الإثنين, 13 أكتوبر 2025 10:59 PM

مدارسنا بؤرة للأمراض: كيف نحمي أطفالنا من العدوى؟ دليل شامل

مدارسنا بؤرة للأمراض: كيف نحمي أطفالنا من العدوى؟ دليل شامل

د. أكرم خولاني: تعتبر المدرسة بيئة خصبة لانتشار الأمراض، حيث يؤدي اختلاط الطلاب في الفصول الدراسية وتواجدهم في مجموعات كبيرة لساعات طويلة إلى تعريضهم للعديد من مسببات الأمراض كالجراثيم والفيروسات والطفيليات وغيرها. وعلى الرغم من جهود الأولياء والإدارات التعليمية في تقديم الإرشادات والنصائح للطلاب، خاصةً الأطفال في المراحل التعليمية الأولى، إلا أن العديد من الأمراض تنتشر بشكل دوري مع بداية كل عام دراسي. لذلك، نذكر بأكثر الأمراض شيوعًا بين الطلاب وطرق الوقاية منها.

الأمراض الأكثر انتشارًا بين طلاب المدارس:

الأمراض الجلدية:

مثل القمل والجرب والإصابات الفطرية، تظهر هذه الأمراض نتيجة العدوى بين الطلاب بغض النظر عن مستوى المدرسة، وحتى في أرقى المدارس. تلاميذ الروضات والمدارس الابتدائية هم الأكثر عرضة للإصابة بها. كذلك، يعتبر جدري الماء من أكثر الأمراض انتشارًا بين طلاب المدارس، ويظهر على شكل ارتفاع في درجة الحرارة مع بثور حويصلية الشكل تحتوي على سائل شفاف ثم تجف وتتحول إلى بثور سوداء. تختلف شدة الإصابة من طفل إلى آخر حسب قوة العدوى وتلقي التطعيمات.

أمراض العيون:

من أكثر أمراض العيون شيوعًا في المدارس التهاب الملتحمة الوبائي، والذي ينتج عن الإصابة بفيروس أو جرثوم أو أحد مسببات الحساسية. يتظاهر باحمرار العين وانتفاخها، وتدميع العين، والشعور بالحكة أو بحريق في العينين، وإفرازات صفراء أو خضراء، وحكاك في الأنف، وعطاس. تنتقل العدوى من الأيدي إلى العين إذا كانت الأيدي ملوثة بالفيروس أو الجرثوم، ويمكن أن تتلوث الأيدي بملامسة دموع أو إفرازات شخص مصاب عن طريق المصافحة أو ملامسة أسطح ملوثة بالعامل الممرض أو إفرازات عين شخص مصاب.

التهابات الأذن:

أكثر مشكلات الأذن شيوعًا بين التلاميذ والطلاب هو التهاب الأذن الوسطى. تشير البيانات إلى أن ثلثي الأطفال سيعانون من التهاب الأذن قبل نهاية السنة. يحدث الالتهاب نتيجة الإصابة بعدوى فيروسية أو بكتيرية أو فطرية، خاصةً مع الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي العلوي المتكررة. قد تلعب الوراثة دورًا في الإصابة بهذا المرض، أو وجود عيوب خلقية في القناة السمعية. قد يؤدي التهاب الأذن الوسطى المزمن إلى عدم القدرة على السماع بصورة جيدة مما يؤثر على التحصيل الدراسي للطالب، كما يمكن أن يحدث ألم في منطقة الأذن وإفرازات سائلة والشعور بالدوار، والصداع، والغثيان، وحدوث طنين الأذن، أو تصلب وألم في الرقبة. التشخيص المبكر والعلاج المناسب يمكن أن يجنب الطفل الكثير من المشكلات المرتبطة بهذا المرض.

التهاب البلعوم:

هو التهاب في الحنجرة بسبب عدوى بأحد أنواع الفيروسات أو الجراثيم، ويزيد احتمال الإصابة به خلال فصل الشتاء. يعاني الطفل المصاب من ألم شديد في الحلق مع ارتفاع في درجة الحرارة. عمومًا، لا ينبغي اتباع أي نوع من العلاج إذا كانت الإصابة بسبب انتقال الفيروسات. أما إذا كان المرض بسبب البكتيريا، فينبغي للطفل تناول مضاد حيوي.

نزلات البرد:

تزداد نزلات البرد المتصاحبة بحساسية الأنف والجيوب الأنفية، وتؤدي إلى ارتفاع الحرارة والعطاس ونزول إفرازات مائية من الأنف مع احتقان بالحلق وصداع وقشعريرة أحيانا. يحدث انسداد في الأنف ويتبعه انسداد في الأذن وطنين، وقد يصل أحيانًا إلى التهاب في الأذن الوسطى.

النزلات المعوية:

تنتقل عن طريق تلوث الغذاء أو الشراب أو عن طريق دورات المياه، ويبقى الفيروس المسبب للعدوى في القناة الهضمية مسببًا قيئًا متكررًا وإسهالًا مائيًا قد يصل حتى 15 مرة في اليوم، وقد يحدث ارتفاع بالحرارة.

الحصبة:

وهي مرض فيروسي شديد العدوى ينتقل عن طريق العطاس أو السعال أو مخالطة شخص موبوء عن كثب أو مخالطة الإفرازات الصادرة عن أنفه أو حلقه بشكل مباشر، ويصيب معظم الأطفال ولو لمرة واحدة في حياتهم، وفيها ترتفع درجة حرارة الطفل المصاب بشكل طفيف لمدة ثلاثة أيام يعاني فيها من زكام شديد وسعال جاف واحمرار وحرقة بالعينين مع حساسية زائدة للضوء، ثم يظهر طفح جلدي أحمر اللون حاك قليلًا، يبدأ خلف الأذنين وعلى الصدغين والجبهة، ثم ينتشر على الوجه، ثم الجذع، وأخيرًا يغطي سائر الجسد والأطراف، ويكون الطفح الجلدي بشكل بقع حمراء غير منتظمة ومتفرقة ومتباينة في الحجم، ومن المهم معرفة أعراضها وعزل الطفل المصاب.

الحصبة الألمانية (الحميرا):

هي عدوى حادة فيروسية، معدية، تنتقل بالرذاذ المحمول بالهواء عندما يسعل الشخص المصاب أو يعطس، كما يمكن أن تنتقل عن طريق الاحتكاك المباشر مع الشخص المريض، عن طريق لمس السوائل من فمه أو أنفه أو عينيه، أوعن طريق ملامسة أحد الأغراض التي علقت عليها قطرات صغيرة جدًا من هذه السوائل، ويتظاهر المرض بارتفاع حرارة يتلوه ألم والتهاب في العيون (التهاب الملتحمة)، وأعراض تشبه أعراض نزلة البرد (سيلان الأنف والتهاب الحلق)، مع تضخم الغدد اللمفاوية الواقعة خلف الأذنين وفي الناحية الخلفية للعنق، ويتميز بطفح جلدي يبدأ بالظهور على وجه المريض وعنقه قبل أن ينتشر إلى الجذع ثم الذراعين والساقين، ويكون على شكل بقع مسطحة حمراء قانية مائلة إلى الوردي، ويسبب الحكة.

الالتهاب الكبدي الوبائي (التهاب الكبد الفيروسي A):

يعتبر هذا المرض من أكثر الأمراض المسببة للأوبئة التي تنتشر بين طلاب المدارس، ينتقل عبر الأطعمة أو المشروبات الملوثة من الأيدي الملوثة بالفيروس، ولذلك يمكن أن تحدث العدوى في المدرسة عند تناول طعام لمسه طفل مصاب بالتهاب الكبد أن دون أن يغسل يديه بعد الخروج من المرحاض، أو استخدام مرحاض مشترك مع شخص مصاب دون غسل اليدين جيدًا بعد الخروج، ويتظاهر المرض بأعراض كأعراض الإنفلونزا (تعب عام، قشعريرة، ارتفاع حرارة، غثيان) مع قيء وألم بطني ويرقان (اصفرار لون الجلد وبياض العين) وبول غامق كلون الشاي وبراز فاتح اللون وقد تحدث حكة، ويجب أن يبقى الطفل في المنزل حتى يتم الشفاء وتعود التحاليل (أنزيمات الكبد) إلى المعدل الطبيعي.

الحمى التيفية (التيفوئيد):

وهي مرض معدٍ حاد، ينجم عن جرثومة السالمونيلا التيفية، وتحدث العدوى في المدارس نتيجة شرب الماء الملوث، أو تناول طعام ملوث بالجراثيم عن طريق الذباب، أو من اليد الملوثة إلى الفم عند لمس مرحاض ملوث وعدم غسل اليدين جيدًا بعد الخروج، ويتظاهر المرض بارتفاع حرارة وخاصة في المساء والليل مع إقياء ونقص شهية وخمول وتعب وآلام معممة وآلام بطنية شديدة، وقد يحدث إمساك، وتورم واحمرار الأصابع عند الأطفال، وقد يصبح المريض طريح الفراش وتهدد المرض حياته إن لم يعالج بالشكل الصحيح.

كيف يمكن تخفيف العدوى بأمراض المدرسة؟

لا يمكن منع انتشار الأمراض بين تلاميذ وطلاب المدارس رغم كل ما يقوم به أولياء الأمور والإدارات التعليمية من إرشادات ونصائح للطلاب، إلا أن الالتزام ببعض التعليمات قد يخفف من شدة الانتشار:

  • المحافظة على النظافة الشخصية: من أكثر الأمور ضرورة، فلا يجوز تبادل الأغراض الشخصية كالألعاب، والأكواب، والملاعق، ومحارم تنظيف الأنف، وتعويد الطفل أن يغسل يديه بالماء و الصابون قبل الأكل و بعده وبعد استخدام الحمام، والامتناع عن تناول الأغذية المكشوفة لأنها تكون عرضة للأتربة والحشرات.
  • إبقاء الطفل في البيت إذا كان مريضًا: إذ إن طفلًا مريضًا واحدًا في المدرسة قد ينقل العدوى لكثير من زملائه، وتختلف الفترة اللازمة لإبقاء الطفل في البيت بحسب المرض.
  • التغذية السليمة: يجب الحرص أن يكون النظام الغذائي للطفل صحيًا، بتناول الوجبات الثلاث صباحًا وظهرًا ومساء، وأن يحتوي الطعام على العناصر الغذائية بشكل متوازن، مع الإكثار من تناول الخضراوات لأنها تحتوي على مضادات الأكسدة، وهي مواد مضادة للسموم وتساعد في تقوية جهاز المناعة، وكذلك الحرص على تناول أنواع الفاكهة المتوفرة في الشتاء كالحمضيات والكيوي(، فهي غنية بفيتامين “C” والموز (غني بالمغنيزيوم).
  • النوم والراحة الكافية: الحرص على أن ينال الطفل قسطًا كافيًا من الراحة والنوم، فهما ضروريان للنمو والتطور لدى الأطفال، كما أنهما يمكنان الجسم من تنظيف الأجهزة وتعزيز جهاز المناعة.
  • الاهتمام بإعطاء اللقاحات: يجب التأكد من تطعيم الأطفال ضد الأمراض التي من الممكن أن تصيبهم أو التي يصابون بها عن طريق العدوى.
  • الاهتمام بنظافة المدارس: يجب أن تكون القاعات مهواة بشكل جيد، وأن تنظف الحمامات بشكل دوري، وأن تتوفر المياه النظيفة الصالحة للشرب.
  • الاهتمام بالصحة المدرسية: عن طريق التثقيف والتوعية الصحية للمعلمين والطلاب، وتعليم الأطفال السلوكيات الصحيحة للوقاية من العدوى، وكذلك الفحص الدوري للأطفال لاكتشاف الإصابات مبكرًا وعلاجها قبل انتشارها.
مشاركة المقال: