الأحد, 28 سبتمبر 2025 02:37 AM

إيران والعقوبات الأممية الوشيكة: كيف تعمل آلية الزناد وما هي تداعياتها؟

إيران والعقوبات الأممية الوشيكة: كيف تعمل آلية الزناد وما هي تداعياتها؟

تستعد طهران لمواجهة عقوبات أممية جديدة اعتباراً من ليل السبت، وذلك بعد فشل المفاوضات مع الأوروبيين حول البرنامج النووي الإيراني. وقد نددت الجمهورية الإسلامية بهذا القرار، واصفة إياه بأنه غير قانوني، ما دفعها إلى استدعاء سفرائها من الدول المعنية.

شهد هذا الأسبوع اجتماعات مكثفة على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، بما في ذلك لقاء بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان، في محاولة للتوصل إلى تسوية بشأن العقوبات وإبرام اتفاق جديد. ومع ذلك، اعتبر الأوروبيون أن إيران لم تتخذ "الإجراءات الملموسة" المطلوبة.

تُلزم آلية الزناد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بإعادة فرض العقوبات الدولية على إيران بسبب عدم امتثالها لالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي. فيما يلي نظرة عامة على هذه الآلية الفريدة.

كيف تعمل آلية الزناد؟

في عام 2015، أقر مجلس الأمن الدولي القرار 2231، الذي تبنى الاتفاق المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، والذي ينص على الإشراف على الأنشطة النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات المفروضة على البلاد. ووقعت على الاتفاق كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا (الترويكا الأوروبية)، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والصين وروسيا في فيينا.

يتضمن القرار 2231 بنداً يسمح بإعادة فرض العقوبات على إيران تلقائياً في حال انتهاكها للاتفاق، دون إمكانية اعتراض أعضاء مجلس الأمن باستخدام حق النقض (الفيتو). وتُعرف آلية الزناد باسم "سناب باك" باللغة الإنجليزية.

بموجب هذه الآلية، يمكن لأي طرف في الاتفاق أن يرسل إخطاراً إلى مجلس الأمن إذا اعتبر أن إيران لا تحترم التزاماتها. تبدأ بعد ذلك مهلة 30 يوماً، وبعد انقضائها، تُعاد فرض العقوبات إذا لم يتم التوصل إلى قرار بتمديد رفعها.

لماذا تريد الترويكا الأوروبية تفعيل الآلية؟

في 28 أغسطس، قام وزراء خارجية الترويكا الأوروبية بتفعيل آلية الزناد بعد تحديد قائمة بالالتزامات التي انتهكتها إيران، مع الإشارة بشكل خاص إلى مخزون اليورانيوم المخصب الذي يزيد "بأربعين مرة" عن الحد المسموح به في الاتفاق.

في الواقع، أصبح الاتفاق، الذي تنتهي صلاحيته في 18 أكتوبر، لاغياً بعد انسحاب الولايات المتحدة منه بقرار أحادي في عام 2018 خلال ولاية ترامب الأولى.

بدأت إيران، التي اعتبرت أن الاتفاق قد انتهى بعد الانسحاب الأمريكي، بالتخلي تدريجياً عن التزاماتها. وتدهور الوضع بشدة بعد حرب الأيام الإثني عشر التي شنتها إسرائيل في منتصف حزيران/يونيو وتدخلت فيها الولايات المتحدة لقصف منشآت نووية إيرانية.

توقفت المباحثات الإيرانية الأمريكية التي بدأت في نيسان/أبريل. وعلقت طهران رسمياً تعاونها المحدود أصلاً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

في مطلع أيلول/سبتمبر، أعلنت إيران والوكالة الأممية التوصل إلى اتفاق تعاون جديد. وأفاد الطرفان الجمعة عن استئناف مفتشي الوكالة العمل في إيران.

تعيد هذه الآلية تفعيل قرارات الأمم المتحدة، ولكن تطبيقها عملياً يتطلب من الدول الأعضاء تحديث قوانينها للامتثال لها. سيعود الأمر إلى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في اتخاذ قرار بشأن تمرير التشريع اللازم لتطبيق العقوبات، ولكن لم يقدم أي من الطرفين تفاصيل حول هذه العملية.

ما هو موقف إيران؟

ترى الدول الأوروبية، التي سعت إلى إحياء الاتفاق النووي عبر المفاوضات، أن دوافعها لتفعيل الآلية "واضحة ولا لبس فيها قانوناً"، لكن إيران ترى عكس ذلك.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مساء الجمعة إن الأوروبيين تجاهلوا الجهود المبذولة من بلاده.

واتهم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الولايات المتحدة بسوء النية وأكد أن بلاده "لم تسع يوماً" إلى امتلاك السلاح الذري. لكنه استبعد الجمعة التهديد الذي يفترض انسحاب بلاده من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.

ما هي الآثار المترتبة على إيران؟

تتيح هذه الآلية إعادة فرض حظر على الأسلحة والتجهيزات النووية وقيود مصرفية كانت قد رفعت قبل 10 سنوات.

ويرى علي واعظ، مدير الشعبة المتخصصة في شؤون إيران في مجموعة الأزمات الدولية، أن هذه التدابير "ستضيف طبقة من العقوبات المتعددة الأطراف على عقوبات أحادية اتخذتها الولايات المتحدة".

لكن الخبير توقع "شد حبال في مسألة تطبيق العقوبات، لاسيّما إذا ما اعترضت روسيا والصين عليها وحاولتا إبطاء تنفيذها".

وترى كيلسي دافنبورت، مديرة سياسة عدم الانتشار في جمعية مراقبة الأسلحة، أن "تدابير الأمم المتحدة سيكون لها أثر اقتصادي بسيط نظراً لوطأة العقوبات الأميركية والأوروبية القائمة".

لكنها قد تؤدي إلى "تصعيد في الأفعال الانتقامية" بين الولايات المتحدة وإيران "في غياب استراتيجية دبلوماسية مجدية"، بحسب دافنبورت.

ماذا تستهدف العقوبات؟

تستهدف العقوبات شركات ومنظمات وأفراد يساهمون بشكل مباشر أو غير مباشر في برنامج إيران النووي أو تطوير صواريخها البالستية.

ويعد تقديم المعدات والخبرات أو التمويل من مبررات فرض العقوبات.

تشمل العقوبات التي سيعاد فرضها حظراً على الأسلحة التقليدية مع منع أي بيع أو نقل للأسلحة إلى إيران.

سيتم حظر الواردات والصادرات أو نقل مكونات أو تكنولوجيا مرتبطة ببرنامجيها النووي والبالستي.

سيتم تجميد أصول كيانات وأفراد في الخارج تعود لشخصيات أو مجموعات إيرانية على صلة بالبرنامج النووي.

سيمنع الأشخاص الذين يصنفون على أنهم مشاركون في نشاطات نووية محظورة من السفر إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

سيتعين كذلك على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تقييد الوصول إلى منشآت مصرفية ومالية يمكن أن تساعد برنامجي إيران النووي والبالستي.

ستجمد أصول أي شخص ينتهك نظام العقوبات حول العالم.

عقوبات أوروبية منفصلة

يمكن حالياً إعادة فرض عقوبات منفصلة حددها الاتحاد الأوروبي إلى جانب تلك الدولية.

والهدف من العقوبات ضرب الاقتصاد الإيراني، ليس لعرقلة النشاط النووي فحسب، بل كذلك للضغط على طهران مالياً لإجبارها على الامتثال.

وسبق للولايات المتحدة أن أعادت فرض عقوباتها الخاصة على إيران، بما في ذلك حظر شراء دول أخرى نفط طهران.

امتثال أو لا امتثال؟

تعد قرارات مجلس الأمن والعقوبات المرتبطة بها ملزمة، إلا أنها كثيراً ما تنتهك.

يبقى السؤال الأكبر هو إن كانت بلدان على غرار الصين وروسيا اللتين تعتبران تفعيل "آلية الزناد" غير قانوني، ستقرران عدم الامتثال.

وواصلت بعض الدول، بما فيها الصين، التجارة مع إيران رغم العقوبات الأميركية. وتتوقع القوى الأوروبية بألا تمتثل روسيا للعقوبات، لكن رد فعل بكين التي تستورد كمية كبيرة من النفط من إيران غير واضح.

ويرى كليمان تيرم، الباحث لدى "المعهد الدولي للدراسات الإيرانية" المرتبط بجامعة السوربون، أن "هناك ثمناً للالتفاف على العقوبات، ثمناً سياسياً، لكن أيضاً مالياً واقتصادياً نظراً إلى أن التعاملات المالية باتت باهظة أكثر".

وتعد شركات الشحن من بين الأعمال التجارية التي ستتأثر إلى حد كبير.

ويضيف تيرم: "بالنسبة لعقوبات الأمم المتحدة، لن نشهد حصاراً كاملاً على الأرجح، بل ارتفاعاً في التكاليف".

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: