الثلاثاء, 23 سبتمبر 2025 04:05 PM

الزراعة السورية و"فاو" تتضافران لتعزيز قطاع الزيتون واستعادة مكانته

الزراعة السورية و"فاو" تتضافران لتعزيز قطاع الزيتون واستعادة مكانته

بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، نظمت وزارة الزراعة السورية ورشة عمل موسعة في فندق "غولدن مزة" بدمشق. وقد خُصصت الورشة لمناقشة سبل تطوير سلسلة قيمة الزيتون في سوريا، مع التركيز على تحسين الإنتاج والجودة والتسويق والتصدير.

تأتي هذه الورشة، التي عقدت يوم الثلاثاء 23 أيلول، في إطار مبادرة عالمية أطلقتها "فاو" عام 2021 تحت شعار "بلد واحد، منتج واحد ذو أولوية". وقد تم اختيار الزيتون ليكون المنتج الوطني الأبرز في سوريا نظرًا لأهميته الزراعية والاقتصادية والثقافية.

ووفقًا للوكالة السورية للأنباء (سانا)، أكد وزير الزراعة، أمجد بدر، خلال الجلسة الافتتاحية على ضرورة استدامة قطاع الزيتون من الحقل إلى المستهلك، ودعم المزارعين والتعاونيات والقطاع الخاص من خلال تحسين الممارسات الزراعية واللوجستية، وتبني معايير الجودة والتتبع لتعزيز تنافسية المنتج السوري في الأسواق العالمية.

ووصف ممثل "فاو" في دمشق، طوني العتل، الزيتون السوري بأنه "جزء من الهوية الوطنية"، مشيرًا إلى أن أكثر من 300 ألف مزارع يعتمدون عليه كمصدر دخل رئيسي، بالإضافة إلى كونه سلعة تصديرية ذات قيمة. ودعا إلى توحيد جهود الفاعلين في القطاع لوضع خطة تعافٍ لسلسلة الزيتون وزيته.

وأكد السفير الإيطالي في سوريا، ستيفانو رافانيان، اهتمام بلاده بدعم الزراعة السورية ونقل الخبرات، لكنه شدد على ضرورة رفع العقوبات عن دمشق لتمكينها من استعادة مقدراتها الزراعية والانفتاح على الأسواق الأوروبية.

وأبدى مدير معهد "سيام باري" الإيطالي، بيادجو دي تيرليتزي، استعداد المعهد للتعاون في تعزيز الموارد البشرية وتأهيل الكوادر الفنية السورية.

تضمنت الورشة عروضًا حول المساحات المزروعة بالزيتون، وحجم الإنتاج، وأنواع الأصناف السورية واستخداماتها الغذائية والطبية، بالإضافة إلى مناقشة أبرز التحديات التي واجهت هذا القطاع خلال السنوات الماضية، مثل تراجع الجودة وصعوبات التسويق والحاجة إلى إعادة تأهيل البنية التحتية.

دعا المشاركون إلى تأسيس "مجلس وطني للزيتون" يضم ممثلين عن الحكومة والقطاع الخاص لمتابعة ملف الجودة والإنتاج، وتحديث التشريعات بما يتماشى مع المواصفات العالمية، واعتماد مخابر متخصصة لإصدار شهادات المطابقة وتعزيز الحوكمة في التمويل والتسويق.

كشف مدير الاقتصاد والتخطيط الزراعي في الوزارة، سعيد إبراهيم، لـ(سانا) عن إعداد برامج تنفيذية بالتعاون مع "فاو" ضمن إستراتيجية تطوير قطاع الزيتون طويلة الأمد، تهدف إلى رفع جودة الزيتون وزيته ليتوافق مع المعايير العالمية، وتحسين الإنتاجية وتعزيز فرص التصدير.

شارك في الورشة ممثلون عن مديريات الزراعة واتحاد الغرف الزراعية السورية ومنظمات إقليمية ودولية ومنتجون وشركات تصنيع في القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى جهات مانحة، في خطوة تهدف إلى إعادة وضع الزيتون السوري على خريطة الإنتاج والتصدير العالمي.

واقع الزيتون في سوريا

بحسب بيانات وزارة الزراعة السورية، يوجد في سوريا أكثر من 101 مليون شجرة زيتون، منها حوالي 90 مليون شجرة مثمرة. وتقدر المساحة المزروعة بأشجار الزيتون في سوريا بحوالي 674,000 هكتار (نحو 12% من المساحة المزروعة في البلاد). وتعد أشجار الزيتون ثالث أكثر المحاصيل المزروعة في سوريا، وتساهم بنحو 3% من الدخل القومي للبلاد، و9.5% من الدخل الزراعي، فضلًا عن توفير فرص العمل لنحو 300 ألف أسرة سورية.

بلغ إنتاج زيت الزيتون للموسم 2024 حوالي 122,000 طن، مع استهلاك محلي يقدر بنحو 100,000 طن، مما يترك فائضًا نظريًا للتصدير يقارب 22,000 طن للموسم المشار إليه.

تشير بيانات الاتحاد الأوروبي إلى أن الزيتون وزيت الزيتون كانا على رأس قائمة الأغذية الزراعية المستوردة من سوريا، وبلغت قيمة واردات الزيتون وزيت الزيتون من سوريا ذورتها في 2023 بواقع 58 مليون يورو، وتراجعت في 2024 إلى 38 مليون يورو، وهو ما يؤكد وجود قنوات تصديرية منظمة إلى الأسواق الأوروبية تسهم في توفير قطع أجنبي للبلاد.

توقعات بتراجع إنتاج الزيتون في 2025

أثرت التغيرات المناخية التي تشهدها المنطقة وتبعاتها من جفاف وانخفاض في معدل الأمطار، إضافة إلى تسجيل موجات حارة في غير مواعيدها، على إنتاج الزيتون في سوريا، ما أدى إلى تراجعه. كما لعبت التعديات الكبيرة التي طالت أشجار الزيتون في بعض المناطق من حرق إلى قص وقلع، دورًا كبيرًا في هذا التراجع.

وقال مدير المكتب الإعلامي في وزارة الزراعة، دياب صخوري، في وقت سابق لعنب بلدي، إنه من المتوقع تراجع إنتاج الزيتون للموسم الحالي بنسبة 35% عن الموسم الماضي، إذ يقدر بشكل أولي بحوالي 412 ألف طن.

وأوضح صخوري أن حوالي 20% من هذه الكمية تخصص لإنتاج زيتون المائدة، والجزء الأكبر لاستخراج الزيت، الذي يمكن أن يصل إلى 65 ألف طن في حال كانت الظروف البيئية ودرجات الحرارة مناسبة خلال هذه الفترة "لاصطناع الزيت في الثمار".

وذكر صخوري أن التغيّرات المناخية المتمثلة في تراجع معدل الهطول المطري هذا العام باعتبار أن 80% من الزراعة بعلية، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة في فترات حرجة، كان لها تأثير سلبي كبير على العقد وتطور الثمار، ما أدى إلى تراجع الإنتاج بنسبة 35% تقريبًا عن الموسم الماضي. كما يعتبر هذا الموسم سنة "معاومة" للزيتون في أغلب المناطق، بحسب صخوري، إضافة إلى عدم قدرة المزارعين على تقديم الخدمات الزراعية المناسبة من تسميد وري تكميلي للحد من تأثير التغيّرات المناخية.

مشاركة المقال: