الإثنين, 13 أكتوبر 2025 10:19 PM

أزمة النقل تهدد مستقبل طلاب الساحل السوري: تكاليف المواصلات تثقل كاهل الأسر وتعوق التعليم

أزمة النقل تهدد مستقبل طلاب الساحل السوري: تكاليف المواصلات تثقل كاهل الأسر وتعوق التعليم

يواجه طلاب القرى في الساحل السوري صعوبات جمة في الوصول إلى جامعاتهم ومدارسهم، حيث باتت أجور النقل تستنزف الجزء الأكبر من دخل العائلة، حتى إن بعض الأهالي والطلاب يصفونها بأنها "قسط جامعي إضافي".

علي يوسف، وهو طالب في المرحلة الثانوية من إحدى قرى جبلة، اضطر للتوقف عن الدراسة لمدة عامين بسبب بعد المدرسة التجارية وعدم قدرته على تحمل تكاليف النقل اليومية. واليوم، يضع رغبته في دراسة إدارة الأعمال جانبًا، ويتجه لاختيار رغبات أخرى لا تتطلب الحضور اليومي إلى الجامعة.

تبعد قرية علي عن مدينة جبلة حوالي 13 كيلومترًا، وتبلغ أجرة الركوب في "ميكروباص" القرية 8500 ليرة سورية للوصول إلى الكراج في مدينة جبلة، ثم 8000 ليرة سورية أخرى للوصول إلى جامعة "اللاذقية". هذا يعني أنه سيحتاج إلى دفع ما يقارب 35000 ليرة سورية في كل يوم حضور.

وعلى الرغم من توفر وسائل النقل بشكل أكبر بعد سقوط نظام الأسد، فإن ارتفاع الأجور فيها شكّل هاجسًا لكثير من الطلاب أمام متابعة تعليمهم الجامعي. وتتراوح تعرفة "الميكروباصات" بين قرى نواحي اللاذقية وطرطوس ومراكز المدن فيها بين 5000 و21000 ليرة سورية، حسب المسافة.

في حال تم تقدير التكلفة الوسطية للطالب للوصول إلى جامعته والعودة منها بـ25000 ليرة سوريا يوميًا، ويحتاج للدوام أربعة أيام خلال كل أسبوع، تصل التكلفة الإجمالية الشهرية لكل طالب إلى حوالي 450 ألف ليرة سوريا لوسائل النقل فقط، وهو ما يقارب نصف الأجر الشهري لموظف القطاع العام.

إيقاف تسجيل لحين توفر تكلفة النقل

تيم سليمان، طالب في كلية الهندسة التقنية بجامعة "طرطوس"، اضطر لإيقاف تسجيله بالفصل الدراسي الماضي بسبب تعرفة المواصلات المرتفعة. ويقول إن تعرفة خط بانياس- طرطوس تصل إلى 24 ألف ليرة ذهابًا وإيابًا يوميًا، دون حساب تعرفة "السرافيس" داخل المدن.

بينما قررت بتول محمود استغلال إمكانية إيقاف التسجيل المؤقت في الجامعات، بدلًا من خسارة حلمها الجامعي، أو دراسة فرع آخر يتوفر فيه سكن جامعي كمدارس التمريض، أو فرع يمكنها اجتيازه من خلال قراءة الملخصات والمحاضرات الجاهزة.

تتركز أماكن وجود الثانويات الصناعية والتجارية والزراعية ضمن مراكز المدن في كل من محافظتي اللاذقية وطرطوس، الأمر الذي يدفع أغلبية الطلبة غير المحققين لمعدل الدراسة في الثانوية العامة ضمن القرية إلى التوقف عن الدراسة لعامين، ومن ثم دراسة الشهادة الثانوية ضمن نظام "التعليم الحر".

بشرى عباس، ممرضة في مستشفى "اللاذقية"، حاولت خلال العامين السابقين البحث عن بيت للإيجار ضمن مدينة جبلة، ليتمكن ابنها البكر من متابعة تعليمه في الثانوية الصناعية.

خلال أيام الدوام العملي في المدارس، يعمد أغلب الطلاب للإقامة لدى أقاربهم ممن يقطنون في المدن أو قرب المدارس، كحل بديل مؤقت يخفف عبء التكاليف المادية.

غزل حيدر، طالبة، تحتاج هذا العام للعيش في منزل خالها القريب من المدرسة الزراعية في اللاذقية، ريثما تنتهي من دراسة البكالوريا.

دراسة لتخفيض تعرفة الركوب

مدير مديرية نقل الركاب في اللاذقية، عبد الواحد حاج حسين، قال إن تحديد تعرفة الركوب يتم بناء على المسافة الكيلومترية ووعورة الطرقات، كاشفًا أن هناك دراسة قائمة لإيجاد تخفيضات مخصصة للطلاب الجامعيين.

ويتفق مدير نقل طرطوس، غيث عبد الرحمن مرشان، مع حاج حسين في تصريحه، مشيرًا إلى أن هناك دراسة لتعرفة خاصة لطلاب الجامعات من مستخدمي النقل الداخلي، مع إمكانية تسيير رحلات خاصة بالطلاب من أماكن سكنهم إلى جامعاتهم.

مع استمرار ارتفاع أجور المواصلات، يبقى حلم الطلاب في الساحل السوري معلقًا بين قرى بعيدة وطرق صعبة، فيما تبقى شهاداتهم وآمالهم مؤجلة حتى تتحسن القدرة على الوصول إلى مقاعد الدراسة.

مشاركة المقال: