كشف مصدر أمني عراقي رفيع لـ"النهار" عن تفاصيل مثيرة حول إحباط محاولة لاغتيال الرئيس السوري أحمد الشرع. وأوضح المصدر أن الاستخبارات العراقية قامت بإبلاغ نظيرتها السورية قبل نحو ستة أشهر بمعلومات تفصيلية حول خطة لاغتيال الشرع، مما ساهم في إفشالها.
وبحسب المصدر، فقد توافرت لدى الأجهزة الأمنية العراقية معلومات حول محاولة استهداف الشرع بالتزامن مع إعداد مجموعات متطرفة لتنفيذ تفجيرات في مناطق الأقليات في أنحاء مختلفة من سوريا، بهدف إشعال فتنة طائفية. وأكد المصدر أن التعاون الاستخباراتي الوثيق بين بغداد ودمشق أثمر عن إفشال كلتا الخطتين.
وعند سؤال المصدر الأمني العراقي الرفيع عن الجهة التي تقف وراء هذه المحاولات، اكتفى بالإشارة إلى "مقاتلين سابقين في هيئة تحرير الشام انشقوا عنها لعدم رضاهم على اتجاهات" الشرع بعد سيطرته على الحكم عقب إسقاط نظام بشار الأسد. وأكدت مصادر أمنية عراقية أن العديد من المقاتلين السابقين في الهيئة قد انضموا مجدداً إلى تنظيم "داعش"، ومعظمهم من العراقيين والسوريين.
كما علمت "النهار" من مصدر سياسي عراقي أن الاستخبارات السورية أحبطت في الفترة نفسها خطة لاغتيال الشرع داخل القصر الرئاسي في دمشق. ولم تتوفر معلومات مؤكدة عما إذا كانت هي المحاولة ذاتها التي تحدث عنها المصدر الأمني الرفيع.
وكانت السلطات السورية قد نفت في وقت سابق تقارير صحفية تحدثت عن محاولة لاغتيال الشرع خلال زيارة له لمدينة درعا في الأسبوع الأول من حزيران/يونيو الماضي. وذكرت التقارير حينها أن تنظيم "داعش" أعدّ تلك المحاولة وأن الاستخبارات السورية والتركية أحبطتها، لكنّ مصدراً في وزارة الإعلام السورية نفى لوكالة "سانا" صحة تلك التقارير من أساسها. وكذلك نفت مصادر عراقية صحة تقارير عن خطة لاغتيال الشرع قيل إنها أعدّت في مدينة النجف، وإنّ وراءها جهات إيرانية وعراقية إضافة إلى "حزب الله".
ومنذ إسقاط "هيئة تحرير الشام" نظام بشار الأسد في سوريا ووصولها إلى الحكم وتولّي أحمد الشرع رئاسة البلاد، تشهد العلاقات العراقية – السورية فتوراً وترقباً، تجلى في الحملة التي حصلت في العراق ضدّ دعوة الشرع إلى القمة العربية التي عقدت في أيار/مايو الماضي. ولم يحضر الرئيس السوري حينها فعلاً، وآزره في ذلك بعض القادة العرب. وتعود جذور التحفظ حيال الشرع إلى ماضيه الجهادي في العراق ضمن تنظيم "القاعدة" عقب إسقاط نظام صدام حسين، إذ تم تداول مذكرة قبض عراقية بحقه بتهم ارتكاب جرائم ضدّ عراقيين. ووفق مصادر "النهار"، ردّد الشرع أكثر من مرة تعليقاً على ذلك أنه كان في العراق لمقاتلة القوات الأميركية، وأنه كان في السجن هناك برفقة قادة عراقيين شيعة للسبب نفسه، "فلماذا يُعدّون هم مقاومين أبطالاً وأنا إرهابي؟".
وفي المقابل، فإن الحساسية السورية حيال الملف العراقي ذات علاقة بظروف الحرب في سوريا ومشاركة فصائل عراقية في القتال دعماً لنظام الأسد. وفي منتصف نيسان/أبريل الماضي، التقى الشرع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في الدوحة بوساطة من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد. وسبق ذلك في كانون الأول/ديسمبر زيارة قام بها رئيس جهاز المخابرات العراقية حميد الشطري لدمشق حيث التقى الشرع، في بداية لقاءات تكررت أربع مرات لاحقة.
ويشهد التنسيق الأمني والاستخباري بين دمشق وبغداد تقدماً ملحوظاً، في ظل وجود ملفات أمنية حساسة تستوجب التنسيق بين سلطات البلدين، برغم الفتور السياسي. ومن أبرز ملفات التعاون ما يتعلق بعائلات مقاتلي "داعش" العراقيين في سوريا، وقضية ضبط الحدود بين البلدين، وضمان أمن المراقد الشيعية في سوريا وحرية زيارتها، وتهدئة الحملات الإعلامية من الطرفين.