الإثنين, 3 نوفمبر 2025 04:54 AM

مصادر العملة الصعبة: ألغازٌ وحقائق تتجاوز الإصلاحات الاقتصادية

مصادر العملة الصعبة: ألغازٌ وحقائق تتجاوز الإصلاحات الاقتصادية

يتناول علي عبود في هذا المقال أسباب تدهور سعر صرف الدولار، مشيراً إلى أن المحللين غالباً ما يغفلون السؤال الأهم: ما هي مصادر الدولة من العملة الأجنبية؟ ويستشهد بلبنان، الذي تجاوزت ودائع مصارفه 170 مليار دولار قبل عام 2017، ومصر، التي تعتبر من الدول العربية الرائدة في عائدات السياحة ولديها دخل كبير من الطاقة، ومع ذلك تضطر سنوياً للاقتراض من المؤسسات الدولية لتلبية احتياجاتها الأساسية.

يرى الكاتب أن التحليلات التي تربط تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية والجنيه المصري بعوامل اقتصادية داخلية، مثل زيادة الأجور وعجز الموازنة وضعف السياسات النقدية وتراجع الناتج المحلي الإجمالي والمضاربات، قد تكون صحيحة جزئياً، لكنها لا تفسر كيف تمكن بلد مثل لبنان، الذي يعتمد على الاقتصاد الريعي ونمو اقتصاده ضئيل وصادراته متواضعة وديونه تقترب من 100 مليار دولار، من الحفاظ على سعر صرف ثابت طوال الفترة من 1991 إلى 2017 دون أي نقص في العملة الأجنبية.

وينطبق الأمر ذاته على مصر، فعلى الرغم من اقتصادها الإنتاجي ونسبة نموه المقبولة واكتفائها الذاتي من النفط والغاز وعائداتها الكبيرة من السياحة وجذبها للاستثمارات الأجنبية والعربية، فإن احتياطاتها من العملة الأجنبية بالكاد تكفيها لشهر لولا القروض الخارجية. والأمر نفسه ينسحب على تركيا، التي تعتمد على القروض وبيع ممتلكات الدولة لتأمين العملة الأجنبية، حتى أن بعض المحللين الأتراك يرون أنه لم يعد لدى الحكومة ما تبيعه سوى الغابات.

ويؤكد الكاتب أن تحسين سعر الصرف يتطلب تعزيز الاحتياطات الأجنبية، لكن السؤال الصعب هو: ما الآليات الفعالة لزيادة واردات الدولة من العملة الأجنبية؟ ففي حين تعاني دول عديدة من شح العملة الأجنبية بسبب العقوبات الاقتصادية، فإن دولاً أخرى مدعومة من الغرب، مثل لبنان والأردن ومصر وتركيا، تعاني أيضاً من نقص حاد في احتياطاتها، لأن مصادرها من الدولارات إما ضئيلة قياساً إلى احتياجاتها أو شبه معدومة.

ويخلص الكاتب إلى أن الأمر لا يتعلق بالإصلاحات الاقتصادية ولا بالعلاقات الدولية الجيدة مع العالم الغربي، ولا بضعف الإنتاج المحلي ولا بالمضاربات ولا بزيادة الاستثمارات، فكلها عوامل مساعدة تساهم في زيادة واردات الدول من العملة الأجنبية، لكنها معرضة للخطر بسبب الأزمات المفاجئة داخلياً وخارجياً. لذلك، يجب على الحكومات في الدول النامية إيجاد مصدر دائم للعملة الأجنبية (مثل الدول النفطية) أو تقليص فاتورة الاستيراد إلى الحد الأدنى من خلال تصنيع احتياجاتها محلياً واستثمار ثرواتها الكامنة والنادرة بدلاً من تصديرها كمواد خام.

ويختتم بالقول إنه يستحيل على أي دولة نامية غير نفطية تأمين احتياطي كبير من العملة الأجنبية، وأن تدفق الأموال الخارجية والتعويل على الاستثمارات الأجنبية والعربية والاندماج في النظام المالي العالمي وتحسين السياسات النقدية والإصلاحات الاقتصادية.. الخ، غير كافية، بل إن البلد الذي يعجز عن إنتاج وتصنيع احتياجاته الأساسية سيقع عاجلاً أم آجلاً في قبضة المؤسسات المالية الدولية.

(أخبار سوريا الوطن-1)

مشاركة المقال: