الثلاثاء, 16 سبتمبر 2025 10:15 PM

بين تحويلات المغتربين والعملة الجديدة: هل ينجح المصرف المركزي في تحقيق الاستقرار لليرة السورية؟

بين تحويلات المغتربين والعملة الجديدة: هل ينجح المصرف المركزي في تحقيق الاستقرار لليرة السورية؟

تلعب التحويلات المالية من المغتربين دوراً محورياً في دعم الأسر وتلبية احتياجاتها الأساسية، وتُعدّ أيضاً دعامة رئيسية يعتمد عليها المصرف المركزي في استراتيجيته لدعم الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد.

أوضح الدكتور عبد الرحمن محمد، نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة حماة، لـ "الوطن" أن هذه التحويلات، التي تصل إلى مئات الملايين من الدولارات سنوياً، تجسد ارتباط الجاليات السورية في الخارج بوطنهم الأم، سواء على الصعيد العاطفي أو الاقتصادي.

ويرى الدكتور محمد أنه مع مساعي المصرف المركزي لتقليص الفارق بين سعر الصرف الرسمي والسوق الموازية، وتبني سياسات نقدية جديدة كإصدار العملة الجديدة، تثار تساؤلات حول مدى فاعلية هذه السياسات وقدرتها على تحقيق الاستقرار النقدي والاقتصادي المنشود.

وفيما يتعلق بتصريح حاكم مصرف سوريا المركزي حول التحويلات القادمة من الإمارات، والتي تتراوح بين 700 و800 مليون دولار سنوياً، يرى أستاذ الاقتصاد أنها قد لا تقتصر بالضرورة على التحويلات "العائلية" فقط. فمن المحتمل أن تتضمن هذه التحويلات أموالاً مخصصة للاستثمار في العقارات أو المشاريع الصغيرة. ويشير إلى صعوبة تحديد نسبة هذه الاستثمارات بدقة من إجمالي التحويلات الواردة إلى البلاد، لكن بالنظر إلى حجم الجالية السورية في الإمارات، يمكن تقدير أن هذه التحويلات تشكل نسبة كبيرة من الإجمالي، ربما تتراوح بين 20-30 بالمئة، مع الأخذ في الاعتبار التحويلات القادمة من دول أخرى مثل دول الخليج وأوروبا.

وحول تفضيل البعض التحويل عبر القنوات غير الرسمية، يوضح الدكتور محمد أن ذلك يعود لعدة أسباب، منها السرعة، حيث تصل التحويلات غير الرسمية في وقت أقصر بكثير مقارنة بالمصارف، إضافة إلى تجنب الرقابة، ورغبة المغتربين في الحصول على سعر صرف أفضل من السوق الموازية.

وفيما يخص تقارب سعر الصرف بين السوق الرسمية والسوق الموازية، يرجح الدكتور محمد أن يكون ذلك نتيجة لسياسات المصرف المركزي التي تهدف إلى تقليل الفجوة وتشجيع التحويلات عبر القنوات الرسمية. ويضيف أن واقعية هذا السعر تعتمد على قدرة المركزي على توفير العملة الصعبة بشكل مستدام، وإلا فإن هذه السياسة قد تكون قصيرة الأجل وغير مستدامة.

ويعلق على حديث الحاكم بشأن إصدار عملة جديدة بنجاح، مشدداً على ضرورة توافر عدة شروط أساسية، منها الاستقرار السياسي، والإصلاح المالي، ووجود احتياطيات كافية من النقد الأجنبي، والتحكم في التضخم، إضافة إلى الثقة الشعبية. ويرى أنه بدون هذه الشروط، قد يتحول إصدار العملة الجديدة إلى مجرد "استبدال أصفار" دون تحقيق أي تغيير حقيقي.

ويؤكد أستاذ الاقتصاد على أهمية الثقة كعامل أساسي في استقرار أي نظام نقدي، مشيراً إلى أن استعادة الثقة يجب أن تبدأ من خلال سياسات شفافة وفعالة. ويرى أن توقع تغيير سلوك الأفراد في ظل بيئة نقدية غير مستقرة هو أمر غير واقعي، لأن الأفراد يتصرفون بناءً على مصالحهم الشخصية لحماية مدخراتهم.

ويختتم بالإشارة إلى أن إصدار عملة جديدة لن يكون كافياً لكبح جماح التضخم إذا لم تعالج أسبابه الجذرية، مثل عجز الموازنة ودعم القطاعات الإنتاجية وتوفير السلع الأساسية بأسعار معقولة. وإذا لم تعالج هذه المشكلات، فإن إصدار العملة الجديدة قد يؤدي إلى تكرار دورة الانهيار.

ويختم الدكتور محمد راكان مصطفى بالقول إن التحويلات المالية من المغتربين تُعدّ شريان حياة للاقتصاد الوطني، وأن نجاح السياسات النقدية يعتمد على معالجة الأسباب الجذرية للأزمة الاقتصادية واستعادة الثقة بين المواطنين والمؤسسات. كما أن تحقيق الاستقرار النقدي والاقتصادي يتطلب جهوداً متكاملة تشمل الإصلاح السياسي والمالي وتعزيز الإنتاج وضمان الشفافية.

مشاركة المقال: