الإثنين, 10 نوفمبر 2025 03:22 PM

غموض حول استيراد القمح الروسي إلى سوريا: هل تعيق العقوبات وصوله؟

غموض حول استيراد القمح الروسي إلى سوريا: هل تعيق العقوبات وصوله؟

وصلت إلى سوريا يوم الأحد 9 تشرين الثاني ثلاث بواخر تحمل أكثر من 70 ألف طن من القمح، اثنتان منها قادمتان من أوكرانيا وواحدة من روسيا. وأفاد مسؤول في المؤسسة السورية للحبوب، طلب عدم ذكر اسمه، لعنب بلدي بأنه لم يصدر أي قرار رسمي بمنع استيراد القمح الروسي.

وأوضح المصدر أن المؤسسة تعاقدت مع تجار مختلفين يملكون حرية اختيار مصدر القمح، مؤكدًا أن الأهم هو مطابقة القمح للمواصفات والمعايير الفنية المطلوبة، بغض النظر عن مصدره سواء كان روسيًا أو أوكرانيًا أو بلغاريًا أو غير ذلك. من جهته، صرح رئيس قسم العمليات في مرفأ طرطوس، يوسف عرنوس، للوكالة السورية للأنباء (سانا) بأن عمليات تفريغ الحمولة قد بدأت بالفعل، حيث يتم تخزين جزء من القمح في صوامع المرفأ ونقل الباقي مباشرة عبر الشاحنات والقطارات بالتعاون مع مؤسسة الخطوط الحديدية السورية.

وأضاف عرنوس أن باخرة رابعة تنتظر تفريغ حمولتها البالغة 26 ألف طن، مع توقع وصول المزيد من البواخر التي تحمل حوالي 50 ألف طن خلال الأيام القادمة، مشيرًا إلى أن المرفأ يقدم التسهيلات والخدمات اللوجستية اللازمة بالتنسيق مع الجهات المعنية.

وفي سياق متصل، نشرت صحيفة “The Barents Observer” النرويجية المستقلة في 21 تشرين الأول الماضي أن السفينة “S. Kuznetsov” غادرت ميناء أرخانغيلسك في 18 تشرين الأول، ووصلت إلى بحر النرويج بعد ثلاثة أيام. ووفقًا لمعلومات حركة السفن، كان من المقرر أن تصل السفينة إلى سوريا في 8 تشرين الثاني، وهي السفينة التي وصلت بالفعل إلى ميناء طرطوس البحري يوم الأحد 9 تشرين الثاني، بحسب موقع “VesseLFinder” لتتبع السفن.

وتخضع السفينة “S. Kuznetsov” للعقوبات الأمريكية، حيث ذكر موقع “WAR SANCTIONS” أنها شاركت في كانون الثاني ونيسان 2024 في نقل حبوب مسروقة من ميناء بيرديانسك الأوكراني الذي يقع تحت السيطرة الروسية في منطقة زابوريجيا، إلى مصر وتركيا. وترتبط السفينة بشركة الشحن الشمالية الروسية (OJSC Northern Shipping Company) الخاضعة للعقوبات أيضًا، والتي تقدم خدمات بموجب عقود دفاعية حكومية لنقل البضائع لوزارة الدفاع الروسية، وتشارك في إنشاء البنية التحتية في القطب الشمالي بتكليف من الوزارة منذ عام 2014. وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على 27 سفينة تابعة للشركة، بما في ذلك السفينة “S. KUZNETSOV”، وعلى الشركة نفسها في أيار 2022، بسبب تورطها في قطاع اللوجستيات العسكرية للاتحاد الروسي ونقل المعدات العسكرية للقوات المسلحة الروسية.

وحول قانونية التعامل مع السفن الخاضعة للعقوبات، أوضح الباحث والاستشاري في القانون الدولي محمد حربلية لعنب بلدي أن التعامل مع كيانات روسية معاقبة من قبل الولايات المتحدة قد يعرض الجهات الأخرى لعقوبات مالية وتجميد الأصول وقيود على المعاملات التجارية، إلا أن الأمر يبقى تقديريًا ويعتمد على مصالح الولايات المتحدة. وأشار إلى أن الإمارات العربية المتحدة استمرت في شراء النفط الروسي والتعامل مع رجال الأعمال والشركات الروسية بعد فرض العقوبات الأمريكية، دون أن تتعرض لعقوبات.

وفيما يتعلق باستيراد سوريا للقمح الروسي على متن سفن خاضعة للعقوبات، أوضح حربلية أن القمح يعتبر من المواد الغذائية الإنسانية التي غالبًا ما يتم استثناؤها من العقوبات، وبالتالي فإن استيراد سوريا للقمح الروسي لا يعرضها للعقوبات الأمريكية.

من جهة أخرى، نشرت الصحفية في مشروع “SeaKrime” كاترينا ياريسكو عبر حسابها في “إكس” أن روسيا استأنفت شحنات الحبوب إلى سوريا من شبه جزيرة القرم. وذكرت ياريسكو أن روسيا نفذت ثالث شحنة خلال شهر واحد، وأن السفينة Damas Wave (المسجلة تحت علم جزر القمر) تبحر بانتظام بين ميناء فيودوسيا في القرم وميناء طرطوس السوري. وقد غادرت السفينة ميناء القرم في 15 أو 16 آب الماضي متجهة إلى سوريا محملة بالحبوب، وتتولى شركة تركية إدارة شؤون السفينة الأمنية.

وفي سياق متصل، سلمت روسيا دفعة من القمح إلى سوريا في 26 نيسان الماضي، لأول مرة بعد سقوط النظام السوري السابق، عبر ميناء اللاذقية السوري. ونقلت وكالة الأنباء الروسية (تاس) عن تاجر كان ينظم إمدادات الحبوب الروسية إلى سوريا في عهد النظام السابق أن السفينة “بولا مارينا” نقلت 6600 طن من القمح إلى ميناء اللاذقية السوري. وأضاف التاجر أن الشركة التي نظمت عملية التسليم لم تكن منخرطة سابقًا في توريد الحبوب الروسية إلى سوريا، معتبرًا أن عملية النقل هذه كانت “استثنائية”.

وكانت روسيا قد علقت تصدير القمح إلى سوريا في 13 كانون الأول 2024، بسبب “عدم اليقين بشأن السلطة الجديدة” ولتأخير سداد المستحقات المالية السابقة. وكانت شركة “STG Engineering” الروسية قد أوقفت تصدير القمح إلى سوريا، لكنها أبدت استعدادها لاستئناف التصدير بعد التواصل مع حكومة دمشق الجديدة. وقال المدير العام للشركة، ديمتري تريفونوف، لوكالة “تاس” الروسية، في 30 كانون الأول 2024، إن الشركة أوقفت التصدير إلى سوريا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد المخلوع، لكنها مستعدة لاستئنافها بعد إقامة اتصالات مع السلطات الجديدة.

مشاركة المقال: