الأربعاء, 15 أكتوبر 2025 01:00 PM

بعد سنوات من المعاناة: مشروع ضخم ينهي أزمة المياه في دير الزور

بعد سنوات من المعاناة: مشروع ضخم ينهي أزمة المياه في دير الزور

علي البكيع – دير الزور

تشهد محافظة دير الزور، الواقعة شرقي سوريا، تحركاً كبيراً يهدف إلى إنهاء أزمة المياه التي استمرت لسنوات. فقد بدأت أعمال إعادة تأهيل محطة الفرات العملاقة، التي تعتبر من أهم المشاريع الحيوية في المنطقة، وذلك بالتعاون مع منظمة اليونيسف. ومن المتوقع أن تساهم هذه الخطوة في التخفيف من معاناة مئات الآلاف من السكان الذين عانوا طويلاً من ضعف الإمدادات وانقطاع المياه المتكرر.

حلول فردية

في أحياء المدينة، وخاصة في منطقة البغيلية، تحولت أزمة المياه إلى عبء يومي على السكان، مما اضطرهم إلى إيجاد حلول فردية لتأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم. يقول أيمن أحمد شحادة، أحد سكان الحي، لنورث برس، إن انقطاع المياه قد يستمر أحياناً لمدة تصل إلى عشرة أيام متواصلة، مما يدفع الكثيرين إلى مد أنابيب على نفقتهم الخاصة لمسافات تتراوح بين كيلومتر واحد وخمسة كيلومترات، وذلك بهدف الوصول إلى مصدر قريب من محطة الفرات العملاقة.

وتقع محطة الفرات في ريف الرقة، وقد تضررت بشكل كبير خلال سنوات الحرب في سوريا، وخاصة خلال المعارك مع تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”. ويشير شحادة إلى أن هذه المبادرات الفردية، على الرغم من الحاجة إليها، تسببت في ضغط إضافي على الشبكة العامة، داعياً الجهات المعنية إلى تنفيذ تمديدات منظمة وصيانة دورية للحد من التوصيلات العشوائية.

مشروع استراتيجي يخدم نصف مليون نسمة

من جهتها، أعلنت المؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي عن خطة شاملة لإعادة تأهيل المحطة وإعادتها إلى الخدمة بكامل طاقتها. وأوضح المهندس أحمد الموسى، المدير العام للمؤسسة في دير الزور، لنورث برس، أن المشروع يستهدف تزويد نحو 500 ألف نسمة بالمياه النقية، من منطقة عياش غرباً حتى الجفرة شرق المدينة. وأشار الموسى إلى أن المحطة كانت قد تعرضت لتدمير واسع، حيث خرج ما يقارب 80% من تجهيزاتها عن الخدمة. وستتم إعادة تشغيلها عبر أربع مجموعات ضخ جديدة، يضم كل منها محركاً باستطاعة 200 كيلوواط ومضخة بقدرة ضخ تبلغ 900 متر مكعب في الساعة، لتصل القدرة الإنتاجية اليومية إلى نحو 60 ألف متر مكعب من المياه.

ويقول القائمون على المشروع إنهم يهتمون كثيراً بجودة المياه قبل وصولها إلى المستهلك. وتخضع المياه الخام لسلسلة من مراحل المعالجة الكيميائية والفيزيائية، تبدأ بالخلط السريع والبطيء للمواد المعالجة، تليها عملية الترسيب لمدة ثلاث ساعات لإزالة الشوائب، ثم الفلترة والترشيح، قبل أن تُخزن في خزانات ضخمة تصل سعتها الإجمالية إلى 50 ألف متر مكعب.

ويجري أيضاً استخدام الفحم الفعّال لإزالة الروائح، إلى جانب مواد كيميائية مثل حمض الكبريت والكلس لتعديل القلوية ومنع تآكل الأنابيب والتحكم في المعادن الثقيلة كالزئبق والرصاص. ومن المقرر إنجاز المشروع خلال أربعة أشهر.

تقنيات حديثة لمراقبة التشغيل

بدوره، تحدث عامر الناجي، مدير محطة الفرات العملاقة، لنورث برس عن إدخال تحديثات تقنية ترفع كفاءة العمل وتضمن استمرارية الضخ. فقد جُهّز مختبر المحطة بأجهزة قياس متطورة مقدمة من اليونيسف، لمراقبة مؤشرات الجودة مثل نسبة الكلور والعكارة والقساوة وفق المواصفات السورية. أما التطور الأبرز، فهو اعتماد نظام “سكادا” (SCADA) للتحكم الآلي بالمضخات والمعدات عن بُعد، ما يتيح متابعة التشغيل بشكل لحظي وتقليل الاعتماد على الجهد اليدوي.

ومع تشغيل النظام بكامل طاقته، ستتمكن المحطة من ضخ نحو 2700 متر مكعب من المياه في الساعة، لتغطي مختلف أحياء المدينة وريفها.

واختتم المهندس الموسى حديثه برسالة طمأنينة للأهالي قائلاً: “نعمل من أجل أبناء دير الزور، وسنضمن وصول مياه نظيفة وصالحة للشرب إلى كل منزل بإذن الله”. وأشار إلى أن قرية المسرب، التي حُرمت من المياه لأكثر من 16 عاماً، ستشهد خلال الأسابيع القادمة بدء ضخ المياه إليها بعد تركيب التجهيزات اللازمة خلال مدة لا تتجاوز عشرين يوماً.

تحرير: معاذ الحمد

مشاركة المقال: