إسلام محمد - يمضي العراق قدماً نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الأدوية، وذلك من خلال إطلاق مشروع وطني ضخم يهدف إلى توطين صناعة الدواء وتقليل الاعتماد على الاستيراد الخارجي.
يُعدّ مشروع مدينة مصانع الصحة الدوائية، الذي أُطلق جنوب بغداد على مساحة 120 ألف متر مربع وبتكلفة تتجاوز النصف مليار دولار، الأكبر من نوعه في تاريخ العراق الصحي والصناعي، ويمثل تحولاً نوعياً في هذا المجال.
إن تدشين هذا المشروع بحضور رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لا يقتصر على تطوير البنية التحتية الصحية فحسب، بل يعكس رؤية استراتيجية شاملة للأمن الدوائي، ويشكل رافعة اقتصادية تدعم التنمية الصناعية والرعاية الصحية المتقدمة.
مطلب حيوي
تأتي هذه المبادرة استجابة لحاجة وطنية ملحة، حيث يبلغ حجم سوق الدواء في العراق حوالي 5 مليارات دولار سنوياً، بينما يصل الإنفاق الحكومي على قطاع الصحة إلى 8 مليارات دولار.
على الرغم من هذا الإنفاق الكبير، يتحمل المواطن العراقي الجزء الأكبر من تكلفة العلاج، بنسبة تصل إلى 70% وفقاً لبيانات مجلس النواب العراقي، مما يسلط الضوء على الفجوة بين الإنفاق والخدمات المتاحة. يهدف المشروع إلى تقليل هذه الفجوة من خلال إنتاج محلي يلبي الاحتياجات الدوائية الأساسية والمتقدمة، خاصة في مجال الأمراض الخطيرة.
شراكات استراتيجية
لم يعتمد المشروع على القدرات المحلية فقط، بل سعى إلى إقامة شراكات استراتيجية مع كبرى الشركات العالمية. صُممت المدينة لتكون مركزاً لجذب الخبرات العالمية والتقنيات المتقدمة في مجال التصنيع الدوائي.
يتزامن تدشين المدينة مع توقيع عقود تعاون مع شركات دولية رائدة لإنتاج أدوية متطورة، خاصة تلك المستخدمة في علاج الأمراض السرطانية والخطيرة، بهدف نقل التكنولوجيا المتطورة وتوطينها في العراق.
تشمل المرحلة الأولى من المشروع إنشاء خمسة مصانع متخصصة: مصنع لإنتاج الأدوية الحيوية المشابهة بالتعاون مع شركة "هيتروا" العالمية، ومصنع لإنتاج مشتقات البلازما بشراكة مع "أكورد" البريطانية و"بروثيا" الهولندية، ومصنع لإنتاج محاليل الغسيل البريتوني بالتعاون مع "باكستر فانتف" الأميركية، بالإضافة إلى مصنع للمنسوجات الطبية والمواد أحادية الاستخدام، ومصنع للأدوية العامة بالتعاون مع تحالف من الشركات العالمية.
الأثر الاقتصادي
أكد الخبير الاقتصادي العراقي الدكتور جعفر الحسيناوي لـ"النهار" أن المشروع سيكون له أثر اقتصادي واضح، خاصة وأن معظم الأدوية يتم استيرادها من الخارج، وبعضها يفتقر إلى الجودة، مما يشكل تهديداً لصحة المواطنين. كما سيساهم المشروع في تقليل معدلات البطالة ورفع مستوى جودة الأدوية المنتجة محلياً.
وأضاف أن المشروع سيوفر آلاف فرص العمل، خاصة للشباب من تخصصات متعددة في مجالات الطب والصيدلة والهندسة والتقنيات الحيوية.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار