الأربعاء, 22 أكتوبر 2025 02:49 PM

سوريا تواجه كارثة جفاف غير مسبوقة: الفرات ينحسر وتصاعد التوترات يهدد المنطقة

سوريا تواجه كارثة جفاف غير مسبوقة: الفرات ينحسر وتصاعد التوترات يهدد المنطقة

أفاد راديو سويسرا في تقرير حديث بأن شرق سوريا يشهد موجة جفاف قاسية وغير مسبوقة منذ أشهر، حيث انخفضت معدلات هطول الأمطار بنحو 70%، وجفت مجاري الأنهار التي كانت تعتبر شرايين الحياة في المنطقة.

تحولت هذه الكارثة الطبيعية إلى أزمة سياسية، حيث تقوم تركيا، التي ينبع منها نهر الفرات، بتقليص كميات المياه المتدفقة إلى سوريا والعراق. في ريف الرقة، يقف المزارع نديم أمام سنابل القمح اليابسة والأرض المتشققة تحت أشعة الشمس الحارقة، معبراً عن حسرته قائلاً: «لم أرَ في حياتي مثل هذا العام. كانت أرضي خضراء، واليوم بالكاد أزرع نصفها.» وأشار إلى أن المضخات القديمة لم تعد قادرة على استخراج المياه، وحتى طبقات المياه الجوفية بدأت بالنضوب.

على امتداد نهر الفرات، الذي يعبر تركيا وسوريا والعراق، تتكرر مأساة نديم. فالنهر الذي كان يوماً شريان المنطقة، تقلص في كثير من المواقع إلى مجرى ضيق، وتحولت الحقول إلى أراضٍ قاحلة، فيما يبيع الفلاحون ماشيتهم ويخسر آلاف السوريين مصادر رزقهم.

وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (FAO)، تعاني سوريا هذا العام من عجز في القمح يتجاوز 2.5 مليون طن، أي ما يعادل استهلاك ثلثي السكان تقريباً. في محطة معالجة المياه في الرقة، يكافح المهندس أبو عبد القادر لتوفير المياه للمدينة، قائلاً: «المياه هي الحياة»، وهو يراقب أحواض التنقية التي تتسخ بسرعة بسبب انخفاض منسوب الفرات وارتفاع نسبة الشوائب.

السبب لا يقتصر على الجفاف الطبيعي، فتركيا تسيطر عبر 22 سداً على منابع النهر وتتحكم بتدفقه نحو سوريا والعراق، ما جعل من المياه ورقة ضغط سياسية. فكمية المياه المتدفقة اليوم لا تتجاوز ربع ما كانت عليه قبل عشرين عاماً، في وقت تتبادل فيه دمشق وأنقرة الاتهامات بالمسؤولية.

في الحسكة، حيث تراجعت المياه الجوفية أكثر من ثلاثة أمتار، يحذر مسؤول المياه حسن حسين قائلاً: «إذا لم تمطر هذا الشتاء، ستصبح المدينة بلا مياه في الصيف المقبل.» ويضيف: «يبدو أنهم يستخدمون المياه كسلاح لإضعافنا.»

رغم تفاقم الأزمة، لا يلوح أي دعم فعلي من الحكومة المركزية في دمشق، التي تتهمها الإدارات المحلية في الشمال الشرقي بالتقاعس، بل وحتى بالتواطؤ مع أنقرة. بينما تستمر درجات الحرارة بالارتفاع وتزداد موجات الجفاف حدةً، تتعمق أزمة المياه في سوريا، لتصبح واحدة من أخطر التحديات البيئية والسياسية في البلاد، في وقت يتفاوض فيه النظام والإدارة الكردية على مسار التقارب، بينما يجف نهر الفرات أمام أعين الجميع.

مشاركة المقال: