مع بداية العام الدراسي الجديد، تتجدد معاناة أهالي بلدة عين الفيجة بريف دمشق، حيث يُحرم مئات الأطفال من حقهم في التعليم، وذلك في ظل غياب أي مبادرات جادة لإعادة الإعمار أو توفير بنية تعليمية بديلة. هذا الوضع دفع بعض الأهالي إلى إرسال أبنائهم إلى بلدات مجاورة، بينما اضطر آخرون لتركهم دون تعليم.
يقول خليل عيسى، رئيس بلدية عين الفيجة، في حديث لمنصة إخبارية، إن الخدمات في البلدة متوقفة تماماً منذ التحرير، موضحاً: "لم تقدم أي جهة حكومية أي خدمة حقيقية حتى الآن، باستثناء بعض الإصلاحات البسيطة في شبكة المياه، فيما بقيت المدارس مهدمة. لدينا ثلاث مدارس ابتدائية مدمرة بالكامل وتحتاج لإعادة بناء، بينما المباني القائمة للإعدادية والثانوية بحاجة إلى ترميم عاجل، ومع ذلك لا توجد أي استجابة من الحكومة أو المنظمات".
وبحسب عيسى، فإن ما يقارب 120 طفلاً في المرحلة الابتدائية حالياً بلا مدارس. ويشير إلى أن حكومة نظام الأسد كانت قد قدّرت عام 2023 تكلفة ترميم إحدى المدارس الابتدائية بحوالي 9.5 مليار ليرة سورية، في حين أن الترميم لا يحتاج فعلياً إلا إلى نحو 200 مليون ليرة فقط.
ويضيف: "طلبنا مراراً من مديرية التربية والمحافظة ومكتب الإغاثة والهلال الأحمر والصليب الأحمر المساعدة، حتى ولو بتجهيز قاعات صفية مؤقتة داخل المدرسة الإعدادية، لكن لم نتلقَّ أي رد".
تقدّر نسبة الدمار في عين الفيجة بنحو 95%، فيما لا يتجاوز الجزء القابل للترميم 15%. وبحسب رئيس البلدية، فإن حوالي 350 عائلة فقط عادت للاستقرار في البلدة، وسط ظروف معيشية صعبة وغياب شبه كامل للخدمات الأساسية.
ويؤكد: "المجتمع المحلي فقير جداً، معظم السكان كانوا يعتمدون على السياحة التي توقفت منذ عام 2011، واليوم الأهالي عاجزون عن تحمّل تكاليف الترميم أو التعليم الخاص". هذا الواقع دفع العديد من الأطفال إلى التسرّب المدرسي والاتجاه إلى سوق العمل.
أم محمد، وهي إحدى الأمهات العائدات إلى البلدة، تروي معاناتها بمرارة: "بحثت كثيراً عن مدرسة لابني فلم أجد، لم يكن أمامي خيار سوى أن أرسله إلى العمل ليساعدنا في مصاريف البيت، بدل أن يكمل دراسته. قلبي يتمزق وأنا أراه يحمل أدوات العمل بدل حقيبته المدرسية، لكن ماذا نفعل؟".
أهالي عين الفيجة، الذين طال انتظارهم لخطط إعادة الإعمار، يعبّرون عن خيبة أمل كبيرة إزاء وعود الحكومة والمنظمات الإنسانية التي لم تتحقق حتى الآن. وبينما يوشك الشتاء على الدخول، يخشى كثير من السكان أن يجدوا أنفسهم مجدداً أمام موجة نزوح جديدة بحثاً عن مساكن وخدمات أساسية، فيما يظل أطفال البلدة الضحية الأكبر، بين مستقبل ضائع وطفولة مسلوبة.