السبت, 1 نوفمبر 2025 12:46 AM

بين النفوذ التركي والتحولات السياسية: صربيا تنتقد اعتراف سوريا بكوسوفو

بين النفوذ التركي والتحولات السياسية: صربيا تنتقد اعتراف سوريا بكوسوفو

انتقد الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، اعتراف الحكومة السورية باستقلال جمهورية كوسوفو المعلنة من جانب واحد، معتبراً ذلك نتيجة متوقعة لوقوع سوريا تحت النفوذ التركي. جاءت تصريحات فوتشيتش خلال حديث مع الصحفيين على هامش زيارته لأوزبكستان، ونقلتها وكالة الأنباء الروسية (ريا نوفوستي) يوم الخميس 30 تشرين الأول.

أوضح فوتشيتش: "لقد بات جلياً لنا أهمية النهج الذي تبناه الرئيس السابق بشار الأسد، خلال قيادته لسوريا. فمن الواضح أنه عندما يصل إلى السلطة شخص يخضع للنفوذ التركي الهائل، فإن هذا الاعتراف يصبح أمراً متوقعاً".

وأشار الرئيس الصربي إلى وجود وزير خارجيته، ماركو ديوريتش، في الرياض يوم الثلاثاء، وهو اليوم الذي أُعلن فيه اعتراف سوريا باستقلال كوسوفو. وأضاف أن هذا الموقف يذكره بما حدث قبل عام، عندما لم يمنع حضور الوزير الصربي في أنطاليا التركية، السودان من الاعتراف بكوسوفو، معتبراً أن هناك "نمطاً متشابهاً" في هذه الأحداث.

سوريا تعترف بـ "كوسوفو" دولة مستقلة

في 29 تشرين الأول، أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين السورية اعتراف سوريا بجمهورية كوسوفو دولة مستقلة وذات سيادة، مؤكدة أن ذلك يأتي في إطار السياسة السورية الرامية إلى توسيع التعاون والانفتاح مع مختلف دول العالم، وبما يخدم المصالح المشتركة.

جاء الإعلان في بيان صادر عن الوزارة، أوضح أن الاعتراف تم خلال اجتماع ثلاثي في العاصمة السعودية الرياض، ضم ممثلين عن سوريا والسعودية وكوسوفو، حيث جرى بحث سبل تعزيز العلاقات والتفاهم المشترك وفتح آفاق التعاون الثنائي.

وأكدت الخارجية أن هذا القرار يأتي "انطلاقاً من إيمان سوريا بحق الشعوب في تقرير مصيرها، وحرصها على تعزيز مبادئ السلام والاستقرار في منطقة البلقان والعالم"، مشيرة إلى أن الخطوة تأتي ضمن سياسة "الانفتاح وتوسيع جسور التعاون" مع مختلف دول العالم.

كما أعربت الوزارة عن "تقديرها العميق لجهود المملكة العربية السعودية ودورها البناء في تقريب وجهات النظر ودعم الحوار والتفاهم"، مشيرة إلى أن الرياض أسهمت في تهيئة الظروف المناسبة لاتخاذ هذا القرار. وأعلنت دمشق تطلعها إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع بريشتينا في أقرب وقت، وتطوير التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.

وكانت الرئاسة السورية قد استخدمت في بياناتها الرسمية توصيف "رئيسة جمهورية كوسوفو" عند الإشارة إلى فيوسا عثماني، خلال لقائها بالرئيس الشرع في أنطاليا. وهو لقاء جرى برعاية تركية في 11 نيسان الماضي، وتواجد خلاله العلمان السوري والكوسوفي، وشكل أول تواصل رفيع المستوى بين الجانبين منذ إعلان كوسوفو استقلالها عام 2008.

الأسد رفض الاعتراف بكوسوفو

خلال فترة حكم الرئيس السابق بشار الأسد، امتنعت سوريا عن الاعتراف باستقلال كوسوفو، متمسكة بموقفها الداعم لوحدة الأراضي الصربية، ومعارضة لأي تقسيمات على أسس دينية أو قومية، سواء في البلقان أو في الشرق الأوسط.

وأكد الأسد خلال لقاء مع وزير الخارجية الصربي آنذاك، فوك يريميتش، عام 2009 في دمشق، أن بلاده "ترفض الاعتراف بكوسوفو" وتدعو إلى حل سياسي للأزمة في المنطقة. كما دعمت سوريا الجهود الدبلوماسية الصربية الرامية إلى الحفاظ على سيادة بلغراد ووحدة أراضيها، في وقت كانت فيه سوريا تترأس منظمة المؤتمر الإسلامي وتعمل على منع تمرير قرار كانت السعودية تسعى من خلاله لحث الدول الإسلامية على الاعتراف بكوسوفو.

وبحسب محللين من كوسوفو، ارتبط هذا التوجه السوري بتحالفات سياسية وثيقة مع روسيا وصربيا، وانسجم مع رؤية النظام السوري السابق الرافضة لمبدأ الانفصال، خشية انعكاسه على القضايا السورية المشابهة، مثل المسألة الكردية.

لماذا انفصلت كوسوفو؟

ضُمّت كوسوفو إلى مملكة يوغسلافيا بعد الحرب العالمية الأولى، لتخضع منذ ذلك الحين لسيطرة الصرب رغم مطالبة سكانها الألبان بالانضمام إلى ألبانيا، باعتبارهم جزءًا تاريخيًا منها. واجه الألبان منذ تلك المرحلة سياسات تمييزية شملت ترحيل الآلاف ومنع تدريس اللغة الألبانية، بينما استمر الصرب بالسيطرة رغم كونهم أقلية.

تصاعدت التوترات بين الألبان والصرب خلال القرن العشرين، وبلغت ذروتها في حرب كوسوفو بين عامي 1998 و1999، حين اندلعت المعارك بين "جيش تحرير كوسوفو" المدعوم من "الناتو" والقوات اليوغسلافية والصربية، بعد اتهام الأخيرة بارتكاب مجازر وتطهير عرقي ضد المدنيين الألبان، ما تسبب بأزمة إنسانية ونزوح جماعي.

فشلت المفاوضات الدولية، فأطلق "الناتو" في آذار 1999 حملة قصف استمرت 78 يومًا، أجبرت بلغراد على الانسحاب بموجب معاهدة "كومانوفو"، التي نصت على استبدال القوات الصربية بأخرى دولية وعودة اللاجئين. خلّفت الحرب نحو 13 ألف قتيل، معظمهم من الألبان، وهُجّر قرابة مليون شخص.

خضعت كوسوفو بعد الحرب لإدارة الأمم المتحدة، واستمرت التوترات بين الألبان والصرب رغم انتشار قوات حفظ السلام. وفي شباط 2008، أعلنت كوسوفو استقلالها عن صربيا، واعترفت بها 110 دول، منها الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية، بينما رفضت صربيا وروسيا الاعتراف بها.

مشاركة المقال: