مع تعثر تنفيذ اتفاق 10 آذار الماضي بين الحكومة السورية و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، زادت تركيا من حدة لهجتها تجاه القضية الكردية في شمال شرق سوريا، مؤكدة على أهمية دمج القوات في الدولة المركزية، ومحذرة من دعم أي عمل عسكري إذا استمر التعطيل.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وخلال لقائه الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع في الدوحة على هامش "القمة العربية الإسلامية الطارئة"، يوم الاثنين 15 أيلول، أكد أن بلاده "تتابع الخطوات التي تجمع مختلف المكونات في سوريا"، وشدد على أهمية وحدة الأراضي السورية، وعلى ضرورة التزام "قسد" ببنود اتفاق 10 آذار الماضي مع دمشق.
ضغوط تركية متزايدة وتحذير من نفاد الصبر
أفاد مسؤول سوري رفيع لوكالة "رويترز" يوم الاثنين 15 أيلول، أن أنقرة بدأت تفقد صبرها إزاء التأخير، وأبلغت دمشق استعدادها لدعم أي عمل عسكري ضد "قسد"، التي تعتبرها امتدادًا لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيًا لديها. وأوضح المسؤول لـ"رويترز" أن دمشق طلبت من أنقرة تأجيل أي هجوم عسكري لإتاحة الفرصة لاستمرار المفاوضات. وأضاف المسؤول: "الموعد النهائي هو في الأساس حتى نهاية العام"، معتبرًا أن "دمشق تعتقد أن ترامب منح تركيا حرية التصرف لحل قضية الأمن الكردي".
تعثر الاتفاق ورفض كردي
اتفاق 10 آذار، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة، نص على تسليم الحكومة السورية السيطرة على موارد النفط والغاز والكهرباء في الشمال الشرقي، ودمج "قسد" في الجيش السوري، لكنه توقف بعد اعتراض "الإدارة الذاتية" على الإعلان الدستوري الذي أقره الرئيس الشرع، معتبرة أنه "لا يحمي حقوق الأقليات بشكل كافٍ".
وكان الرئيس الشرع قد ذكر في حوار مع قناة "الإخبارية السورية" الحكومية، في 13 أيلول، أن هناك تقدمًا في المفاوضات مع "قسد"، إلا أن هناك نوعًا من التعطيل أو التباطؤ في تنفيذ الاتفاق. وأشار الشرع إلى أن الاتفاق مع "قسد" محدد بمدة تنتهي مع نهاية العام، وأن دمشق كانت تسعى لتطبيق بنود الاتفاق بحلول نهاية شهر كانون الأول المقبل. وأكد الشرع أنه فعل كل ما يمكن لتجنب دخول مناطق شمال شرق سوريا، التي تسيطر عليها "قسد"، في معركة أو حرب، مضيفًا أن الحكومة وافقت على دمج "قسد" في الجيش السوري، وأن الجانبين اتفقا على بعض الخصوصيات للمناطق الكردية.
من جانبه، صرح عبد الوهاب خليل، عضو مجلس "قسد"، لوكالة "رويترز"، بأن القيادة الكردية تدعم الاندماج مع دمشق "بناءً على شراكة حقيقية والاعتراف الدستوري بكل مكونات سوريا"، مشيرًا إلى أن "الاندماج العسكري وحده غير كافٍ".
تحذير تركي في حال عدم الاندماج
كانت وزارة الدفاع التركية قد دعت، في 4 أيلول، "قسد" إلى الالتزام بالاندماج في الجيش السوري وفق اتفاق "10 آذار"، معتبرة أن عدم التزامها بتعهداتها يشكل خطرًا على وحدة سوريا وأمن تركيا القومي. ونقلت وكالة "الأناضول" التركية عن مصادر في وزارة الدفاع أن أنقرة "لن تسمح لقسد بتخريب مسار الاستقرار في سوريا"، وأنها ستواصل التعاون مع "الإدارة السورية الجديدة" في إطار مكافحة الإرهاب، ودعت "قسد" للتخلي عن أي عمل أو خطاب يمس بوحدة سوريا السياسية وسلامة أراضيها.
وأكدت مصادر الوزارة استعداد تركيا للمواجهة المسلحة في حال تعذر اندماج "قسد" بالجيش السوري، وقال المصدر العسكري: "أكدنا مرارًا وتكرارًا أننا لن نسمح لتنظيم قسد الإرهابي بتخريب مسيرة الاستقرار في سوريا، وأننا سنواصل بحزم مكافحة الإرهاب بالتعاون مع الإدارة السورية الجديدة".
انتظار استئناف المفاوضات مع دمشق
تنتظر "الإدارة الذاتية"، وهي الذراع الحكومية لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، تحديد مواعيد رسمية لاستئناف عقد لقاءات مباشرة مع ممثلي الحكومة السورية. وجاء ذلك في اجتماع الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في "الإدارة الذاتية"، إلهام أحمد، مع الوفد التفاوضي في مناطق شمال شرقي سوريا، لبحث مستجدات لقاءاتها الأخيرة في دمشق.
ونقل الموقع الرسمي لـ"الإدارة الذاتية"، في 4 أيلول، أن المجتمعين شددوا على التزام الوفد باستئناف مسار التفاوض مع الحكومة في دمشق، والتحضير عبر تشكيل اللجان التقنية لبدء مناقشات حول سبل دمج المؤسسات الإدارية والعسكرية. واعتبرت اللجنة أن اتفاق 10 آذار يعد قاعدة أساسية لمواصلة العمل المشترك بما يخدم استقرار سوريا. وكان اتفاق 10 آذار قد عقد بين الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، وقائد "قسد"، مظلوم عبدي، وقضى بدمج المؤسسات المدنية والعسكرية للأخيرة مع مؤسسات الدولة.