الإثنين, 20 أكتوبر 2025 09:20 PM

الشبكة السورية: تطهير مؤسسات الدولة من المتورطين في الانتهاكات ضرورة لتحقيق العدالة الانتقالية

الشبكة السورية: تطهير مؤسسات الدولة من المتورطين في الانتهاكات ضرورة لتحقيق العدالة الانتقالية

حذرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير تحليلي حديث من استمرار وجود المتورطين في الانتهاكات الجسيمة داخل مؤسسات الدولة السورية. وأكدت الشبكة أن عملية "التطهير الإداري" تعتبر شرطًا أساسيًا لنجاح المرحلة الانتقالية بعد سقوط النظام، المتوقع في كانون الأول/ديسمبر 2024.

التقرير، الذي حمل عنوان "الضرورة القانونية والأخلاقية لاستبعاد المجرمين من مؤسسات الدولة في المرحلة الانتقالية"، شدد على أن الإصلاح المؤسسي يتطلب محاسبة المتورطين في القمع والانتهاكات. وأوضحت الشبكة أن هذا الإجراء ليس مجرد قرار سياسي، بل هو ضرورة قانونية وأخلاقية لضمان عدم تكرار الجرائم واستعادة ثقة المواطنين بالدولة.

وأشارت الشبكة إلى أن نظام الأسد حوّل مؤسسات الدولة إلى أدوات قمع ممنهجة، بدءًا من القضاء والإعلام وصولًا إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية. وأكدت أن الانتهاكات لم تكن نتيجة قرارات فردية، بل نتيجة "تواطؤ منظم داخل أجهزة الدولة".

وفقًا لقاعدة بيانات الشبكة، تم توثيق مقتل أكثر من 202 ألف مدني، وتسجيل 160 ألف حالة اعتقال تعسفي واختفاء قسري، بالإضافة إلى 45 ألف حالة وفاة تحت التعذيب، ووقوع 217 هجومًا كيميائيًا و254 هجومًا بذخائر عنقودية، وتهجير ما يزيد على 13.8 مليون سوري داخل البلاد وخارجها.

كما وثقت الشبكة تورط 16,200 شخص في هذه الانتهاكات، من بينهم قادة أمنيون وعسكريون، وقضاة، وشخصيات إعلامية واقتصادية وثقافية موالية للنظام السابق.

وأكد التقرير أن استبعاد المتورطين يستند إلى مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان، وخاصة مبدأ "ضمان عدم التكرار". وأشار إلى أن هذا الإجراء معترف به في السوابق القضائية للمحكمتين الأوروبية والأمريكية لحقوق الإنسان، بشرط أن يتم وفق معايير قانونية واضحة وضمانات محاكمة عادلة.

وأوضحت الشبكة أن إبقاء المتورطين في مواقع السلطة "يمثل طعنة لضحايا الانتهاكات وتهديدًا مباشرًا لمستقبل سوريا"، معتبرة أن التطهير الإداري يهدف إلى "استعادة شرعية الدولة وليس إلى الانتقام".

واقترحت الشبكة نموذجًا عمليًا لتطهير الجهاز الإداري للدولة وفق ثلاث مستويات من التورط:

  • المستوى الأول: استبعاد دائم لكبار القادة المتورطين بشكل مباشر.
  • المستوى الثاني: استبعاد مشروط مع إمكانية الاستئناف لمن ساهموا بصورة غير مباشرة.
  • المستوى الثالث: مراجعة فردية للموظفين الأدنى رتبة، مع إمكانية إعادة إدماجهم وفق ضوابط محددة.

وأشارت إلى أن هذا النموذج يهدف إلى تحقيق توازن بين العدالة والواقعية، مع ضرورة التمييز بين "المساءلة الجنائية" و"التدقيق الإداري" الذي يركز على شرعية المؤسسات أكثر من العقوبات الفردية.

ودعت الشبكة إلى إقرار قانون خاص بالتطهير والتدقيق الوظيفي من قبل المجلس التشريعي القادم، يراعي مبادئ الشفافية والتناسب وتقييم المسؤولية الفردية. كما طالبت بإشراك المجتمع المدني ومجموعات الضحايا في صياغة وتنفيذ هذا القانون، وإطلاق استشارة وطنية عامة حوله.

كما شددت على ضرورة الاستفادة من قاعدة بيانات الشبكة في تحديد المتورطين، وإطلاق حملة توعية وطنية تشرح أهمية العدالة الانتقالية بوصفها وسيلة لإصلاح الدولة لا للانتقام.

وختمت الشبكة تقريرها بالقول إن نجاح المرحلة الانتقالية في سوريا "يتوقف على تفكيك إرث الاستبداد السياسي والمؤسسي"، مؤكدة أن العدالة الانتقالية لا تقتصر على المحاكمات أو التعويضات، بل تشمل إعادة بناء القيم والممارسات داخل مؤسسات الدولة.

وقالت إن "الإبقاء على الجلادين في مواقع السلطة لا يشكل خطرًا على الضحايا فحسب، بل يهدد مستقبل سوريا بأكمله".

مشاركة المقال: