الأربعاء, 1 أكتوبر 2025 10:45 PM

خبراء الاقتصاد يقترحون إصلاحات نقدية شاملة لسوريا: ما وراء فكرة حذف الأصفار؟

خبراء الاقتصاد يقترحون إصلاحات نقدية شاملة لسوريا: ما وراء فكرة حذف الأصفار؟

نظمت كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، بالتعاون مع غرفة تجارة دمشق، ورشة عمل صباح اليوم تحت عنوان "استراتيجيات الإصلاح النقدي والاستقرار المالي في سورية". تناولت الورشة مناقشة سبل تحقيق الاستقرار النقدي والمالي في سورية، وتعزيز الثقة في النظام المالي بهدف دعم النمو الاقتصادي المستدام.

استعرض المحاضرون الخيارات المتاحة حاليًا ومستقبلاً للسياسات النقدية والمالية في البلاد، بما في ذلك قضايا مثل ظاهرة الدولرة غير الرسمية ومفهوم "حذف الأصفار" كجزء من الإصلاح النقدي. تم تحليل هذه القضايا من منظور اقتصادي نظري وتطبيقي، مع تقديم رؤية أكاديمية مستقلة حول مستقبل النظام النقدي السوري.

الدكتور ياسر المشعل، نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، قدم رؤية إصلاحية متكاملة، مؤكدًا أن الأزمة النقدية الحالية غير مسبوقة بسبب انهيار الليرة وارتفاع التضخم. واقترح خطة من ثلاث مراحل: المرحلة الأولى (2025-2026) تركز على الاستقرار والإنعاش من خلال وقف طباعة النقود وضبط السيولة. المرحلة الثانية (2027-2029) تهدف إلى التعافي والنمو عن طريق بناء الاحتياطيات وإصلاح القطاع المصرفي. أما المرحلة الثالثة (2030-2035) فتسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة من خلال استهداف التضخم وتطوير الأسواق المالية. وأشار إلى أن حذف الأصفار من العملة هو إجراء شكلي ما لم يصاحبه إصلاحات اقتصادية عميقة.

الدكتور عبد الرزاق حساني، أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق، تناول ظاهرة الدولرة غير الرسمية، موضحًا أنها أضعفت قدرة الدولة على إدارة سياستها النقدية وربطت الاقتصاد بقرارات بنوك خارجية. وأكد أن الدولرة زادت الفجوة الاجتماعية وعمّقت التشوهات في الأسعار. وحذر من أن حذف الأصفار عملية مكلفة ولا تعالج جذور التضخم، مشددًا على أن الشفافية والوضوح في السياسات النقدية هما الأساس لاستعادة الثقة بالليرة.

محمد الحلاق، عضو غرفة تجارة دمشق السابق، صرح لـ "الوطن" بأن جوهر المشكلة في الاقتصاد السوري هو فقدان الثقة بالنظام المصرفي. وأشار إلى أن ما يتم تداوله نقلاً عن مصرف سورية المصرفي يشير إلى أن ما لا يتجاوز 20% من الكتلة النقدية موجود في المصارف، بينما تبقى الأموال خارج الجهاز المصرفي. وأكد أن المبادرات التي قام بها المصرف مثل "الفرش كاش" لم تحقق أهدافها بسبب غياب الضمانات، لافتًا إلى أن الأزمة اللبنانية زادت من حذر السوريين تجاه المصارف.

الدكتور علي كنعان، عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، أكد في تصريح لـ "الوطن" أن حذف الأصفار لا يمكن أن يتم بقرار إداري فقط، بل يحتاج إلى خطة واضحة وتشريعات تنظم التعامل مع الديون ورساميل البنوك والقوائم المالية. واعتبر أن نجاح الإصلاح يتطلب احتياطيات أجنبية كبيرة لا تقل عن 20 مليار دولار، محذرًا من أن سياسة حبس السيولة الحالية تعمّق الأزمة بدلاً من معالجتها.

خلص المشاركون في الورشة إلى أن حذف الأصفار والدولرة ليستا حلولًا بحد ذاتها، وأن الطريق نحو الاستقرار النقدي يبدأ باستعادة الثقة بالعملة الوطنية والقطاع المصرفي، وبتنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة تدعم الإنتاج وتضمن الشفافية والحوكمة الرشيدة. وسيتم نشر مواد موسعة تتضمن تفاصيل الورشة لاحقًا.

الوطن – محمد راكان مصطفى

مشاركة المقال: