الثلاثاء, 14 أكتوبر 2025 08:40 PM

عملية تبادل الأسرى: نصر للمقاومة الفلسطينية ودلالات استراتيجية وإنسانية

عملية تبادل الأسرى: نصر للمقاومة الفلسطينية ودلالات استراتيجية وإنسانية

حسن حردان: شكلت عملية تبادل الأسرى بين حركة حماس وكيان الاحتلال الإسرائيلي، بعد عامين من طوفان الأقصى (أكتوبر- تشرين الأول 2023)، حدثاً هاماً على المستويات الفلسطينية والعربية والدولية، يحمل دلالات استراتيجية وسياسية وإنسانية عميقة.

أولاً، الإقرار بفشل الحسم العسكري والضغط على “إسرائيل”:

  1. فشل الأهداف الإسرائيلية: اضطرار حكومة العدو برئاسة بنيامين نتنياهو للدخول في صفقة تبادل كبيرة بعد عامين من حرب الإبادة النازية ضد الشعب الفلسطيني، بهدف القضاء على حركات المقاومة، وفي مقدمتها حركة حماس، و”إعادة الأسرى بالقوة”، يشير إلى فشل استراتيجي في تحقيق هذه الأهداف عسكرياً.
  2. ثمن الضغوط الداخلية والدولية: تعكس الصفقة الضغط الهائل من عائلات الأسرى الإسرائيليين والرأي العام الداخلي، وكذلك من شعوب العالم المنتفضة ضد الجرائم الصهيونية، والقوى الدولية (كأطراف الوساطة)، مما أجبر الحكومة الإسرائيلية على التراجع عن مواقفها المتشددة والإصرار على تحقيق النصر المطلق.
  3. إعادة الاعتبار للمقاومة: نجحت حركات المقاومة في ترسيخ مبدأ التفاوض غير المباشر للتوصل إلى اتفاق يقضي بمبادلة الأسرى، وأثبتت أنها تمتلك أوراق قوة (الأسرى)، وأنها لا تزال قوة فاعلة في ساحة الصراع، ولا يمكن تجاهلها عند الحديث عن أي قضية أو مسألة تعني الشعب الفلسطيني وقضيته وحقوقه الوطنية المشروعة، رغم الحرب الإسرائيلية الشرسة لعزلها وتدميرها.

ثانياً، تحرير الأسرى بقوة المقاومة.. انتصار كبير:

  1. انتصار إنساني للمقاومة: نجاح المقاومة في إجبار حكومة العدو على إطلاق سراح عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين، خاصة من ذوي الأحكام العالية أو المؤبدات، يمثل إنجازاً وطنياً وإنسانياً كبيراً لحماس وكل حركات المقاومة، ويرفع من رصيدها الشعبي.
  2. كسر قيود السجون: يبعث تحرير هؤلاء الأسرى رسالة قوية للشعب الفلسطيني بأن المقاومة هي السبيل الأنجع لتحريرهم، مما يعمق من ارتباط الجمهور بالمقاومة، الأمر الذي يحبط هدف العدو الذي سعى من وراء حربه الإجرامية المدمرة لتأليب الشعب ضد المقاومة.

ثالثاً، التداعيات السياسية والاستراتيجية:

  1. اعتراف بحماس: الدخول في مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة وإبرام صفقة مع حماس، يعد اعترافاً ضمنياً من “إسرائيل” والولايات المتحدة الأميركية بالكيان السياسي والعسكري للحركة كطرف لا يمكن تجاوزه في أي ترتيبات مستقبلية لغزة.
  2. مؤشر على نهاية الحرب: من الواضح أن الصفقة الكبيرة تأتي جزءاً من اتفاق أوسع يتضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار وانسحاباً إسرائيلياً من غزة، مما يمثل تحولاً كبيراً نحو إنهاء حرب الإبادة النازية الإسرائيلية.
  3. تأثير الصفقة على الحكومة الإسرائيلية: من المرجح أن تؤدي الصفقة الكبيرة، خاصة أنها تضمنت تنازلات إسرائيلية كبيرة، إلى زيادة الانقسام داخل الحكومة الإسرائيلية وربما تسرع من نهاية ولاية رئيس وزراء العدو نتنياهو بسبب السخط من الرضوخ لمطالب وأهداف حماس في تحرير الأسرى، ومن غضب قسم كبير من الإسرائيليين على سياساته التي أدت إلى إطالة مدة الحرب ومقتل عشرات الأسرى.

رابعاً، الدلالة الإنسانية: تظهر عملية التبادل الأولوية الإنسانية للصفقة، وأن الملف الإنساني (الأسرى) لا يزال يشكل أولوية قصوى لكلا الطرفين، ويشكل ثقلاً مهماً في ميزان الصراع. وقد أثبتت المقاومة أنها الأحرص على تحقيق هذا الهدف الإنساني، لما له من انعكاسات ونتائج إيجابية على مسيرة النضال الوطني الفلسطيني ضد الاحتلال.

باختصار، تشكل عملية تبادل الأسرى بعد عامين من “طوفان الأقصى” انتصاراً واضحاً لإرادة المقاومة في إدارة أزمة الأسرى رغم ضراوة الحرب، وفشل استراتيجي لـ “إسرائيل” في استخدام القوة وحدها لحسم الملف، مما يؤكد أن الحلول النهائية لا يمكن أن تتحقق إلا عبر الاعتراف بوجود الطرف الآخر والتفاوض معه.

(أخبار سوريا الوطن 1-الكاتب)

مشاركة المقال: