الإثنين, 20 أكتوبر 2025 09:21 PM

إحياء دور النخبة السورية: "اقتصاد" يعيد فتح ملف أبرز الأثرياء وتأثيرهم

إحياء دور النخبة السورية: "اقتصاد" يعيد فتح ملف أبرز الأثرياء وتأثيرهم

أطلق موقع "اقتصاد" قبل عقد من الزمان سلسلة بعنوان "أثرياء سوريا.. النخبة المُغيَّبة"، وتحديداً في 10 تشرين الأول 2015. استمرت السلسلة نحو خمس سنوات، ونُشر ضمنها 46 مادة تناولت 30 شخصية من أثرياء السوريين، بمختلف اصطفافاتهم (الموالي، المعارض، والرمادي)، وتخللتها حوارات مع خبراء حول الدور المأمول من هذه النخبة، إلى جانب مقاربات توثيقية وتأريخية. وكانت آخر مواد السلسلة في 13 شباط 2020.

استند مشروع "اقتصاد" يوم إطلاقه، إلى الدور التاريخي الحاسم للنخبة البورجوازية السورية في تشكيل سوريا التي نعرفها، وفي تثبيت أركان دولتها، وفي إفشال مشاريع التقسيم التي كانت فرنسا تعد لها منذ العام 1920. ورغم أن صراعات تلك النخبة وعجزها عن القيام بمسؤولياتها بالشكل المطلوب، أفقدها دفة قيادة هذا البلد لصالح النخب العسكرية التي تغلغلت في مفاصل صنع القرار في سوريا منذ نهاية الأربعينات من القرن الماضي، واحتكرت الحكم بشكل مطلق منذ منتصف الستينات، إلا أنه بقي لذكرى حكم تلك البورجوازية بريقه في أذهان السوريين.

إذ، وبصرف النظر عن تقييم تلك الحقبة، من شبه المتفق عليه بين شريحة واسعة من السوريين أن حكم العسكر كان أسوأ بمرات من حكم البورجوازية، وأن الأخيرة سمحت للسوريين أن يعيشوا حقبة ذهبية من الحريات والرخاء الاقتصادي النسبي. وذلك قبل أن تتعرّض تلك البورجوازية لثلاثية التهجير، والتهميش، والاستتباع، في عهود حكم البعث وآل الأسد. يومها، تحوّل من بقي من تلك البورجوازية في الداخل، إلى حالة من التكيّف، وشكل من أشكال التحالف، ومن ثم التبعية، لصالح مراكز القوى في السلطة الحاكمة. قبل أن تظهر بورجوازية طفيلية جديدة، تختلف عن تلك التاريخية، وتؤدي أدواراً مضرّة، شوّهت تلك الصورة الذهنية الجميلة الماثلة في عقول الكثير من السوريين، عن تلك النخبة.

بعد ثورة العام 2011، كانت البورجوازية السورية المهاجرة، بصورة خاصة، لاعباً ملفتاً في حراك المعارضة، مع بعض الأدوار المحدودة، وغير العلنية، لجانب من البورجوازية التي بقيت في الداخل. فيما غلب على بورجوازية الداخل، سمة الاصطفاف مع نظام الأسد، بصورة جزئية، أو بصورة مطلقة، وصولاً إلى المشاركة في تمويل شبيحته، وآلة قمعه. قبل أن تظهر بورجوازية جديدة، نتاج اقتصاد الحرب، لتصبح صاحبة السطوة الأبرز في سنوات حكم الأسد الأخيرة.

بالمجمل، لم يكن للبورجوازية السورية، باختلاف تصنيفاتها واصطفافات رجالاتها، دور حاسم في تطورات المشهد السوري. فهي منذ عقود، لم تعد تعي نفسها كطبقة، ولم يعد رجالها يتعاونون على هذا الأساس. لذا فقدت قدرتها على التأثير بصورة تدريجية، منذ منتصف السبعينات، على الأقل. دون أن ينفي ذلك، الدور الجزئي لهذه النخبة، في ضفة النظام، عبر مدّه بعامل من عوامل الاستمرار، وفي ضفة المعارضة، عبر مدّها هي الأخرى، بجانب من جوانب الدعم. فيما سادت سمة "الرمادية" على شريحة من أثرياء السوريين، في الداخل والخارج، والذين حاولوا تجنّب أي اصطفافات، قدر المستطاع، في حقبة ما بعد العام 2011.

اليوم، يُطرح دور هذه البورجوازية مجدداً. وبقدر ما يمكن ملاحظة أنها لا تعي نفسها كطبقة، قادرة في حال نظمت نفسها، على تحقيق تأثير سياسي نوعي، بقدر ما يبقى ذلك الأمر في سياق المتاح، لو توفر الوعي والإرادة الكافية لذلك. ومن هنا، قرر "اقتصاد" إعادة إحياء سلسلة "أبرز أثرياء سوريا"، مجدداً. وكما فعلنا قبل عقدٍ، سنسلط الضوء على هذه النخبة، وعلى جوانب قوتها الخفية، وحجم المقدرات التي تمتلكها، لو امتلكت مشروعاً يمثلها، ويخدم بلدها، بدلاً من أن تبقى رأس مال مُشرد، أو محلي متنافس ومتزلّف للسلطة أو لصيق بها.

وكما قلنا، قبل عقدٍ من الزمان، فإن سلسلة "أثرياء سوريا.. النخبة المُغيبة".. سلسلة معرفية، لا تُخفي غاياتها السياسية، وهي إيقاظ حسّ السياسة لدى أثرياء سوريا، كي يتحرك ذلك المارد، الذي لو تعاون رموزه لكان جباراً، وقادراً على التأثير في مسار الأمور ببلده، بما يخدم مصالحه، ومصالح عموم السوريين، في آن.

مشاركة المقال: