الخميس, 30 أكتوبر 2025 07:57 PM

السعودية تعيد تعريف الاقتصاد العالمي في مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" التاسع

السعودية تعيد تعريف الاقتصاد العالمي في مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" التاسع

تشهد الرياض، العاصمة السعودية، فعاليات النسخة التاسعة من مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار"، الذي اكتسب شهرة واسعة تحت مسمى "دافوس الصحراء". استقطب المؤتمر هذا العام أكثر من ثمانية آلاف من قادة العالم، والمستثمرين، والخبراء المتخصصين في مجالات الاقتصاد، والتكنولوجيا، والابتكار.

انعقد المؤتمر تحت شعار "المفتاح إلى الازدهار: إطلاق آفاق النمو الجديدة"، مؤكداً أن مستقبل الاقتصاد العالمي يعتمد على الاستثمار في الإنسان والتكنولوجيا على حد سواء، وليس فقط على رأس المال.

تولت مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار تنظيم المؤتمر، تحت إشراف صندوق الاستثمارات العامة، الذي يقود تنفيذ مشاريع "رؤية 2030" بهدف تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

في كلمته الافتتاحية، أكد ياسر الرميان، محافظ الصندوق، على الدور المحوري للذكاء الاصطناعي في تغيير ملامح الاقتصاد والمجتمع العالميين، محذراً من تفاقم الفجوة المعرفية والتعليمية بين الدول في حال عدم استثمار هذا التحول التكنولوجي في بناء الإنسان قبل الآلة. وأشار إلى أن ثلاثة من كل أربعة أشخاص حول العالم يرون أن الذكاء الاصطناعي قد يزيد التفاوت بين الدول الغنية والنامية، إذا لم يتم معالجة جذور المشكلة من خلال التعليم.

تميزت النسخة التاسعة من المؤتمر بتركيزها على الذكاء الاصطناعي والمشاريع العمرانية الضخمة مثل مشروع "نيوم"، مع التأكيد على كونه منصة عالمية للاستثمار في الإنسان ومنتدى لإبرام الصفقات.

أعلن القائمون على المبادرة أن قيمة الاتفاقيات التي تم توقيعها في الدورات السابقة تجاوزت 250 مليار دولار، مما يعكس الزخم الاقتصادي الذي تشهده المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة. وشهدت هذه الدورة توقيع اتفاقيات جديدة في مجالات الطاقة، والتكنولوجيا، والبيئة، بالإضافة إلى شراكات في مجال الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك إطلاق شركة "هيوماين" السعودية منتجها "هيوماين 1"، الموجه للاستخدام في المؤسسات الحكومية ويهدف إلى خدمة أكثر من 150 دولة من خلال مراكز بيانات مشتركة.

تجاوزت أهمية المؤتمر الأرقام، لتشمل الرسائل التي حملها. قدمت المملكة مبادرتها كمنصة تجمع بين الاستثمار والسلام، والتنمية والاستقرار، انطلاقاً من إيمانها بأن الاستثمار في الإنسان والتكنولوجيا هو السبيل الأمثل لبناء مستقبل أكثر توازناً. وقد شارك في المؤتمر، بالإضافة إلى صناع القرار الماليين، مفكرون وخبراء في مجالات التعليم والبيئة، ورؤساء تنفيذيون لمؤسسات مالية عالمية، مما يعكس الرغبة في توسيع مفهوم الاستثمار ليشمل البعد الإنساني والمعرفي.

يأتي انعقاد المؤتمر في وقت تسعى فيه السعودية إلى تعزيز مكانتها كمركز دولي للابتكار والتكنولوجيا، بعد تحقيق نمو في الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 24% خلال عام 2024، لتصل إلى 31,7 مليار دولار. وأصبحت الرياض مركزاً مؤثراً في منظومة المال والأعمال العالمية، مستفيدة من بيئة تشريعية جاذبة ورؤية استراتيجية تتعامل مع التحول التكنولوجي كأداة اقتصادية ودبلوماسية.

على الرغم من الحماس الكبير المصاحب للتحولات التي يجلبها الذكاء الاصطناعي، لا تزال هناك تساؤلات حول قدرة هذه التكنولوجيا الطموحة على مواجهة تحديات الواقع. وأكد المشاركون في المؤتمر على أن مشاريع البنية التحتية الضخمة تحتاج إلى وقت طويل لتحقيق نتائجها، وأن الذكاء الاصطناعي يحمل فرصاً ومخاطر في آن واحد، حيث يفتح مجالات جديدة للإنتاج والابتكار، ولكنه يهدد أيضاً بإعادة تشكيل سوق العمل بشكل جذري. ومع ذلك، فإن ما يميز التوجه السعودي هو توجيه هذه التكنولوجيا لتكون فرصة لبناء منظومة جديدة أكثر إنصافاً وتوازناً.

في الختام، شكل مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في نسخته التاسعة خطوة إضافية في مسار التحول الذي تعيشه المملكة منذ حوالي عقد من الزمن. لم يكن مجرد حدث اقتصادي سنوي، بل منصة فكرية تسعى إلى صياغة مفهوم جديد للاستثمار يعتمد على الإنسان أولاً. وبينما تتجه الأنظار إلى النتائج العملية لهذه الطموحات، بدت الرسالة التي صدرت من الرياض هذا العام واضحة: من يملك رؤية للمستقبل، يملك القدرة على صناعته.

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: