الجمعة, 3 أكتوبر 2025 01:43 AM

إفرة بوادي بردى: قرية تعاني العطش والإهمال وتنتظر حلولًا غائبة

إفرة بوادي بردى: قرية تعاني العطش والإهمال وتنتظر حلولًا غائبة

في قرية إفرة، الواقعة على سفوح وادي بردى، يواجه السكان البالغ عددهم حوالي خمسة آلاف نسمة تحديات جمة تبدأ بالبحث المضني عن الماء. فبدلًا من التوجه إلى أعمالهم أو مدارسهم، يقضي الأهالي وقتهم أمام صنابير جافة منذ شهور، بينما يجوب الأطفال القرى المجاورة حاملين عبوات بلاستيكية، على أمل الحصول على ما يكفيهم من الماء ليوم واحد.

إفرة: موقع زراعي وتاريخ يواجه التدهور

تتميز إفرة، التي ترتفع بين 1000 و1800 متر عن سطح البحر، بتاريخها الزراعي العريق واشتهارها بكروم التين والكرز والتفاح. كانت القرية محطة مهمة للتجار من المناطق المجاورة، وموقعها الاستراتيجي جعلها نقطة وصل بين وادي بردى والقلمون. ومع ذلك، لم يشفع لها هذا الموقع من الإهمال الخدمي الذي تعاني منه، حيث يشهد زائرها التناقض الصارخ بين خصوبة الأرض ومعاناة السكان.

المياه: الأزمة الأكبر التي تواجه القرية

المختار حسن عباس يلخص معاناة الأهالي قائلًا: "لقد قدمنا أوراقًا رسمية منذ سبعة أشهر لحفر بئر ارتوازي، ولكن المعاملة لا تزال معلقة بين مديرية الموارد المائية ومؤسسة مياه الشرب." من جهته، يوضح رئيس البلدية، حمود البني، أن "حرمان القرية من مصدر مياه دائم جعل الحياة اليومية شبه مستحيلة. كل منزل هنا يعيش على أمل بئر لم يتم حفره بعد." وتضيف إحدى السيدات أن تعبئة جالون ماء واحد يكلفها ساعات من الانتظار أمام صهريج متنقل يأتي مرة واحدة في الأسبوع: "نحن نقسم المياه بين الشرب والغسيل، وغالبًا ما نضطر إلى الاستغناء عن العديد من الأعمال المنزلية، مثل الغسيل والاستحمام، إلا في الحالات الضرورية."

نقص حاد في الخدمات الصحية والتعليمية

يعاني المستوصف الوحيد في القرية من نقص حاد في الكوادر الطبية، حيث لا تتوفر سوى طبيبة واحدة تداوم يومًا واحدًا في الأسبوع. ويقول دياب عباس، أحد الأهالي: "نضطر إلى قطع مسافات طويلة نحو دمشق أو القرى المجاورة للحصول على علاج بسيط." أما التعليم، فليس بأفضل حالًا، حيث أن معظم المدرسين ليسوا متخصصين ويحملون شهادات ثانوية فقط، مما يؤثر سلبًا على العملية التعليمية. ويعود أطفال القرية إلى منازلهم وهم يحملون كتبهم أكثر مما يحملون علمًا، فيما يصف الأهالي مستقبلهم بـ "المجهول."

غياب المواصلات والخدمات العامة يزيد من العزلة

المواصلات منعدمة تمامًا، مما يزيد من عزلة القرية. كما أن خدمة الإنترنت متوقفة منذ أشهر بسبب أعطال في البطاريات لم يتم استبدالها حتى الآن. وتواجه البلدية صعوبات في جمع القمامة بسبب نقص المحروقات وانعدام التمويل، مما يؤدي إلى تراكم النفايات في الأزقة وتفاقم معاناة السكان.

إفرة: قرية على حافة النسيان

في إفرة، تتحول تفاصيل الحياة اليومية إلى صراع مستمر مع النقص في كل شيء: مياه مقطوعة، مستوصف شبه مغلق، مدارس تفتقر إلى المعلمين، وطرقات بلا مواصلات. وبين طبيعة خصبة ووعود مؤجلة، يعيش الأهالي على أمل أن يتم تفعيل المعاملة المعلقة منذ سبعة أشهر في أدراج المؤسسات، وأن تعود المياه إلى صنابيرهم. فبالنسبة لهم، لا يوجد مطلب أهم من الحق في الشرب، قبل أن تصبح إفرة مجرد قرية منسية على خرائط وادي بردى.

مشاركة المقال: