أعلنت "مجموعة موانئ أبو ظبي" عن توقيع اتفاقية مساهمين في مشروع مشترك مع مجموعة "CMA CGM" الفرنسية، يتم بموجبها استحواذ المجموعة الإماراتية على حصة قدرها 20% في محطة حاويات اللاذقية في سوريا. وتبلغ قيمة الصفقة 81 مليون درهم إماراتي، أي ما يعادل 22 مليون دولار أمريكي.
وخلال حفل التوقيع الذي أقيم في إمارة أبو ظبي، صرح محمد جمعة الشامسي، الرئيس التنفيذي لـ"مجموعة موانئ أبو ظبي"، عن سعادته بتوسيع نطاق التعاون مع الشريك الاستراتيجي، مجموعة "CMA CGM". وأضاف أن هذه الاتفاقية تعكس قوة التعاون الدولي مع الشركاء الرئيسيين، وتسهم في تعزيز مكانة "مجموعة موانئ أبو ظبي" كممكّن عالمي رائد للتجارة والصناعة والخدمات اللوجستية.
وكانت "الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية" قد أعلنت في 5 شباط الماضي عن إبرام عقد جديد مع الشركة الفرنسية "CMA CGM" المشغلة لمحطة الحاويات في مرفأ اللاذقية، وتسوية الذمم السابقة بين الجانب السوري والشركة الفرنسية، وإبرام عقد جديد وفق شروط وآليات جديدة. وجددت الشركة عقدها مع النظام السابق في تشرين الأول 2024 لمدة 30 عامًا، بحسب تصريح سابق لكرم شعار، مدير البرنامج السوري في "مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية".
تجدر الإشارة إلى أن شركة "CMA CGM" تتولى تشغيل محطة الحاويات في الميناء منذ عام 2009، خلال فترة حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، بموجب عقد تم تجديده عدة مرات.
وشهدت العاصمة أبو ظبي مراسم توقيع الاتفاقية بحضور محمد جمعة الشامسي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ"مجموعة موانئ أبو ظبي"، ورودولف سعادة، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة "CMA CGM". وأكد الجانبان على أهمية هذه الشراكة في دعم مسيرة التطوير داخل ميناء اللاذقية.
تعتبر محطة حاويات اللاذقية البوابة البحرية الرئيسية لسوريا، حيث تتولى مناولة أكثر من 95% من بضائع الحاويات الواردة والصادرة في البلاد، بما في ذلك المنتجات الزراعية والسلع الصناعية، وتخدم حركة التجارة المرتبطة بالأسواق السورية والإقليمية في شرق البحر المتوسط.
وأكد الشامسي أن هذه الاتفاقية تأتي كامتداد لعلاقات الشراكة القائمة بين الجانبين، مشيرًا إلى أن التعاون مع مجموعة "CMA CGM" يسهم في توسيع حضور "مجموعة موانئ أبو ظبي" عالميًا، وتعزيز دورها في تمكين شبكات التجارة والخدمات اللوجستية.
وبموجب الاتفاقية، ستسهم الشراكة الجديدة في تنفيذ خطط تطوير شاملة للمحطة، بما في ذلك تحديث البنية التحتية، وتطوير الأنظمة الرقمية، ورفع كفاءة العمليات التشغيلية، بهدف تعزيز مكانة ميناء اللاذقية كبوابة محورية لحركة التجارة في سوريا ومنطقة شرق المتوسط، ودعم جهود النمو الاقتصادي المستدام.
يذكر أن الحكومة السورية قد وقعت في 1 أيار الماضي عقدًا مدته 30 عامًا مع الشركة الفرنسية لإدارة الميناء المطل على البحر المتوسط وتحديثه، بما في ذلك تطوير البنية التحتية للسماح بدخول السفن الأكبر حجمًا التي لم تكن قادرة على الرسو فيه.
ظهرت شركة "CMA CGM" لأول مرة تحت اسم "Compagnie Maritime d’Affrètement" عام 1978، وتتكون من أربعة موظفين وسفينة واحدة ومسار شحن واحد فقط بين بيروت واللاذقية وليفورنو ومرسيليا. وتوسعت الشركة خلال السنوات اللاحقة واستحوذت على شركات شحن حكومية وخاصة، في مختلف القارات، حتى أصبحت ثالث عمالقة الشحن البحري عالميًا.
تعود أصول مؤسس الشركة جاك سعادة إلى مدينة اللاذقية، وهو يمتلك جنسيتين، فرنسية ولبنانية، وهو ابن عائلة برجوازية. انتقل سعادة إلى لبنان عام 1970 بسبب قرارات التأميم في سوريا، وبسبب الحرب الأهلية هناك، غادر إلى فرنسا. توفي سعادة في 24 حزيران 2018، عن عمر ناهز 81 عامًا، وكان ابنه رودولف قد أصبح رئيسًا تنفيذيًا للشركة عام 2017.
ربطت جاك ورودولف سعادة علاقات مع الساسة في فرنسا، بحسب تحقيق أعده "راديو فرنسا"، في أيلول 2024، أبرزهم الرؤساء فرانسوا هولاند وجاك شيراك ونيكولا ساركوزي وإيمانويل ماكرون. وبدأ جاك استثماره باللاذقية بعد مرافقته ساركوزي في زيارته إلى سوريا عام 2008، وحصل ابنه رودولف على استثمارات في مرافئ بيروت وطرابلس بعد مرافقته الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خلال زيارته إلى لبنان في آب 2020 عقب انفجار مرفأ بيروت.
لم تتجاوز استثمارات العائلة في سوريا مرفأ اللاذقية، أما في لبنان فإنها تحولت إلى شبه إمبراطورية اقتصادية في قطاعات مختلفة، على رأسها المواني (طرابلس وبيروت).