الخميس, 25 سبتمبر 2025 02:04 PM

الاعترافات الدولية بفلسطين: السلطة تحتفل بوهم أم تهميش للإبادة في غزة؟

الاعترافات الدولية بفلسطين: السلطة تحتفل بوهم أم تهميش للإبادة في غزة؟

من المتوقع أن يكرر رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في كلمته المصورة أمام الأمم المتحدة، نفس الخطاب الذي ألقاه في المؤتمر الدولي الرفيع المستوى حول «التسوية السلمية» لقضية فلسطين وتنفيذ «حل الدولتين». يأتي هذا التوقع في ظل انتشاء «أبو مازن» بالاعترافات الدولية المتتالية بفلسطين، حيث من المرجح أن يعيد الخطاب الذي يفضّل الأوروبيون والغربيون سماعه.

يرتكز خطاب عباس على عدة نقاط رئيسية، منها: إقصاء حركة «حماس» عن الحياة السياسية الفلسطينية ومنعها من المشاركة في الحكم إلا بشروط، بما في ذلك تسليم سلاحها وسلاح جميع فصائل المقاومة. كما يشمل الاستمرار في تنفيذ ما تسميه السلطة «إصلاحات شاملة»، والتي تتضمن «تعزيز الحوكمة والشفافية وفرض سيادة القانون، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية خلال عام بعد انتهاء الحرب، وصياغة دستور مؤقت خلال ثلاثة أشهر لضمان الانتقال من السلطة إلى الدولة، بما يضمن عدم مشاركة أي أحزاب أو أفراد لا يلتزمون بالبرنامج السياسي والالتزامات الدولية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والشرعية الدولية».

على الرغم من ذلك، لا تزال الدولة الفلسطينية المنشودة مجرد حبر على ورق، ليس فقط بسبب غياب مقومات الدولة من سيادة وسلطة، بل أيضاً لأن الدول المعترفة بفلسطين لم تتخذ خطوات فعلية تدعم اعترافها.

بينما تعتبر السلطة هذه الاعترافات نتيجة لجهودها السياسية والدبلوماسية، يرى البعض أنها نتاج للحراك الجماهيري العالمي، ولكنها في الوقت نفسه تهدف إلى تهميش مسألة وقف الإبادة في قطاع غزة. اختارت الدول الغربية، مثل فرنسا وبريطانيا، هذا الخيار الأقل صعوبة لمواجهة الغضب العالمي، لكنها لا تزال تتجاهل فرض عقوبات حقيقية على إسرائيل أو تجميد العلاقات معها، وترفض تقديم دعم فعلي لضحايا غزة.

سارعت بريطانيا وفرنسا إلى تقديم اعتذارات وتبريرات لامتصاص الغضب الإسرائيلي، وكأنهما أرادتا القول إن اعترافهما الشكلي هو مجرد محاولة لاسترضاء الرأي العام وتقديم «ملهاة» للنخب الفلسطينية والعربية، من خلال إعادة تصدير وهم الدولة الفلسطينية مقابل تطبيع عربي واسع مع إسرائيل. قد تكون الاعترافات تمهيداً لخطة غربية لإنقاذ إسرائيل عبر انتزاع اعتراف عربي ودولي أوسع بها وتثبيت وجودها كدولة يهودية.

تعتقد السلطة الفلسطينية أن مشروعها السياسي قد تعزز بهذه الاعترافات، وتبدو مستعدة لتنفيذ الشروط والإملاءات الغربية التي ستطال مختلف القطاعات. وضعت بريطانيا شروطاً لإقامة علاقات دبلوماسية مع السلطة الفلسطينية، منها وقف مخصصات الأسرى الفلسطينيين وعائلات الفدائيين، وتغيير المناهج الفلسطينية التي تعتبرها الدول الغربية «معادية لإسرائيل»، وإجراء انتخابات جديدة، قبل السماح بفتح سفارة فلسطينية في القدس الشرقية أو التوقيع على اتفاقيات دولية.

لم يعد بإمكان السلطة الفلسطينية الحديث عن استقلالية القرار الفلسطيني في ظل هذا الرضوخ التام لشروط الدول الغربية، خاصة وأن مقومات الدولة الفلسطينية غير قائمة على الأرض، وأن الاستيطان التهم جغرافية تلك الدولة. الفلسطينيون ينظرون إلى الأرض التي تُسلب يومياً وإلى الحواجز التي تخنقهم، وإلى الدمار المتصاعد.

ليس المطلوب من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن إعلانات فارغة بدولة بلا حدود ولا عاصمة ولا سيطرة، بل تطبيق قرار مجلس الأمن لعام 1947 بتقسيم فلسطين إلى دولتين، وتنفيذ القرارات الأممية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وفرض عقوبات على من يعتدي عليها ويحتلها، ومحاسبة من سمح بهذا الاحتلال.

مشاركة المقال: