الثلاثاء, 23 سبتمبر 2025 02:32 PM

البوكمال: فوضى السلاح تهدد مجتمعاً على حافة الهاوية - صرخة استغاثة من الأهالي

البوكمال: فوضى السلاح تهدد مجتمعاً على حافة الهاوية - صرخة استغاثة من الأهالي

عمر عبد الرحمن ـ دير الزور

على ضفاف الفرات، تحولت مدينة البوكمال، التي كانت مركزاً للتجارة والحضارة، إلى مسرح للفوضى والانفلات اليومي. لم يعد السلاح مجرد وسيلة للدفاع، بل أصبح لغة للتعبير عن الأفراح والأحزان، وحتى النزاعات البسيطة. أصوات الدراجات النارية وطلقات الرصاص تتعالى في الشوارع، في مشهد اعتاده السكان، حيث أصبحت الرصاصة الطائشة جزءاً من الحياة اليومية.

الاحتفال بمولود جديد أو نجاح طالب في الثانوية غالباً ما يصاحبه إطلاق نار، بينما النزاعات العائلية تحل بالقوة. أبو أحمد، أحد سكان البوكمال، يصف الوضع قائلاً: "حياتنا أصبحت رهيبة، لا نستطيع إخراج أطفالنا خوفاً من الرصاص الطائش. قبل أسبوع، تحول حفل زفاف إلى مأتم. أي صوت مرتفع يوقظنا وقلوبنا ترتعد. لم نعد نخاف المعارك، بل نخاف فرحتنا وحزننا". تعكس كلمات أبو أحمد شعور الأهالي بالعجز، في ظل غياب الدولة وتراجع فعالية الأجهزة الأمنية.

الأسلحة المتاحة بلا رقيب

يزداد الوضع سوءاً في البوكمال بسبب سهولة الحصول على الأسلحة وانتشارها. يقول الناشط مجد السعد: "الأسلحة متوفرة بكثرة وبأسعار زهيدة. المدينة منطقة حدودية ومعبر رئيسي للتهريب". ويضيف أن غياب فرص العمل والأنشطة الترفيهية، خاصة بين الشباب، جعل السلاح وسيلة للتباهي، ما أدى إلى حوادث مأساوية: أطفال قتلوا أثناء اللعب بالسلاح، نساء أصبن برصاص طائش، وآخر حادثة شهدت إصابة طفل برصاصة طائشة في حفل خروج أحدهم من السجن.

تحاول الجهات الأمنية الحد من الانفلات، لكن قدراتها محدودة. يقول عويد الدحام، مسؤول في اللجنة الأمنية: "نقوم بحملات توعية لمنع إطلاق النار، لكن قدراتنا محدودة". الأولويات الحكومية تركز على مكافحة الإرهاب، بينما مشاكل المجتمع الداخلية لا تحظى بالاهتمام الكافي.

يعكس الجانب الطبي حجم الكارثة. يقول الطبيب أدهم البرغش: "نشهد يومياً حالات صعبة بسبب الطلق الناري، معظمها بدون قصد. غالبيتها تنتهي بالوفاة. نحن في المراكز الطبية لا نستطيع تحمل النتائج ونحمّل الجهات المعنية المسؤولية".

ما يحدث في البوكمال هو صرخة استغاثة من مجتمع على حافة الانهيار. الرصاصة التي تطلق ابتهاجاً قد تقتل طفلاً بريئاً. الحل، بحسب الأهالي، يشمل منع السلاح، إنفاذ القانون، ودعم المشاريع التنموية لتشغيل الشباب. البوكمال تختبر قدرة المجتمع على التعافي، والتحدي هو إعادة بناء الإنسان وزرع الأمل.

تحرير: معاذ الحمد

مشاركة المقال: