الأحد, 28 سبتمبر 2025 07:14 PM

اكتشاف أثري مذهل: أقدم مستوطنة معمارية في الجزيرة العربية تعود للعصر الحجري الحديث

اكتشاف أثري مذهل: أقدم مستوطنة معمارية في الجزيرة العربية تعود للعصر الحجري الحديث

أعلن الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي ورئيس مجلس إدارة هيئة التراث، عن اكتشاف يُعد الأقدم من نوعه في الجزيرة العربية، وهو عبارة عن مستوطنة معمارية تعود إلى العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار، والتي يعود تاريخها إلى ما بين 11 ألفًا و10 آلاف و300 سنة.

يأتي هذا الاكتشاف ضمن أعمال التنقيب الأثري التي تنفذها الهيئة بالشراكة مع جامعة "كانازاوا" اليابانية، وبالتعاون مع "نيوم"، في موقع "مصيون" الواقع شمال غرب مدينة تبوك.

على الرغم من أن موقع "مصيون" قد أُدرج في سجل الآثار الوطني منذ عام 1978، إلا أن الدراسات الميدانية الحديثة التي بدأت في كانون الأول/ديسمبر 2022، سلطت الضوء مجددًا على أهميته التاريخية، مؤكدة أنه يمثل أقدم نموذج معروف للاستقرار البشري في الجزيرة العربية.

نفذ الفريق العلمي المشترك بين هيئة التراث والجامعة اليابانية أربعة مواسم ميدانية مكثفة حتى أيار/مايو 2024، معتمدًا على منهجية علمية دقيقة شملت توثيق الطبقات الأثرية، وفرز وتصنيف المكتشفات، وتحليل العينات العضوية لتحديد العمر الزمني بدقة.

كشفت أعمال التنقيب عن وحدات معمارية شبه دائرية مبنية بأحجار جرانيتية محلية، تضم مباني سكنية ومخازن وممرات ومواقد نار. يعكس هذا التخطيط الوظيفي المتقدم طبيعة حياة تعتمد على الصيد وزراعة الحبوب. كما تم العثور على عدد كبير من الأدوات الحجرية مثل رؤوس السهام والسكاكين والمطاحن التي يُرجح استخدامها في درس الحبوب، بالإضافة إلى أدوات زينة مصنوعة من الأمازونيت والكوارترز والأصداف، ومواد خام تشير إلى نشاط إنتاجي داخل المستوطنة.

لم تقتصر المكتشفات على ذلك، بل شملت أيضًا بقايا نادرة لهياكل بشرية وحيوانية، وقطعًا حجرية مزخرفة بخطوط هندسية ذات دلالات رمزية، مما يمنح الباحثين رؤية أعمق حول نمط الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في المنطقة خلال العصر الحجري الحديث المبكر.

أكدت هيئة التراث أن هذا الاكتشاف يمثل منعطفًا علميًا مهمًا لفهم بدايات الاستيطان البشري المستقر في شمال غرب المملكة، ويعزز فرضية أن المنطقة كانت امتدادًا طبيعيًا لـ "الهلال الخصيب" (بلاد الرافدين، وبلاد الشام، وجنوب الأناضول)، ومسرحًا مبكرًا لتحولات الإنسان من الترحال إلى الاستقرار.

يأتي هذا الإنجاز في إطار الجهود المتواصلة التي تبذلها هيئة التراث لتوثيق المواقع الأثرية في المملكة، وتوسيع نطاق التعاون مع الجامعات والمراكز البحثية الدولية المتخصصة في علم الآثار، دعمًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030، وتعزيزًا لمكانتها كمنبر معرفي عالمي في مجال التراث الإنساني.

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: