية

الدبلوماسية السورية تنطلق من بوابة البيئة: مشاركة الرئيس الشرع في قمة المناخ العالمية

في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها النظام الدولي على الصعيدين البيئي والسياسي، تكتسب زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى البرازيل ومشاركته في قمة المناخ العالمية أهمية بالغة، فهي تحمل رسائل سياسية ودبلوماسية متعددة الأبعاد، وتفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي والبيئي بين سوريا والبرازيل، ودول الجنوب العالمي بشكل عام.

وبعيداً عن الجانب السياسي، الذي لا يقل أهمية حيث تمثل قمة المناخ فرصة لدمشق لاستعادة حضورها السياسي على الساحة الدولية، فإن مؤتمر المناخ "كوب 30" يتيح لسوريا عرض رؤيتها لمواجهة تحديات التغير المناخي، خاصة وأن البلاد عانت خلال العقد الأخير من آثار وخيمة نتيجة الجفاف والتصحر وتراجع الموارد المائية. وقد أصبحت هذه القضايا تمثل أولوية وطنية تتطلب التعاون مع المجتمع الدولي لإعادة تأهيل البيئة السورية المتضررة جراء الحرب، وهو ما أكده الرئيس الشرع في كلمته خلال القمة، مشيراً إلى أن سوريا واجهت خلال السنوات الماضية تحديات بيئية معقدة تراكمت آثارها على الإنسان والموارد على حد سواء، وأن الجفاف المتكرر وتراجع الموارد المائية أثرا بشكل كبير على الزراعة والأمن الغذائي.

من المؤكد أن مشاركة الرئيس الشرع ستساهم في تعزيز مكانة سوريا ضمن الجهود العالمية للتكيف مع التغير المناخي، وفتح قنوات للحصول على الدعم الفني والمالي من المنظمات الدولية. كما أن عرض المبادرات الوطنية في مجالات الطاقة المتجددة والزراعة المستدامة سيعكس التزاماً سياسياً جديداً تجاه التنمية البيئية طويلة الأمد، وهو ما تجلى بوضوح في تأكيد الرئيس الشرع على أن الرؤية الطموحة لسوريا تتجسد في خطة إعادة الإعمار والتعافي التي بدأت بتطبيقها، والتي تترجم إلى سياسات وبرامج ومشاريع عملية ضمن إطار انتقال أخضر واضح، يركز على الطاقة المتجددة، وإعادة تأهيل نظم الأنهار باستخدام تقنيات الري الحديثة، وبناء مدن جديدة مستدامة تنهض من الركام بوسائل صديقة للبيئة، وتطبيق خطط زراعية متوافقة مع المناخ للحفاظ على الموارد والشعب.

ولا يمكن فصل القضايا البيئية عن الفرص الاقتصادية المرتبطة بالتحول الأخضر، وفي هذا السياق، يمكن للزيارة أن تمهد الطريق أمام استقطاب الاستثمارات في مجالات الطاقة الشمسية، وإدارة المياه، وإعادة الإعمار المستدام، خاصة وأن البرازيل تمتلك خبرة متقدمة في الزراعة الحديثة والوقود الحيوي، ما يجعلها شريكاً محتملاً في جهود سوريا لتحقيق الأمن الغذائي واستعادة الإنتاج الزراعي.

وفي سياق أوسع من التحولات في النظام الدولي نحو التعددية القطبية، تتجه العديد من الدول إلى تعزيز التعاون جنوب – جنوب كبديل عن النماذج الغربية التقليدية. وفي هذا الإطار، يمكن لسوريا من خلال المشاركة في قمة المناخ، أن توثق روابطها مع دول مثل البرازيل وجنوب إفريقيا والهند، وهي دول تشكل محوراً مهماً في النظام الدولي الجديد.

إن حضور الرئيس الشرع في قمة المناخ يجسد رؤية سورية منفتحة نحو المستقبل، تسعى من خلالها الدولة إلى تعزيز التعاون الدولي في خدمة الإنسان والبيئة، وترسيخ مكانتها كشريك فاعل في الجهود العالمية الرامية إلى بناء عالم أكثر توازناً وعدلاً واستدامة.

الوطن

مشاركة المقال: