الإثنين, 27 أكتوبر 2025 03:38 PM

الرئيس الشرع يزور الكنيسة المريمية في دمشق: تأكيد على الوحدة الوطنية وإحياء لروح العهدة

الرئيس الشرع يزور الكنيسة المريمية في دمشق: تأكيد على الوحدة الوطنية وإحياء لروح العهدة

شكلت زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى الكنيسة المريمية في دمشق القديمة ولقاؤه مع غبطة البطريرك يوحنا العاشر يازجي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، محطة مهمة لتعزيز الوحدة الوطنية والتلاحم المجتمعي بين جميع السوريين، مسلمين ومسيحيين. عكست هذه الزيارة، التي جرت في جو سوري مليء بالرمزية الوطنية والروح الإيمانية العميقة، رؤية سورية متجددة تؤمن بأن قوة الهوية الوطنية الشاملة تنبع من التنوع والتاريخ العريق والإرث الحضاري الذي جعل من دمشق القديمة نموذجًا للتعدد المتآلف.

أعرب غبطة البطريرك يازجي عن تقديره العميق للرئيس الشرع، مما يعكس مشاعر المحبة والوفاء التي يكنها أبناء الطائفة المسيحية لوطنهم الأم، وإيمانهم بأن سوريا كانت وستظل الحاضنة التي احتضنتهم عبر قرون من العيش المشترك والأخوة الوطنية. اللافت في الزيارة كان اطلاع الرئيس على العهدة التي كتبها معاوية بن أبي سفيان بإملاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي تعتبر وثيقة تأسيسية للتعايش والتاريخ المشترك في بلاد الشام. هذه العهدة ليست مجرد نص تاريخي، بل هي ميثاق وطني وإنساني يؤرخ لبداية علاقة قوية بين المسلمين والمسيحيين، تقوم على الاحترام المتبادل وصون الكرامة وحماية دور العبادة وضمان حرية المعتقد.

إن استحضار هذه الوثيقة خلال اللقاء لم يكن صدفة، بل كان تذكيراً بالجذور المشتركة العميقة التي قامت عليها بلادنا، والتي جعلت من دمشق نموذجاً فريداً في التسامح والتعايش منذ فجر الإسلام وحتى اليوم. تسلم الرئيس الشرع نسخة من العهدة كإشارة رمزية تؤكد التزام الدولة السورية بنهجها التاريخي في حماية التنوع وتعزيز قيم المواطنة المتساوية لجميع أبنائها دون تمييز.

تأتي هذه الزيارة في وقت تحتاج فيه سوريا أكثر من أي وقت مضى إلى إحياء روح العهدة، بما تحمله من معاني الأخوة والتكامل بين المكونات الدينية والثقافية، لتكون أساسًا لمشروع وطني شامل يعيد بناء ما دمرته الحرب، ويعالج المشاكل التي خلفها النظام السابق، ويعزز الثقة بين أفراد المجتمع السوري الواحد. لقد أثبتت الكنيسة المريمية عبر تاريخها الطويل أنها ليست مجرد معلم ديني عريق، بل هي ذاكرة وطنية حية تجسد مسيرة السوريين في وحدتهم وتكاتفهم. واليوم، من خلال زيارة الرئيس الشرع، تستعيد الكنيسة دورها كجسر روحي وثقافي يربط الحاضر بالماضي، ويذكر الجميع بأن سوريا كانت وستبقى أرض الإيمان الواحد والوطن الواحد، بغض النظر عن تنوع طوائفها ومذاهبها.

تمثل هذه الزيارة رسالة إلى الداخل والخارج مفادها أن سوريا الجديدة ماضية بثقة في ترسيخ العيش المشترك على أسس حقيقية وصادقة، وأن القيم التي أرسها الأجداد منذ العهدة الأولى ستظل منارة تضيء طريق الأجيال القادمة نحو مستقبل يسوده السلام والاحترام المتبادل.

مشاركة المقال: