الثلاثاء, 16 سبتمبر 2025 05:34 PM

بجهود ذاتية.. أهالي قرية البوابية بريف حلب الجنوبي يعيدون الحياة إلى مدارسهم المدمرة

بجهود ذاتية.. أهالي قرية البوابية بريف حلب الجنوبي يعيدون الحياة إلى مدارسهم المدمرة

مع اقتراب العام الدراسي الجديد، يتسابق أهالي قرية البوابية في ريف حلب الجنوبي مع الزمن لإعادة فتح المدارس أمام أطفالهم، بعد سنوات من الحرمان بسبب تدميرها على يد قوات النظام والنزوح الواسع الذي أعقب ذلك.

في خطوة وُصفت بأنها "بارقة أمل" وسط الدمار، أطلق الأهالي مبادرة مجتمعية لتجهيز مدرسة بديلة، وذلك عبر شراء 14 كرفانة وتحويلها إلى غرف صفية، بالإضافة إلى ثلاث غرف مخصصة للإدارة والمعلمين. وشملت المبادرة أيضًا تنظيف ساحة المدرسة من الأنقاض، وصيانة دورات المياه وتجهيزها لتوفير بيئة صحية للطلاب.

يقول خالد الطالب، أحد المشاركين في الحملة، إنهم يعملون منذ أيام متواصلة لتجهيز المدرسة في أقرب وقت ممكن، مؤكدًا: "هدفنا أن يبدأ أطفال القرية عامهم الدراسي دون تأخير، وألّا يبقى أي طفل محرومًا من التعليم بسبب دمار المدارس. نحن نؤمن أن التعليم هو السلاح الحقيقي لمواجهة الحرب والحرمان".

ويضيف الطالب أن عدد طلاب القرية كان يتجاوز 1500 طالب في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، إلا أن غياب المدارس دفع الكثير من العائلات إلى عدم العودة بعد تحرير القرية. واليوم، وصل عدد الطلاب المقيمين إلى نحو 800 طالب، مع توقعات بزيادة العدد مع اكتمال التجهيزات وعودة المزيد من العائلات.

وبحسب إحصاءات الأهالي، فإن عدد العائلات العائدة إلى القرية تجاوز 700 عائلة، ما يجعل المبادرة خطوة أساسية لإعادة الاستقرار وتشجيع السكان على البقاء في قريتهم.

المبادرة، التي تعتمد على الجهود الذاتية للأهالي ودعم الشباب، تعكس إصرار المجتمع المحلي على مواجهة التحديات بأقل الإمكانات، بحسب خالد.

ويختم حديثه قائلًا: "نحن ندرك أن هذه الصفوف ليست مثالية، لكنها بداية ضرورية تفتح أبواب الأمل لأطفالنا. التعليم حق لا يمكن أن يُصادر مهما كانت الظروف".

تجربة قرية البوابية ليست فريدة من نوعها في شمال سوريا، حيث تدفع المجتمعات المحلية أثمانًا باهظة نتيجة استهداف المدارس والبنية التحتية التعليمية. ومع ذلك، يواصل الأهالي إيجاد حلول بديلة لضمان استمرار التعليم لأطفالهم، باعتباره أساسًا لمستقبل أكثر استقرارًا.

مبادرة أهالي قرية البوابية لم تأتِ من فراغ، إذ يعاني ريف حلب الجنوبي منذ سنوات من انهيار شبه كامل في قطاع التعليم. فقد تعرضت معظم المدارس هناك لدمار واسع بسبب القصف الجوي والمدفعي من قبل قوات النظام وحلفائه، ما حوّل المباني التعليمية إلى ركام أو مقرات عسكرية مهجورة.

وبحسب تقديرات منظمات محلية عاملة في الشمال السوري، فإن نسبة كبيرة من المدارس في ريف حلب الجنوبي خرجت عن الخدمة كليًا أو جزئيًا، فيما تفتقر المدارس القليلة المتبقية إلى المقاعد والسبورات والوسائل التعليمية الأساسية.

هذا الواقع دفع مئات العائلات إلى المخيمات مرة أخرى، في "نزوح عكسي" نحو مناطق أخرى تتوفر فيها فرص تعليم أفضل، ما أدى إلى تفاقم أزمة التسرب المدرسي وزيادة معدلات عمالة الأطفال. كما أن غياب الدعم المؤسساتي وضعف إمكانات المجالس المحلية جعلا الأهالي يواجهون التحديات بشكل مباشر.

إذ لجأوا في أكثر من بلدة وقرية إلى حلول بديلة مثل استخدام الخيام والكرفانات أو تحويل المساجد والمنازل إلى فصول مؤقتة، في محاولة للحفاظ على حق أبنائهم في التعليم ومنع ضياع جيل كامل.

في هذا السياق، تبرز مبادرة البوابية كجزء من حراك أهلي أوسع في الشمال السوري، حيث يسعى الأهالي إلى سد الفجوة التي خلفها غياب الدولة ومؤسساتها التعليمية، والتأكيد على أن التعليم يمثل أولوية قصوى بالنسبة لهم.

مشاركة المقال: