الأحد, 14 سبتمبر 2025 07:49 PM

تراجع جودة الدوبلاج السوري: من فن عريق إلى تجارة تخفض التكاليف

تراجع جودة الدوبلاج السوري: من فن عريق إلى تجارة تخفض التكاليف

تعتبر مهنة الدوبلاج من الفنون الصوتية البارزة التي أسهمت في تقديم المحتوى المرئي الأجنبي للجمهور العربي، وخاصة في سوريا التي كانت مركزًا إقليميًا لهذا الفن لعقود. منذ بداياتها في النصف الثاني من القرن العشرين، لعبت شركات الإنتاج السورية دورًا رائدًا في دبلجة المسلسلات الكرتونية والأفلام والمسلسلات الأجنبية إلى اللغة العربية الفصحى، بأسلوب احترافي عالي الجودة. وقد شكل هذا الفن قاعدة جماهيرية واسعة، وترك أثرًا كبيرًا في الذاكرة الثقافية لجيل كامل من المتابعين في العالم العربي.

على الرغم من التحديات الاقتصادية والسياسية التي مرت بها البلاد، لا يزال فنانو الدوبلاج السوريون يتميزون في الأداء وقدرتهم على نقل المشاعر بدقة، مما منح الأصوات السورية مكانة خاصة في عالم الدوبلاج العربي. لكن، لم تعد مهنة الدوبلاج كما كانت في السابق.

يقول السيناريست ومؤدي الدوبلاج مجد عبيسي لـ"الوطن": "واجهت المهنة تقلبات بسبب التذبذب في سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الليرة السورية، مما أدى إلى خلافات بين الشركات والفنانين والفنيين. لذا اتجه الممثلون إلى لجنة صناعة السينما والتلفزيون مطالبين بتثبيت أجورهم لتقليل تفاوتها. وبالفعل، تم تحديد نسب معينة لأجور الممثلين، مما حمل شركات الإنتاج أعباءً كبيرة، حيث ارتفعت تكاليف وأجور مؤديي الصوت بشكل كبير، في حين ظلت أجور باقي أفراد الطاقم والفنيين غير مُجزية وغير مُوحّدة".

وأضاف عبيسي أن غياب الضوابط الخاصة بترخيص شركات الدوبلاج زاد الوضع سوءًا. فبعد أن كانت الشركات الاحترافية تنتج أعمالًا رائدة، ومع تبني شركة "نيتفلكس" للهجة السورية في الدوبلاج، دخل كثيرون إلى هذا المجال، مما أفسح المجال لغير المتخصصين للعبث بأساسيات المهنة والتعامل معها بعشوائية. هذه الشركات الجديدة لم تلتزم باتفاقيات لجنة صناعة السينما والتلفزيون ولا بأي معايير مهنية، فاستعانت بممثلين مغمورين أو قليلي الخبرة والمهارة، مما أدى إلى انخفاض الجودة، وتحولت المهنة من فن إلى تجارة، وأصبحت المنافسة تجارية بحتة قائمة على تخفيض التكاليف.

من جانبه، قال المخرج المتخصص في فن الدوبلاج نديم سليمان لـ"الوطن": "المهنة أصبحت شبه محمية بعد أن أُدرجت تحت غطاء نقابة الفنانين قبل سنوات، وإن كانت تلك الحماية اسمية فقط. فشركات الدوبلاج تستقطب الأعمال من دول خارجية عبر وسطاء يستحوذون على ما يزيد على 70 بالمئة من المبالغ المدفوعة، مما لا يترك هامش ربح حقيقيًا للشركات، وبالتالي يتم التعدي على أجور الفنانين والفنيين والعاملين في إنتاج هذه الأعمال، فدخلت المهنة في مسار مُنحدر".

وناشد سليمان الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارتا الإعلام والثقافة، إلى جانب نقابة الفنانين ولجنة صناعة السينما والتلفزيون، لوضع ضوابط واضحة وصياغة تشريعات تحمي حقوق العاملين في هذا القطاع. وأوضح أن الشركات، في سبيل إرضاء الوسطاء وضمان استمرار حصولها على الأعمال، تلجأ إلى تقليص أجور العاملين، والتوجه إلى الاستعانة بأشخاص أقل خبرة لتقليل النفقات. وفي حال طالب أحد الممثلين أو الفنيين الذين قضوا سنوات طويلة في هذا المجال بأجر يتناسب مع خبرته، يُخيّر بين القبول بالشروط الجديدة أو مغادرة العمل، لأن البدائل متوافرة وبأجور أقل.

مصعب أيوب

مشاركة المقال: