الثلاثاء, 7 أكتوبر 2025 08:54 AM

من ضابط في جيش النظام إلى لاجئ في روسيا: قصص سوريين هاربين بعد الانهيار

من ضابط في جيش النظام إلى لاجئ في روسيا: قصص سوريين هاربين بعد الانهيار

اخبار سوريا والعالم

في لحظات الانهيار الكبرى، تتلاشى الحدود بين الضحية والجلاد. يجد بعض من خدم النظام بالأمس أنفسهم بلا ملاذ في الغد. هذه قصة عبد الله (اسم مستعار)، وهو ضابط خدم طويلاً في صفوف الجيش السوري قبل أن ينقلب عليه الواقع ويصبح لاجئاً يبحث عن الأمان في دولة كانت حليفة للنظام الذي عمل لصالحه.

من الولاء للنظام إلى لحظة الانهيار

كان عبد الله ضابطاً في قوات النظام السوري حتى أواخر عام 2024، حين بدأت ملامح التفكك تظهر بوضوح. يروي في شهادته أن حالة من الفوضى والارتباك عمّت صفوف الجيش، مع فرار القيادات العليا وتخليهم عن جنودهم في الميدان. رغم فرصة التسريح التي عُرضت عليه عام 2018، رفض المغادرة، متمسكاً بوهم “سوريا الجديدة”، إلا أن ما أعقب سقوط النظام كان أكثر قسوة مما تخيل.

رحلة هروب محفوفة بالريبة والخطر

بعد فرار رئيس النظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، قرر عبد الله مغادرة موقعه الأخير في حمص متجهاً إلى قريته في ريف اللاذقية، باحثاً عن أمان مؤقت بين أهله. في طريقه، بدأ يسمع عن تصفيات تطال ضباطاً سابقين، من بينهم زميل له قُتل تحت جسر حميميم. أدرك حينها أن بقاؤه في سوريا لم يعد آمناً.

هرب إلى لبنان، واستقر لفترة قصيرة في قرية حدودية بسهل عكار. لكن الأخبار عن اعتقال عناصر سابقين للنظام هناك جعلته يشعر أن لا مستقبل له، لا في سوريا ولا في لبنان. وهكذا بدأت رحلة بحثه عن دولة يقصدها، فكانت روسيا هي الوجهة المحتملة، رغم الشكوك.

اللجوء إلى روسيا عبر قاعدة حميميم

في مارس 2025، مع تصاعد العنف في الساحل السوري، شاهد عبد الله حشوداً تتجه نحو قاعدة حميميم الروسية. داخل القاعدة، اكتشف أن المئات من الضباط والعساكر السابقين كانوا بانتظار فرصة للفرار. قدم طلب لجوء إنساني هناك، وبقي في القاعدة لأكثر من ثلاثة أشهر، يعيش وسط ظروف إنسانية صعبة، ينتظر مصيره بين الخيام والبرد وأخبار الاقتتال في الخارج.

القوات الروسية داخل القاعدة كانت توزع المساعدات، لكن البيروقراطية والعقلية العسكرية جعلت الحياة داخلها قاسية، خاصة في غياب خبرات إنسانية في التعامل مع المدنيين. ومع ذلك، بدأت برامج بدائية لتعليم اللغة الروسية وتنظيم المهام اليومية، في محاولة لخلق توازن بين الأمن والإغاثة.

الوصول إلى موسكو: بداية جديدة أم انتظار طويل؟

في مايو 2025، تعرضت القاعدة لهجوم مسلح أسفر عن مقتل شخصين، مما زاد من حالة التوتر. بعد أسابيع، نقل عبد الله ضمن مجموعة إلى موسكو، حيث استقبلهم وفد من وزارة الطوارئ الروسية، وقدموا له حماية مؤقتة لمدة عامين.

حاله اليوم؟ يعيش في سكن مخصص سابقاً للاجئين الأوكرانيين، ينتظر مستقبله بلا وضوح، في بلد لا يتقن لغته، لكنه يوفر له الأمان. “أنتظر فقط… ربما أعود يوماً إلى سوريا، لكن ليس الآن”، يقول عبد الله.

لاجئون سوريون في روسيا: أرقام محدودة وأوضاع غامضة

على عكس دول أوروبية أخرى، لا تتوفر معلومات كثيرة عن أوضاع اللاجئين السوريين في روسيا. تشير تقارير إلى أن مدناً روسية مثل يكاترينبورغ وبيرم أوبلاست استقبلت أعداداً متزايدة من السوريين عام 2025، بعد فتح موسكو الباب أمام طالبي اللجوء من الطائفة العلوية تحديداً، خاصة بعد المجازر الأخيرة في الساحل السوري.

وبحسب توقعات منظمات إنسانية، قد يصل عدد اللاجئين السوريين في روسيا إلى نحو 100 ألف بحلول نهاية العام.

الخاتمة: وجوه عديدة للهروب

قصة عبد الله واحدة من مئات القصص التي تشكل فسيفساء المأساة السورية بعد انهيار النظام. إنها ليست فقط قصة ضابط سابق، بل قصة وطن انهار على رؤوس الجميع، مؤيدين ومعارضين. وتبقى الأسئلة مفتوحة: من يملك حق العودة؟ ومن يقرر من هو اللاجئ؟ وهل من وطن ينتظر هؤلاء بعد أن أصبحوا غرباء في بلادهم… وفي المنفى؟

تلفزيون سوريا

مشاركة المقال: