الثلاثاء, 14 أكتوبر 2025 05:27 PM

إذاعة "ستار أف أم": منصة نسائية تسلط الضوء على قضايا المرأة في شمال شرق سوريا

إذاعة "ستار أف أم": منصة نسائية تسلط الضوء على قضايا المرأة في شمال شرق سوريا

أفين يوسف – القامشلي

في زاوية هادئة من تربه سبيه (القحطانية) شرق القامشلي، يقع مبنى متواضع، يحتضن بين جدرانه قصة إذاعة فريدة. إنها إذاعة "ستار أف أم Star FM"، التي تبث صوتها صباحًا ومساءً، لتغطي أخبار وقضايا النساء، وتصل إلى قرى الجزيرة وحدود سنجار/شنكال ونصيبين التركية. تأسست هذه الإذاعة على يد مجموعة من النساء، لتكون منبرًا خاصًا بهن.

نشأة الإذاعة ومضمونها

عندما تطأ قدم الزائر مقر الإذاعة، يلمس أجواء من الحيوية والنقاشات الجماعية بين المذيعات والعاملات. تأسست الإذاعة عام 2017 بجهود ثماني نساء، بهدف تقديم محتوى نسائي متميز. تقول الإعلامية دلال آزاد جميل (29 عامًا): "نحن ملتزمون بتغطية قضايا المرأة في المجتمع". تضم الإذاعة حاليًا ست إعلاميات ومراسلات يغطين مدن وأرياف محافظة الحسكة.

قبل الاحتجاجات الشعبية في سوريا، عانى الإعلام الكردي من قيود كبيرة، حيث كانت اللغة والثقافة الكردية ممنوعة في الإعلام الرسمي. واضطرت أول صحيفة كردية، تحمل اسم "كردستان"، إلى الصدور خارج البلاد عام 1898. ومع الحراك الشعبي في أوائل عام 2011، ظهر إعلام محلي بثلاث لغات: الكردية والعربية والسريانية، وبرزت المرأة الكردية في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية. من هنا، ولدت فكرة إذاعة تقودها نساء وتخاطب النساء.

تبث الإذاعة برامجها يوميًا من الساعة السابعة صباحًا حتى العاشرة مساءً، وتقدم مزيجًا من البرامج الترفيهية والتوعوية والسياسية، مثل البرنامج الصباحي "Roj Baş" (صباح الخير)، وبرامج المسابقات للأطفال والكبار، وبرنامج "حدث المرأة"، وبرنامج "آفاق المرأة" المستوحى من مواد المجلات النسائية. كما تبث برامج للأطفال ونشرات إخبارية، وبرنامج "Gund" الموجه للنساء الريفيات.

توضح دلال آزاد جميل أن "الواقع الإعلامي في شمال وشرق سوريا لم يشهد تغييرًا كبيرًا بعد سقوط النظام، حيث تعمل المنطقة ضمن إدارة ذاتية تتضمن مؤسسات وهيئات وقوانين لتنظيم العمل الإعلامي". وتشير إلى أن الإذاعة تركز على قضايا تهميش المرأة والانتهاكات التي تتعرض لها النساء في مناطق مختلفة. تدار الإذاعة من قبل هيئة تتألف من ثلاث نساء، وتتخذ القرارات بشكل جماعي. تعتمد بعض البرامج على اقتراحات المستمعات، اللواتي قد يشاركن لاحقًا في التقديم بعد التدريب.

تقول الصحفية هيام عبد الله (28 عامًا): "هناك تفاعل ملحوظ من النساء مع البرامج، ويتضح ذلك من خلال الاتصالات والمشاركات أثناء البث المباشر".

تحديات في المشهد الإعلامي النسوي

واجهت الإذاعة صعوبات تتعلق بالنظرة المجتمعية لعمل المرأة، بالإضافة إلى التشويش من النظام السوري والضربات التركية للمنطقة بين الحين والآخر، مما أدى أحيانًا إلى انقطاع البث. ومع ذلك، توسع نطاق الإرسال ليشمل مناطق واسعة من الجزيرة ونصيبين التركية وشنكال/سنجار العراقية، مع تركيب أجهزة بث إضافية لتغطية مناطق أخرى في الحسكة والرقة. تتلقى الإذاعة دعمًا ماليًا من "مؤتمر ستار" ومهنيًا من "اتحاد إعلام المرأة"، وتخطط لتوسيع البث مستقبلًا ليشمل العاصمة دمشق أيضًا.

تعتبر تجربة "ستار أف أم" جزءًا من مشهد إعلامي نسوي متنامٍ في المنطقة. سبقتها وكالة JINHA في تركيا عام 2012، ثم أعيدت باسم NuJINHA عام 2021 بعد إعادة الهيكلة، كما تأسست قناة "JIN TV" عام 2018، ومجلة "آفاق المرأة" عام 2023 التي تُبث عبر Star FM، لتشكل هذه المنصات معًا مساحة إعلامية نسوية مستقلة في سوريا.

يرى الصحفي هيبار عثمان أن الإعلام النسوي في شمال شرق سوريا يحتاج إلى خطط استراتيجية، وتأهيل فني ومهني، مع التركيز على الصحافة الاستقصائية وصحافة الحلول، لضمان فعالية أكبر. كما يشدد على ضرورة استخدام هذه المنصات لدعم تطبيق القوانين المتعلقة بحقوق المرأة.

من خلال العمل اليومي، تسعى نساء "ستار أف أم" لتقديم محتوى إعلامي يركز على قضايا النساء في شمال وشرق سوريا، ضمن بيئة تتأثر بالتحولات السياسية والاجتماعية المحيطة، وفقًا للعاملات في الإذاعة.

تحرير: معاذ الحمد

مشاركة المقال: