السبت, 18 أكتوبر 2025 11:29 PM

الإخوان المسلمون في سوريا تطرح وثيقة تحدد رؤيتها للتعايش السلمي

الإخوان المسلمون في سوريا تطرح وثيقة تحدد رؤيتها للتعايش السلمي

أصدرت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا وثيقة تتضمن تصورها للعيش المشترك في البلاد، وذلك في ظل التحديات التي تواجهها سوريا بعد الصراع مع نظام الأسد الذي استمر حكمه 60 عامًا، وفقًا للجماعة.

أوضحت الجماعة في بيان نشرته يوم السبت 18 من تشرين الأول، أن سوريا اليوم بحاجة إلى "عيش مشترك" يضمن مصالح الجميع، بحيث لا يتم قمع أي رأي، ولا تستقوي أي جهة سورية بدولة خارجية للحفاظ على مصالحها.

وترى الجماعة أن "التراضي والتطاوع" على المشتركات من خلال الحوار للوصول إلى سلم أهلي مستدام ومجتمع مستقر، هو "واجب على أهل الوعي من أبناء المجتمع".

وأشارت الجماعة إلى أن قيمة العيش المشترك في سوريا تواجه تحديات نتيجة "صراع المجتمع السوري مع ديكتاتورية حكمت سوريا قرابة 60 سنة"، الأمر الذي أدى إلى توليد "صراعات ونزاعات تركت أثرها العميق، وبدأ يظهر في المجتمع خطاب غير بناء، ترك أثرًا سلبيًا واضحًا في تعزيز الانقسام المجتمعي".

وحذرت من أن هذا الخطاب غير البناء "سيترك بصمته على الاقتصاد والحياة الاجتماعية والسياسية وعلى العلاقات بين فئات المجتمع، إن لم ينهض العقلاء لعلاج هذا الأمر".

واقترحت الجماعة من خلال "ورقة" تصورها لأسس تراها ضرورية لبناء عيش مشترك يهدف إلى تعزيز التفاهم والسلام بين مختلف أفراد المجتمع ومكوناته، ويعيد لسوريا "صورتها العالمية المشرقة"، ويجمع السوريين بغض النظر عن خلفياتهم الدينية أو العرقية، معتبرة أن "إرادة العيش المشترك" شرط لبناء المجتمعات المستقرة والمتماسكة.

وقدمت الجماعة الأسس الشرعية للعيش المشترك مستندة بعدة آيات قرآنية منها الآية 13 في سورة "الحجرات" التي تقول: "يا أيها الناسُ إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند اللَّه أتقاكم".

ومن هذه الأساسات:

  • احترام الآخر، والاعتراف به، والتعامل معه: تراه الجماعة أمرًا شرعيًا يشمل كل أنواع الاختلاف حيث تنطلق الرؤية الإسلامية، وفق الجماعة، من "الاعتراف بالآخر المختلف وبأحقيته في الوجود".
  • العدالة: والعدالة هي التي تحدد الحقوق والواجبات تجاه الآخر، أيًا كان هذا الآخر، وهي بلا شك أهمّ القيم الإنسانية إطلاقًا، حيث أشارت الجماعة إلى أن لايمكن قيام العيش المشترك دون عدالة.
  • التعاون: إذ لا معنى لعيش مشترك في مجتمع ما، إذا لم يتعاون فيه الناس على تحقيق المصالح المشتركة.
  • التعاقد (العقد الاجتماعي مع السلطة): تعتبر الجماعة أن التعاقد يحول العلاقة بين الدولة ومكوناتها إلى علاقة توافق وتكامل حين تكون الحدود واضحة بين المساحة الوطنية المشتركة والمساحات الدينية الخاصة، ويرضى كل مكون بمساحته المحددة.
“الإخوان المسلمون” في سوريا.. عودة في وقت حسّاس

أدوار في العيش المشترك

ترى الجماعة أن للدولة دور في ترسيخ العيش المشترك، من خلال:

  • تأمين الإطار القانوني: لتوفير الأمن لكل مكونات النسيج السوري، ولحماية الحقوق والحريات في الدولة، ولحماية القيم كـ "العدالة الاجتماعية، والعدالة الاقتصادية، والعدالة الانتقالية" ولدعم سياسات المواطنة، وضبط التجاوزات على القيم الإنسانية أو التعدي على المنظومات الاجتماعية السورية وقيمها بحجة الحرية الشخصية.
  • إطلاق مبادرات: لتعزيز السلم الأهلي والحوار الحقيقي بهدف تعزيز قيمة السلام وإيجاد تفاهم مشترك، سواء على مستوى الوزارات أو على مستوى الإدارات المحلية.
  • بناء شراكات: بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني لدعم التنوع الثقافي، لوضع أهداف وسياسات تخدمه.
  • التعليم: اختيار مواد التعليم تبني القيم المشتركة وتعزز للوعي الثقافي المناسب.

دور منظمات المجتمع المدني

ترى الجماعة أن أدوار منظمات المجتمع المدني لترسيخ العيش المشترك تتلخص في:

  • المساهمة في بناء الهوية السورية المشتركة: تعدّ الهوية من أعقد المصطلحات، وبالرغم من أن عملية بناء الهوية السورية قد يكون بالدرجة الأولى من واجب الدولة (مناهج تعليمية، مبادرات، … إلخ)، إلاّ أن هناك مجالات تنجح بها منظمات المجتمع المدني في بناء الهوية أكثر من مؤسسات الدولة، بفضل مدنيتها وقربها من المجتمع.
  • إطلاق مبادرات: لحوار وطني لتعزيز تفاهم مشترك حول قضايا المجتمع لتقوية النسيج الاجتماعي، وتوعية الأسر ومؤسسات التنشئة الأولى لزرع القيم الأساسية، ومبادرات إعلامية وفنية وثقافية هادفة وخادمة للحوار والتعايش، و لبناء الثقة والحد من الميل إلى العزلة والانغلاق.
  • التصدي لثقافة مأزومة تولد العدوانية والفتن.
  • ترسيخ القيم والأخلاق النبيلة لتأكيد الأخوة الإنسانية وتشجيع الممارسات الاجتماعية السامية، والتصدي للتحديات الأخلاقية والأسرية والبيئية.

معايير

ترى الجماعة أن هناك معايير لتقييم العيش المشترك، على اعتبار أنم سوريا دولة ديمقراطية، وتقوم التعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، ومبدأ المواطنة، وسيادة القانون، وفصل السلطات. وعددت الجماعة مجموعة من القيم في هذا الصدد وأبرزها:

  • حرية الاعتقاد مصونة، ويكفل القانون الحرية الدينية للجميع.
  • تجريم خطاب الكراهية والتحريض على العنف.
  • يتمتع جميع السوريين بحق المشاركة السياسية الكاملة بناءً على الكفاءة.
  • يكفل الدستور الحريات العامة والفردية، وحق تشكيل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ضمن القوانين الناظمة.
  • تحقيق التنمية المستدامة والمتوازنة والعادلة في كافة المناطق السورية.
  • مهمّة الجيش الوطني الدفاع عن الوطن بحدوده المعترف بها دولياً ضد الاعتداءات الخارجية، ويحظر على أفراده التدخل في العمل السياسي، ويخضع في عمله للرقابة البرلمانية والمساءلة القضائية.
  • حصر السلاح بيد الدولة، مع تنظيم حمل السلاح الفردي بالقانون.
  • التمكين المشروع للمرأة ورفض تهميش دورها، وكذلك تمكين الشباب والنهوض بدورهم.
  • الإنسانية أسرة واحدة، والأخوة الإنسانية بين كل البشر أصل يجب التمسك به.
  • تساوي أبناء الشعب السوري في الكرامة والحقوق والواجبات.
  • كل إنسان مسؤول عن عمله، ولا يؤخذ إنسان بجريرة آخر، ولا حماية لمجرم ولا لظالم.
  • مكافحة الخارجين على الدولة ونظامها العام، ووجوب الامتناع عن نصرتهم أو حمايتهم.
  • عصمة دماء وأموال جميع السوريين.
  • حرية الانتقال داخل الدولة حق مكفول لكل المواطنين.

تحتاج سوريا، وفق بيان جماعة الإخوان المسلمين، إلى إخراج قامات وطنية وشخصيات تتعالى مواقفها رغم الأزمات عن النظرات الضيقة وربط الممارسات السياسية الخطأ لأي سوري بالدين. واعتبرت أن "الركون للأحكام المسبقة" المحملة بعداوات التاريخ، والتعميم الخطأ للمواقف لا يمكن أن تجني منها المجتمعات إلا الكراهية وفقدان الثقة بالآخر.

ما جماعة الإخوان

نشأت جماعة "الإخوان المسلمين" في سوريا، عام 1945، وكان البرلماني والداعية السوري مصطفى السباعي، أول مراقب لها، وهي فرع من التنظيم الأم، الذي نشأ في مصر، على يد الداعية المصري، حسن البنا، عام 1928. تعرض التنظيم على مستوى البلدان العربية لعدة هزات، نال الفرع السوري النصيب الأكبر منها، إذ حاربه الرئيس السوري الأسبق، حافظ الأسد، الذي ارتكب مجازر بحقهم وبحق مدنيين بذريعتهم، فيما يعرف بـ"أحداث الثمانينيات" خاصة في مدينتي حماة وحلب. وفي آب الماضي، طالب المستشار الإعلامي للرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، أحمد موفق زيدان، جماعة "الإخوان المسلمين" في سوريا بحل نفسها، معللًا ذلك بأنه "سيخدم البلد ويدفع أبناءه للانخراط في العمل الحكومي لتستفيد منه الدولة". ودعا المستشار الجماعة إلى أن تحذو طريق بعض الأجسام السياسية والمجتمعية، التي حلت نفسها بعد سقوط النظام السوري السابق، مثل "الائتلاف الوطني لقوى الثورة" و"المجلس الإسلامي السوري"، إضافة إلى الفصائل العسكرية والمجالس المحلية.

مشاركة المقال: