ركزت الصحف والمواقع الإخبارية العالمية على الآثار السياسية والعسكرية للعملية الإسرائيلية الأخيرة في قطاع غزة، مؤكدة أن الأهداف المعلنة لحكومة بنيامين نتنياهو، وعلى رأسها القضاء على حركة حماس، بعيدة المنال. وأشارت إلى أن استمرار الحرب لن يؤدي إلا إلى تعميق عزلة إسرائيل وتصاعد الانتقادات الدولية الموجهة إليها.
صحيفة نيويورك تايمز الأميركية شككت في إمكانية توجيه ضربة قاضية لحماس، موضحة أن الحركة، رغم الخسائر التي تكبدتها، لا تزال قوة مؤثرة في القطاع. ونقلت الصحيفة عن ضباط سابقين قولهم إن إسرائيل ستحتاج إلى سنوات طويلة من القتال المكلف دون ضمان تحقيق النتيجة المرجوة.
وأوضحت الصحيفة أن التقديرات العسكرية تتعارض مع التصريحات الرسمية لنتنياهو الذي يكرر وعود الانتصار السريع. وأشارت إلى أن التجارب السابقة أثبتت قدرة حماس على إعادة تنظيم صفوفها رغم الضربات، مما يجعل الحديث عن استئصالها في فترة وجيزة أمراً غير واقعي.
وفي السياق ذاته، انتقدت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية غياب أي رؤية سياسية مرافقة للعملية العسكرية، معتبرة أن النصر الموعود لن يتحقق بمجرد اجتياح بري واسع، بل يتطلب استراتيجية بديلة لما بعد الحرب، وهو ما ترفضه حكومة نتنياهو التي تتعامل مع الحرب باعتبارها غاية في حد ذاتها.
ورأت الصحيفة أن هذه إحدى المرات النادرة التي يخوض فيها الجيش الإسرائيلي عملية واسعة النطاق وسط إدراك واسع بأنها لن تغير مسار الحرب، وخلصت إلى أن استمرار تجاهل البدائل السياسية يعني بقاء إسرائيل عالقة في القطاع دون أفق واضح للخروج.
من جانبها، ركزت صحيفة جيروزاليم بوست على ملف الأسرى، ودعت حكومة نتنياهو إلى العودة إلى طاولة المفاوضات باعتبارها السبيل الوحيد لإطلاق سراحهم، وحذرت من أن الحرب الممتدة تزيد عزلة إسرائيل، في ظل اتهامات دولية بارتكاب جرائم حرب وتصاعد الدعوات لمقاطعتها.
وأكدت الصحيفة أن الرهان على تحقيق نصر عسكري حاسم بعد عامين من القتال أصبح بلا معنى، وأوضحت أن أي حل لقضية الرهائن لن يمر عبر ساحات القتال، بل من خلال اتفاق سياسي يعكس واقعية أكبر في إدارة الأزمة.
في المقابل، اعتبرت صحيفة “هآرتس” أن شعار “الانتصار الشامل” الذي يرفعه نتنياهو يخفي أهدافاً أعمق تتعلق بالاستيطان وتحويل غزة إلى مشروع عقاري.
وأشارت إلى خطط وزراء في حكومته تهدف إلى تهجير السكان الفلسطينيين من القطاع وإقامة مشروعات بديلة، في خطوة وصفتها بأنها جريمة وانتهاك صارخ للقانون الدولي.
وأضافت الصحيفة أن صمت نتنياهو إزاء هذه الطروحات يعكس الانحدار الأخلاقي والسياسي لإسرائيل، مؤكدة أن الحرب لا تجلب سوى الكوارث الإنسانية، بينما تغيب عنها أي مكاسب استراتيجية حقيقية.
وفي قراءة دولية، كتبت صحيفة بوليتيكو الأميركية أن حالة استياء واسعة تسود دولاً أوروبية وعربية إزاء الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل، وتوقعت أن يظهر هذا التوتر بوضوح في اجتماعات الأمم المتحدة المقبلة، حيث يتزايد الغضب من سياسات واشنطن تجاه الصراع.
لكن الصحيفة أوضحت أن خيارات هذه الدول تظل محدودة، فهي تسعى إلى تحقيق توازن بين التعبير عن رفضها للسياسات الإسرائيلية، وتجنب مواجهة مباشرة مع الإدارة الأميركية، مما يقلل فرص الضغط الفعلي على تل أبيب.
وفي سياق متصل، تناولت صحيفة واشنطن بوست مقتل 31 صحفياً في اليمن، جراء قصف إسرائيلي استهدف مجمعاً صحفياً، ووصفت الهجوم بأنه الأكثر دموية ضد الصحفيين في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، نقلاً عن منظمات حقوقية اعتبرت الاستهداف غير مبرر بموجب القانون الدولي.
ونقلت الصحيفة عن باحثة في هيومن رايتس ووتش تأكيدها أن ممارسة الدعاية لا تجعل المؤسسات الإعلامية أهدافاً مشروعة، واعتبرت أن الهجوم يمثل انتهاكاً خطيراً لحرية الصحافة، ويعكس طبيعة التصعيد العسكري الإسرائيلي في الإقليم.