الأحد, 12 أكتوبر 2025 07:10 AM

غزة تستعيد نبضها: عودة جماعية للنازحين رغم الدمار

غزة تستعيد نبضها: عودة جماعية للنازحين رغم الدمار

بعد مماطلة إسرائيلية استمرت يومين شابها خروقات ومحاولات لتحقيق مكاسب في اللحظات الأخيرة، دخل وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ ظهر أمس. القرار السياسي بتأجيل الموافقة على الاتفاق ارتبط بما قدمه المستوى الأمني من فرص، تجلت في قصف جيش الاحتلال لمنزل يعود لعائلة غبون في حي الصبرة بمدينة غزة. زعم الإعلام العبري أنها عملية اغتيال لشخصية مهمة، لكن تبين أن المنزل كان يؤوي نحو 50 نازحاً، حيث انتشلت طواقم الدفاع المدني جثامين 5 شهداء، بينما صنف البقية في عداد المفقودين. وبرر الإعلام العبري لاحقاً المجزرة باستهداف مقاومين من حركة «حماس» كانوا يشكلون تهديداً للجنود القريبين.

أتم جيش الاحتلال انسحابه وإعادة انتشاره في محيط الخط الأصفر، الذي يقتطع 58% من مساحة القطاع، وفقاً لما أعلنه العدو. المرحلة الأولى من الاتفاق، التي تمتد 72 ساعة، وتشمل تسليم جميع الأسرى الأحياء لدى المقاومة والجثامين التي يتم العثور عليها، ستبقي على انتشار جيش العدو في مدن بيت لاهيا وبيت حانون شمال مدينة غزة، وأجزاء واسعة من أحياء التفاح والشجاعية والزيتون شرق المدينة، وفي مدينة رفح وأجزاء واسعة من مدينة خانيونس جنوباً. انسحبت قوات الاحتلال كلياً من محور «نتساريم» ومدينة غزة وأحيائها الشمالية الشرقية والغربية.

فور الانسحاب من محور «نتساريم»، عاد عشرات الآلاف من النازحين من وسط القطاع وجنوبه إلى الشمال. رغم الشعور بالريبة والخوف من سلوك العدو، كان المشهد في شارعي الرشيد وصلاح الدين مؤثراً، حيث قطع مئات الآلاف أكثر من 20 كيلومتراً مشياً على الأقدام للوصول إلى المدينة، رغم علمهم بأن أحياء كاملة قد سويت بالأرض. يقول أحمد عاصم لـ«الأخبار»: «لا يوجد شعور يصف لحظة دخولنا المدينة مجدداً. ظننا في نزوحنا الأخير أننا لن نعود إليها مجدداً».

مئات الآلاف قطعوا أكثر من 20 كيلومتراً مشياً على الأقدام للوصول إلى مدينة غزة.

ويضيف أحمد عاصم: «نحن لا نعود إلى بيوت مهدمة وأكوام من الخراب، وإنما نعود إلى جذورنا وتاريخنا وهويتنا التي أراد العدو محوها وسلبها. نعود أعزاء من دون حواجز تفتيش ومن دون حلابات المحتل». أبو محمود النذر، نازح من حي التفاح إلى مدينة دير البلح، يبرر عودته السريعة إلى مدينة غزة رغم خرابها: «العمر قصير جداً، أنا أستغل كل لحظة حياة لأعيشها في غزة، في مدينتنا التي نحب».

في المدينة، لا شيء كما كان. آلة الخراب دمرت مناطق واسعة، وسويت مئات البنايات السكنية والأبراج الشاهقة بالأرض، وأزيلت أحياء كاملة كانت سليمة نسبياً عن الخارطة. الشوارع الرئيسية، الجلاء والثلاثيني والنصر، غيرت العربات المفخخة شكلها الحضاري وحولتها إلى ركام. كما دمرت آلة العدو أحياء أبو إسكندر وجباليا البلد والنزلة والشيخ رضوان الغربي ومناطق واسعة من حي النصر غرب مدينة غزة.

رغم الدمار الذي يوحي باستحالة إعادة الحياة، وهو الهدف الإسرائيلي، عادت مئات الشاحنات المحملة بالعائلات إلى الأحياء المدمرة، وبدأت الجرافات والآليات بفتح الشوارع الرئيسية، وشرعت بلدية غزة في إصلاح خطوط المياه، في تجسيد لإرادة التعافي.

بالتوازي مع ذلك، أكد مصدر من حركة «حماس» أن مساعدات إغاثية وإنسانية ضخمة ستدخل قطاع غزة في الأيام المقبلة، بما يشمل الوقود وغاز الطهو ومتطلبات الإغاثة العاجلة. وأعلنت «مؤسسة غزة الإغاثية» الأميركية عن توقف عملها رسمياً في القطاع.

مشاركة المقال: