الخميس, 16 أكتوبر 2025 11:24 PM

تصاعد التوتر في دير حافر: اشتباكات متقطعة بين قوات الحكومة و"قسد" تهدد الاستقرار

تصاعد التوتر في دير حافر: اشتباكات متقطعة بين قوات الحكومة و"قسد" تهدد الاستقرار

تتصاعد حدة الاشتباكات والقصف المتبادل بين القوات الحكومية و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في منطقة دير حافر بريف حلب الشرقي. تتبادل الأطراف الاتهامات بالمسؤولية عن التصعيد، حيث تتهم "قسد" القوات الحكومية بالخروقات، بينما تؤكد الحكومة أنها تستهدف فقط مصادر النيران.

اتهامات متبادلة بالتصعيد

ذكرت وكالة "هاوار" المقربة من "قسد"، يوم الخميس 16 تشرين الأول، أن ثمانية مدنيين، بينهم أربعة أطفال، لقوا حتفهم وأصيب تسعة آخرون نتيجة قصف القوات الحكومية لمناطق مأهولة بالسكان في محيط مدينة دير حافر شرقي حلب خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وأشار التقرير إلى استمرار الهجمات والانتهاكات منذ مطلع آب وحتى منتصف تشرين الأول 2025، وشمل التصعيد قصفًا مدفعيًا وجويًا متكررًا طال قرى وبلدات في ريف دير حافر، مثل أم التينا وزبيدة ومعبر دير حافر. كما أفادت الوكالة بأن قوات الحكومة نفذت هجومين بطائرتين انتحاريتين على نقاط لـ"قسد" في 23 أيلول الماضي، أعقبه قصف مدفعي استمر لساعات وأسفر عن إصابة أربعة أطفال. وفي 5 تشرين الأول الحالي، أصيب مدني آخر إثر استهداف المعبر نفسه بطائرات مسيرة.

نفي حكومي للاتهامات

في المقابل، نفى مصدر عسكري بوزارة الدفاع السورية، تحفظ على ذكر اسمه، صحة التقارير التي تتحدث عن استهداف مناطق مدنية، واصفًا إياها بأنها "غير دقيقة وتفتقر للتوثيق". وأشار المصدر، في حديث لعنب بلدي، إلى أن "قسد" تتحمل مسؤولية التصعيد نتيجة خروقات متكررة طالت مواقع حكومية على خطوط التماس. وأكد أن القوات الحكومية لم تنفذ أي ضربات جوية خارج نطاق الجبهات، وأن الردود تركزت "على مواقع إطلاق النار فقط". واعتبر أن وسائل الإعلام التابعة لـ"قسد" تسعى إلى تضخيم الحوادث لأهداف سياسية، موضحًا أن القوات الحكومية رصدت خلال أيلول الماضي "زيادة في النشاط العسكري لقسد شرق دير حافر، بينها محاولات لمد خطوط إمداد ونقل عتاد عسكري". وأكد أن "الردود الحكومية تأتي ضمن قواعد الدفاع المشروع عن النقاط العسكرية".

وذكر المصدر أن الاشتباكات المتكررة تحمل طابع الرسائل المتبادلة أكثر من كونها عمليات واسعة، إذ يعتمد الطرفان سياسة "الضغط المحدود" دون الدخول في مواجهة شاملة. ويظل عدم تنفيذ اتفاق 10 آذار القاضي بدمج "قوات سوريا الديمقراطية" بمؤسسات الدولة السورية سببًا رئيسيًا لتكرار الحوادث، ما يجعل دير حافر واحدة من أكثر النقاط القابلة للاشتعال في ريف حلب الشرقي، خاصة مع استمرار التحشيد المتبادل.

أهمية موقع دير حافر

تقع دير حافر على بعد نحو 50 كيلومترًا شرق مدينة حلب، وتشكل بوابة الربط بين ريف حلب الشرقي والرقة. وتعتبر البلدة ومحيطها من أكثر المناطق حساسية، إذ تلتقي فيها حدود قوات الحكومة جنوبًا وغربًا، مع مناطق سيطرة "قسد" شمالًا وشرقًا. ويمتد خط التماس عبر قرى رسم الكراد وأم التينا وصولًا إلى مسكنة، مع وجود نقاط مراقبة وحاجز ترابية تفصل بين الطرفين بمسافات قصيرة. كما تشهد المنطقة تحركات عسكرية متكررة منذ سقوط نظام بشار الأسد في أواخر 2024. وخلال الأشهر الأخيرة، عززت قوات الحكومة السورية وجودها قرب رسم الحاج حسين بريف دير حافر، بينما ينتشر الجيش السوري في المراكز الرئيسة والنقاط العسكرية الواقعة على الطرق الرئيسة. وتنتشر "قسد" في مواقع استراتيجية على الأطراف الشمالية والشرقية، بالقرب من مناطق التماس مع قوات الحكومة والفصائل المحلية. وغالبًا ما تبدأ المواجهات بقصف مدفعي متبادل، ثم تتوسع لساعات قبل أن تهدأ في ظل تضارب الروايات حول أسباب الاشتباكات وتبادل الاتهامات بين الطرفين. هذا التقسيم المكاني للنفوذ يجعل دير حافر منطقة شبه ساخنة دائمًا، ويمكن لأي استفزاز أن يتحول بسرعة إلى اشتباكات قصيرة لكنها متكررة، ويعكس هشاشة أي تهدئة مؤقتة أو الاتفاقات المحلية بين الطرفين.

سياق الاشتباكات

تشهد دير حافر ومحيطها اشتباكات أو استهدافات متبادلة بشكل متقطع على خطوط التماس. ومع نهاية آب الماضي، اندلعت اشتباكات جديدة بين الجانبين أعادت إلى الواجهة حالة التوتر المستمرة في المنطقة، بعد أسابيع من مواجهات مماثلة وقعت في ناحية حرمل الإمام شمال دير حافر. وأسفرت الاشتباكات حينها عن خسائر محدودة في الأرواح وأضرار مادية في مواقع تمركز الطرفين. وكانت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع أعلنت، في 9 تشرين الأول، أن "قوات سوريا الديمقراطية" خرقت الاتفاق المبرم مع الحكومة بشأن وقف شامل لإطلاق النار شمال وشمال شرقي البلاد، مشيرة إلى أن الخروقات تكررت أكثر من عشر مرات خلال أقل من 48 ساعة من إعلان التهدئة. وأضافت الإدارة، في تصريحاتها لقناة الإخبارية السورية، أن "قسد" استهدفت نقاط الجيش العربي السوري في محيط سد تشرين شرقي حلب، ما أدى إلى مقتل جندي وإصابة آخرين، مع استمرارها في "عمليات التدشيم والتحصين في مختلف المحاور".

مشاركة المقال: