حذرت منظمة أطباء بلا حدود – فرع ألمانيا من تفاقم الأوضاع الإنسانية المتردية في شمال شرق سوريا، مشيرة إلى أن السكان يواجهون صعوبات جمة بسبب نقص المياه وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتدهور الخدمات الطبية.
أكد تقرير ميداني صادر عن المنظمة، استنادًا إلى دراسة استقصائية شملت أكثر من 150 عائلة من السكان المحليين والنازحين في محافظة الحسكة، أن هذه العوامل حولت حياة مئات الآلاف إلى صراع يومي من أجل البقاء.
وكشف التقرير عن أن غالبية الأسر تعيش في ظروف معيشية قاسية وتفتقر إلى الاحتياجات الأساسية. وأشار إلى أن 90٪ من المشاركين في الاستطلاع لم يتمكنوا من الحصول على العلاج الطبي اللازم بسبب ضائقة مالية أو عدم وجود مرافق صحية مناسبة، علمًا بأن متوسط الدخل الشهري في المنطقة يبلغ حوالي 150 دولارًا فقط، مما يجعل توفير الغذاء تحديًا مستمرًا، حيث أفادت 77٪ من الأسر بأنها تعاني من نقص في المواد الغذائية عدة مرات في الشهر.
كما سلط التقرير الضوء على النقص الحاد في المياه النظيفة نتيجة للجفاف والتغير المناخي وتضرر شبكات المياه، بالإضافة إلى ما وصفه بـ "التلاعب المتعمد بمصادر المياه". وأوضح أن محطة مياه العلوك، التي تعتبر المصدر الرئيسي للمياه لما يقرب من نصف مليون شخص، تعمل بشكل متقطع منذ عام 2019، وأن 37٪ فقط من العائلات تحصل بانتظام على كمية كافية من المياه لتلبية احتياجاتها اليومية.
ونقل التقرير عن خالد (26 عامًا)، وهو نازح من ريف الحسكة، قوله: "نستحم الآن كل خمسة أيام، وعلينا أن نختار: هل نكون نظيفين أم نشرب؟"
من جهتها، صرحت باربرا هيسل، منسقة أطباء بلا حدود في شمال شرق سوريا، بأن المشكلة لم تعد تقتصر على آثار الحرب، بل تتعلق بانهيار القدرة على العيش بكرامة، وأن نقص المياه أدى إلى استغلال النساء اللواتي يتحملن مسؤولية جلب المياه، حيث تحدثت بعضهن عن تعرضهن للتحرش أو الابتزاز مقابل الماء.
وقالت النازحة آلاء من رأس العين: "حتى لو أردنا العودة، فلا يوجد شيء نعود إليه. لا مساعدة، ولا مأوى، ولا دعم. العودة دون مساعدة مستحيلة."
وأكدت المنظمة أن فرقها تواصل تقديم الرعاية الطبية في مناطق مختلفة من شمال شرق سوريا، بما في ذلك علاج الأطفال المصابين بسوء التغذية والمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، بالإضافة إلى دعم إمدادات مياه الشرب، لكنها شددت على أن حجم الأزمة يتجاوز الإمكانيات المتاحة.
ودعت منظمة أطباء بلا حدود – ألمانيا الجهات المانحة والمنظمات الإنسانية والسلطات المحلية إلى زيادة التمويل وتحسين تنسيق جهود الإغاثة، مطالبةً جميع أطراف النزاع باحترام القانون الدولي الإنساني وحماية البنية التحتية المدنية الحيوية، وخاصة شبكات المياه.
واختتمت هيسل بالقول: "الناس هنا أمام خيار مستحيل: هل يشترون الطعام أم الدواء أم الماء؟ من دون دعم فوري وإرادة سياسية حقيقية، سيستمر هذا المعاناة رغم أنها قابلة للتجنّب."