لا تزال محافظة درعا تحافظ على العديد من التقاليد والعادات التي تحتفي بالجار وتقدره، حيث يعتبرها الأهالي واجباً وتكريماً له ولأهل بيته. ومن أبرز هذه التقاليد المحببة إعداد وليمة للجار الجديد، والتي يطلق عليها "النزالة".
فما إن يستقر الجار الجديد في منزله، سواء كان مالكاً أو مستأجراً، حتى يتوافد جيرانه لتهنئته والاحتفاء به، ويقومون بتجهيز وليمة وإرسالها إليه أو دعوته لتناول الطعام معهم.
إكرام وحفاوة
يؤكد محمد أبو هلال، الباحث في التراث، أن هذا الموروث الاجتماعي لا يزال حاضراً بقوة رغم تغير نمط الحياة، ويعتبر مظهراً من مظاهر إكرام الجار الجديد، امتثالاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره".
ويوضح أن "النزالة" أو "النزل" هي وليمة طعام تُعد بعناية وترسل إلى بيت الجار الجديد، وتتكون غالباً من الأرز مع اللحم أو الفروج، أو من طبق "المليحي" المفضل لدى أهل المنطقة.
ويشير أبو هلال إلى أن هذه العادة تتجاوز بعدها الاجتماعي إلى أبعاد أخرى، حيث تساعد الجار الجديد الذي قد يكون مشغولاً بترتيب منزله، من خلال تولي الجيران مهمة إعداد الطعام له، كما تهدف إلى دمجه في المجتمع الجديد وتوطيد العلاقات معه وتقليل شعوره بالعزلة.
ويضيف أنه بعد فترة من الاستقرار، غالباً ما يبادر الجار الجديد بدعوة جيرانه إلى مأدبة طعام كرد للجميل.
"الجود من الموجود"
يتفق الجميع على أهمية إكرام الجار، ولكن هذا الإكرام يختلف حسب الحالة المادية لكل شخص. وتقول السيدة منى الريني إن إكرام الجار لا يعني التكلف، بل "الجود من الموجود"، ويمكن أن يكون بأشكال متعددة بشرط الابتعاد عن الإسراف، فالهدف هو التواصل الاجتماعي.
وتوضح أن البعض يعد وليمة كبيرة ويدعو إليها الجيران، بينما يكتفي آخرون بمأدبة متواضعة تقتصر على الجار فقط، وهناك من يرسل الطعام إلى منزله الجديد.
وتضيف أن من العادات الموروثة أيضاً إعداد الوليمة لمن يتزوج له ولد، وتسمى "نزالة" أو "نقل"، وإرسال الطعام للمرضى المعسرين كنوع من التكافل الاجتماعي، وإعداد الطعام لآل الميت لفترة تزيد على أيام الحداد الثلاثة.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية